شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المَرأة
ـ شيء يشرح الصدر، ويتنفس به النفس الأمل والمرحب، حتى ليشعر الناظر إليه بأنه يقتل اليأس بحياة الأمل!!
لقد افتتح بعد عصر أمس سمو الأمير مشعل بن عبد العزيز معرضاً شاملاً في دار الحنان، جمع جهد الفتاة - نماذج من الفن والزخرف والديكور والصناعة لما يؤكل، والصناعة لما هو نموذج لآلة..
فرأيت الناس الزائرين المدعوين يلتفون حول كل معروض، يلتفتون إلى نوعه وكمه وجماله، غير أن بعضهم التفت إلى عملية التقدم بتشجيع هؤلاء، وبالأصح ((أولئكن)) البنات.
تقرأ الدرس عملاً لفكر، تغذية لذهن، إثارة لوجدان، وتعمل باليد حركة اليقظة لذاكرة اللمس، وداعية التمسك بما تصنعه صغيراً اليوم لتصنعه كبيراً غداً..
يقظة في فكر البنت، الزوج، الأم، المعلمة، وسلطان في يدها تعرف به كيف تمسك بالآلة.. مطرقة، مقصاً، منشاراً، فرشاة، مقلاة، فرناً.. تصلح نافذة، تدهن جداراً، تزركش غطاء، تقدم على المائدة ما تستغني به عن المعلبات، تخيط لبنتها غداً الحلو الجميل الفرحة.
الآلة، كل الآلة في يد الفتاة معناه توفير المال.. وحياة الإنسان في فراغ يقتل لو لم يعمل الإنسان عملاً نافعاً فيه..
الإبرة.. حياة، كانت تعطي ثروة أيام زمان حينما كان البنات يشتغلن اللف، النسلة، المنيباري، طوافي السيم، البراقع، حلية الملاءة، والبرقع..
ليس هو الجديد عمل البنت، كل الجديد أنه يتطور، بالأمس كانت دابغة جلد، خارزة غرب، فاتلة زمام وارشية، ناسجة من الشعر الزولية والشملة وبيت الشعر، والصفتة والخرج وحلية الشداد..
صانعة الجبن والمغبر، هي صانعة الكيك والبسكويت، والتريكو..
أحيي دار الحنان في شخص ناظرتها ومعلماتها..
والتحية من قبل ومن بعد لراعيتها، التي لم تأل جهداً إلا وبذلته حماها الله بقدر ما صنعت وحمت للبنات العلم والصناعة اليدوية..
إن دار الحنان أعطتنا الفتاة التي سلكت طريقها إلى مراحل أكبر في العلم والمعرفة.
كل الذين يرعون بيت العلم، إنما هم في رعاية من رحمة الله، فالراحمون يرحمهم الله، ولا شيء خير من رحمة الفتى والفتاة بنور العلم الهادي إلى خير، العامل بإيمان، الخادم تراثه وتاريخه ووطنه.
• وكانوا ثلاثة في ((كفتيريا)).. الفندق الكبير يغص بالسواح والمستريحين والفضوليين والطامعين والحيارى، فصادق ذلك الكاتب، سمى الحياة فندقاً كبيراً.
تصور المدينة وشوارعها الغاصة بالرجال والأطفال والنساء، تعرف الفندق بأنه دنيا أخرى تعيش في مدينة.
وطلبوا مشروبهم المفضل.. شاي بالليمون، فالوقت عصر، وهم يشربون الليمون بعد العصر!!
هم أحمد ومحمد والياس.
وجاءت تضع الشيء تحمله في يدها على الطاولة الشاي وبطاقة الحساب!!
أما الشيء الثالث الذي تواضعت في صناعته تواً، لا تأخير فيه فإحساس بها. نحوها بالاحترام المشوب باللهفة.. فلا جمال يبهر في تقاسيم، ولا فتنة تقهر في لفتة باهرة، ولا تبذل في حركة مفتعلة هامدة.. تتكسر بها الأنثى.. وإنما هو منها فيها الآخذ بكل ما هو أصيل منسق متسق في قوامها وقيامها ومقامها.
ـ وهنا قال أحمد: ماذا فيها؟
ـ فقال الياس: السؤال ليس هو ماذا فيها؟ وإنما هو ماذا به.. ليكون الجواب هي فيه.. حلت وما تخلت!!
واسترد أحمد أنفاسه الباهتة اللاهتة من سعير بارد ليتوقد في حرارة ما تنفعل به نفسه، فما كان يستروح كلمة سمعها حتى قال أحمد: معذور هو.. أهي لسعة عارضة؟ أم دفعة لا مفر منها ولا خلاص؟
ـ وقال محمد: أتحسبني مثلك أشوي القطة المتنمرة.. كأنها من أولاد …).. إنك تأكلها وهي تنهش عينيك بسعار السبع.. إنها يا أحمد شرسة الجسد، غائمة المنظر، نائمة الطموح، تخربشك بصحوتها العارمة.. تأكل بها عاطفة كنت تسمو بها إلى فوق.. لتأكل أنت منها نزوة ساقطة إلى تحت.. أما ((ل. ق)) فشيء سمح مرح.. فلا تلمني.
ـ وقال أحمد: أتريدني أترك الشحم واللحم إلى هيكل من عظم؟
ـ قلت: لقد نزعت إلى عرق.. فأنت تمشي بقهر الوراثة.. فلا أريد أن أتأفرق مثلك.. فخذ آكلة ((المغلط)) و((المفتقة)) و((لوزة)) البقرة، والفطير المشلتت المعجون بشحم ((اللية)).
• فوزية أبو خالد؟!.. فوزية أبو خالد؟!..
فتاة أعرفها من خلال ما تكتب إليَّ حينما استطلعت رأيي قبل ثلاثة أعوام.. معرفتي بها عن طريق القرطاس، والقلم.. عن طريق التلفون، وليست هي معرفة رؤية، وإن كنت أنا كأبيها.. هي قالت: أنا جدها.. لعلّ صغرى حفيداتي - وهي زميلة لها في المدرسة - في مثل سنها.. أبوها من العارض.. من اليمامة المشمخرة.. أمها من مكة.. ومن الوادي.. كأنما اليمامة قد عانقت خندقة وقعيقعان..
دعوني لأقسم بأن أرضكم، وجبالكم تعشق بعضها.. تحن إلى بعضها أكثر من حنينكم.. لأنها تعرف أن كل هذا الثرى تراب واحد، ولكنكم لا تعرفونه!
تكلمت معها بالتليفون.. قلت لها: أنت أحضرت في ذهني ذلك النجدي - الحجازي.. فارس بني هلال.. أبوه من نجد، وأمه خضرة الشريفة من مكة.. قاتل الله من يفرق هذا التراب.. من يبعثر هذا التراب!
أكتب عنها اليوم.. لأن بعض ((الأغيلمة)) من سفهاء الأحلام يحسبون أنها لا تكتب لنفسها. وإنما يكتب لها غيرها، وهذا كذب.. فسوق في الرأي من فسوق في النفوس، وحتى الأنثى أختها تكتب عن ذلك؟.. تكنى.. وترمز.. إن هذه - وأعني أختها - كاتبة اليوم، ولكنها قبل أعوام لم تجرؤ أن تنشر شيئاً حتى جعلت بعض كاتبينا السفراء يعطونها جواز المرور لأن تنشر.. فهل هم حين فعلوا ذلك كتبوا لها؟!
عيب.. فوزية تكتب لنفسها.. أعرف هذا قبل سنوات.. دفعت بعضه إلى ((البلاد)) فنشر.. دعونا - يا سفهاء الأحلام.. يا عجائز الأفراح.. من الكلام الفارغ.. إن هذه الفتاة ينبغي أن نحترمها.. نعطيها الفرصة.. فمن العيب أن نضع الغصص في طريق هذا النشء.. هذه البراعم!
تحيتي لفوزية أبو خالد.. ولا عتب لي إلا على أختها التي كنت أجيرها أن تكون مثل غيرها!!
• صورة:
ـ لا يعيب المرأة أن تفضح معايب رجل لأن في هذا إنقاذاً لغيرها.. ولا تستطيع المرأة أن تصدق نفسها لتعيب أختها.. لأنها تخاف أن يرجع إليها العيب!
ويعيب الرجل أن يفضح معايب امرأة لأن في هذا فضحاً لأخلاقه، وسلوكه قبل أن يكون بياناً عن أخلاقها!!
ـ طفولة أن نصف النملة بالجنون.. فالنمل يتمتع بإدراك عاقل.. لا يعقله إلا حكيم ذكي، ولا تسمعه إلا أذن نبي!!
ـ المجنون العاقل.. هو الذي يرى كل الناس عقلاء لا مجانين، والعاقل المجنون هو الذي يرى كل الناس مجانين في أثواب العقلاء.. ثم يرى نفسه العاقل الوحيد!!
ـ حينما أذهب إلى البيت يكون طريقي من شارع أبو عبيدة.. في هذا الشارع مدرسة للبنات، لم ألتفت إليها حتى أعرف اسمها.. لكن الذي لفتني إليها فشرح صدري رؤيتي للطالبات وهن خارجات منها في حشمة ووقار.. كل منهن أدلت جلاليبها عليها ساترة.. وأجمل ما في الستر الوقار في الشارع من وقارهن.. أظهر هذا كله أنهن المشاءات.. لا أتوبيس ولا ((أتوموبيل)).
وفرحت.. وقرأت قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (الفلق: 1) أكملت السورة كأنما هي الرقية أتقي بها فحيح الحسد.
والأنثى كل الأنثى في هذه الفتاة تتعلم.. تعطينا معنى القوة فيه.. كل القوة لنا.. سيدة بيت كأم تربي أولادها.. معلمة، كاتبة، شاعرة وطاهرة.
وتذكرت قيمة ما تعطيه فتاة.. تكتب لنا كلمة في جريدة.. أي جريدة سواء كانت وعلى سبيل المثال عكاظ أو اليمامة أو الرياض أو الندوة.. إنها تعطينا الاحترام لها، صاحبة رأي تبديه، والاقتداء بها اقتداء يحملها هي على أن تكون قدوة في مسلكها.. هناك عطاء كبير تجعلني لا أفتح صفحات الأدب لأقفله على الأسماء اللامعة في تاريخ أمتي، الخنساء رضي الله عنها، ليلى الأخيلية، ولادة، ملك ناصف، عائشة تيمور وحتى إذا أغلقت لا يجعلني ألتفت إلى الأسماء المعاصرة حملة الدكتوراه من كرائم بناتنا في أمتنا العربية.. وإنما بنات بلدي.
إني أول ما أقرأ في صحفنا لأغذي عاطفة الأبوة.. ولأنمي أفراح القلب لا أقرأ إلا هذه الكلمات للكاتبات من بناتنا.
وهناك.. ما الفرق بين أدب الأنثى وأدب الرجل؟..
لا فرق.. كله أدب.. لو نشرت مقالاً لفتاة دون توقيع لما عرفت أنه لأنثى.. ولو نشرت قصيدة كذلك.. ولو كتبت أنت مقالاً واستعرت توقيع فتاة لما رجع إليك، كان هذا رأيي.
وقد زدت ثباتاً عليه بهذا التأييد.. سمعته من الدكتورة سهير القلماوي قالت: لا فرق بين أدب المرأة والرجل.. الفرق كل الفرق هو الإمضاء تحت ما ينشر.
أعجبني رأي الدكتورة.. وقد كان رأيي.. ولعلّه رأي النابغة الذبياني في خناس قاله لها يوماً في عكاظ وقد أنشدته شعرها: لولا أن الأعشى سبقك لفضلتك على شعراء هذا الموسم.
وأخيراً فما دمنا أنا علمناها.. ينبغي أن نتعلم منها فلندعها تكتب كل ما نرجوه أن يكون ما يكتب التزاماً بما تعتقده.. ولزاماً بما يصلح لنا.
لا خوف فالمرأة حريصة على أن تكون السيدة في الثناء عليها. كما هي الزوجة في السكينة إليها.. كما هي الأم في الرحمة منها، اقرأوا لهن ليكون في عملكم المدد لهن عدة واستعداداً.. فإن كنتم الأغنياء عن المدد منهن فإنكم في حاجة إلى الامتداد لهن ليكون المدد منهن سعادة بيت.. رقي مجتمع.. حضارة أمة.. ارتفاع أدب.. أي إن المدد منهن لكم نفحات غير مباشرة.. أما منكم فهو النفع المباشر.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1093  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 574 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

المجموعة الكاملة لآثار الأديب السعودي الراحل

[محمد سعيد عبد المقصود خوجه (1324هـ - 1360هـ): 2001]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج