شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عادات وعيوب اجتماعيَّة
• ونشأ الفتى في قرية ذاق فيها حلاوة الطبع، وصراحة العشراء، ورقة القساة..
هم قساة من قسوة الحياة في القرية. قساة على أنفسهم من تذوق الصبر على مكاره الحياة. فالقرية دائماً تعطي المدينة كل ما تعيش به. بينما المدينة لا تعنى بأي التفاتة إلى القرية. كأنما هي السخرة المفروضة على القرية تعمل للسارحين في حلكة الليل. الناعمين في أضواء خافتة. كأنما هم في حلم. يصحون في تذوق الملاذ. ويغفون عن صانع الترفيه لهم.
وذاق متعة جارمة في صحوة الفتوة. فندم. يذهب إلى القس في الكنيسة!
وأعترف أمام كاهنها بالزلة ليعطيه الغفران.. لعبة الكهنوت. يسخرون من الناس ببيع الرحمة. ويسخرونهم عبيداً بشراء الجريمة، فهم وهم ودجل.
وتفرس رجل الكهنوت في هذا القس، شام فيه الذكاء.
وعرف بذكاء الكهنة أن لهذا الفتى شأناً بعد. فالكهنة لهم حساسة الفيران، يشمون الخطر من تطور الأحداث. فهم قراء الأماني والأفكار من كثرة ما علموا من أسرار الناس.
فطلب أن يكون الاعتراف مكتوباً لتكون المغفرة سرمدية لأن القس يدعو له كل يوم ما دام الاعتراف في ورقة لديه.
وكبر الفتى حتى أصبح من أبرز الرجال في المدينة. يقترح، ويقدم المشاريع للإصلاح. ومنها ما يمس الكهنوت.
وكبر القس حتى أصبح سيد الكهنوت في الدولة، وما كاد يسمع بمشروع الفتى حتى جاءه في ليلة.
ـ أيها الفتى المحترم. إنك ستلغي هذا المشروع.
ـ فقال الفتى: لا.. لا.. سأمضي به إلى النهاية!
ـ فقال القس الكردينال: أي نهاية؟ إنها نهاية المشروع في قبر هو صدرك. ألم تقرأ هذه الورقة؟ إنها بخطك.
وصرخ الفتى: سأذهب ماضياً في إنجاح مشروعي لأقتل هذا الدس والخداع في الكهنوت.
أبرز هذه الورقة. ستكون دليلي على خسة ما تفعلون.
• خبر غريب، ارتحت إليه، أنشره مع التعليق.. وأرجو أن يحظى بنقاش واستيعاب وفهم له.
ـ قالوا: إن بلداً كبيراً ومسلماً كثير السكان لا يبيع الكماليات أو حتى الضروريات بالتقسيط.. وإنما هي برسم الأجرة.. فمكائن الغسيل والمراوح والثلاجات وما إليها تؤجر بتعريفة معينة لطالبها.. وهذا يعني أن المستأجر ينتفع بها طوال حياتها معه، عنده، ثم هناك معنى امتلاك الشركات لها بأنها مطالبة بإصلاح ما تملك من هذا المستأجر فالمنتفع سالم من الإصلاح والصيانة والمصاريف العارضة لذلك.. لأن الشركة تؤجر وتقبض الأجرة.. وهي التي تلح وقد يكون هناك مبلغ إضافي للإصلاح إذا كان الخراب بفعل المستأجر.. شيء لم يتم له به علم.
فالخلاصة أنهم سلموا من شبهة الربا في التقسيط، فبعض الخيرين يستوحش من رفع القيمة على السلعة المبيعة لأجل.
ثم هناك السلامة من الشكاوى والدعاوى الناشئة عن البيع بالتقسيط.. وأكثر من ذلك حصر الاستعمال للضرورة الملحة لا للمفاخرة والتباهي..
وهناك أيضاً التعميم بهذه الآلات والأدوات والزينات وما إليها.. ففي قدرة الفقير والمقل أن يستأجر ويدفع الأجرة. حلالاً يدفعها.. حلالاً تقبضها الشركة والمحلات..
أنا لا أقول بإلغاء التقسيط، وإنما أدعو إلى وضع نظام للتأجير..
لقد اتبعنا التأجير المؤقت للكراسي وما إليها.. فإذا وضع نظام بشكل لطيف وحازم أمكن إدخال الحضارة لكثير من البيوت والأسر دون تضخم الآلة المدنية بهذا السرف.
صحيح أن الأجرة ستطيل الأمد حتى تستوفي الآلة قيمتها. لكن التعويض سيكون بالكثرة المستعملة المنتفعة بهذه الآلات..
ومرة أخرى هناك السلامات من تبديل التيار وقطع الغيار لا يرهق بهما المنتفع، لأن الشركة تعرف ما يصلح وما يكفي وما تصلح به أدواتها.
• الذباب ناقل لكثير من الأمراض.. نسأل الله السلامة منه. فقد أصبحت الحرب الساخنة التي كانت بيننا وبينه.. المتمثلة في حرقنا للقمائم، وقتله بالغازات الخانقة.. ((كالفليت)) وما إليه أصبحت هذه الحرب رغماً منا، وبانتصار الذباب علينا المعايشة الاستسلامية.. فقد استطاع أن ينتصر هذا الذباب لأن المحاربين في الجبهة وقيادة هؤلاء المحاربين قد أصيبت بنكسة.. كثرت القمائم واتسخت الشوارع فشبع الذباب وأمرع، وهو يستطيع أن يشكل في كل بيت منصة فضائية!!.. لأنه بالنسبة إلينا نحن سكان البيوت هو من رواد الفضاء.. يهبط على موائدنا كيف شاء.. يسقط على ملعقة الشاي.. في زبدية الشوربة.. فوق الخبز.. فوق السكر.. هو يحب الحلاوة!.. سواء كانت طعاماً أو هذا الدم الزكي النقي في الإنسان.. يمتص، ويقتص.. يمتص الحلاوة ويقتص بزراعة الميكروب..
ما دام هذا الوضع أصبحت المسؤولية على وزارة الصحة أكثر من البلديات!
إن الذباب يستملح الحلاوة حتى إنه ليلطم الخدود الناعمات.. ويتغازل مع السوق المنقرسات.. تصوروا خداً ناعماً تلطشه ذبابة فتلطشها اليد الناعمة؟.. تعقص الذبابة فوق هذا الخد.. يعني هذا ذوقاً؟!
رفقاً بالقوارير من هذا الذباب.. ورحمة بالمصابين بالنقرس يصرخون كما كان يصرخ الجاحظ، فلا يتخلصون من الذباب إلا بالأغطية!
تصوروا أن الخد الناعم إذا ما أصابه ((القرف)) كيف تصبح الحياة في شهر العسل؟!
غلطت وجبت سيرة العسل.. هذه من أخطائي كإنسان.. يسمع الذباب سيرة العسل، فيسقط على العروسين لأنه يحب العسل!!
الذباب.. لو عرفنا - وبجد أقول - وسيلة من وسائل الهزيمة في الشعوب المحاربة!
تصوروا لو فشا مرض من الأمراض التي ينقلها في المحاربين أو في من وراء المحاربين.. كيف يكتسب العدو النصر؟!
حاربوا الذباب بغير ((الفليت)) فقد أصبح ((الفليت)) لا ينفع لأن الذباب قد اكتسب المناعة كما تكتسب الشعوب المرهقة بطغيان الأعداء المناعة ضد الخوف!
أرجو من رئيس البلدية، ومدير الصحة أن يأخذاني معهما.. نلقي نظرة على النظافة في البلد، لعلّهما قد صانا بيتيهما من الذباب لكنها صيانة لا تحمي أحداً ما لم تكن صوناً للجميع، فالعدوى لا تعرف الحجز، والوباء لا يحجبه غطاء.. لكنها رحمة الله تجنبنا ذلك بما ودعته في هذه الشمس المحرقة تقتل الميكروبات، لو كان هذا الذباب في أرض لا شمس فيها لفعل، وفعل!!
• إذا حرص واحد منا على أن ينال حقه، أو أن يمتع نفسه بما يريح فإنه ينبغي له أن يحرص على حق الآخرين، وألا يشقيهم بما يتعبهم من تصرفاته.
لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
خالق الناس بخلق حسن.
عامل الناس بما تحب أن يعاملوك به.
فقد عملت عصر أمس جندي مرور، والسبب هو حرص البعض من راكبي السيارات. سائقين أو متفشخرين. أن يقفوا حيث شاءوا.. وأن يمروا قبل الآخرين. فلا يفكرون بما يضر غيرهم، أو يحول دون غيرهم أن يسيروا كما يحبون هم السير لأنفسهم.
في الشارع النافذ من أيسر الشارع الجديد المدخل من حارة اليمن إلى حارة الشام. الموصل إلى باحة البيت الكبير، بيت نصيف، والموصل من وسط المظلوم إلى دكان ((الشلبي)) أبيح للسيارات أن تذهب وأن تروح. شارع ضاق بالناس. فمن العسير أن تمر فيه سيارات ذاهبة راجعة لكن سد الطريق إلى باب مكة وما إليه ألزم بذلك. ضرورة يمكن استخدام الشارع من أجلها لو أنصف السائق ألا ((يدور)) سيارته في مدخل الشارع.
سائق كان يمكنه أن ينفذ من زقاق إلى المنشية. لكنه أبى فدوّر واستدار. وراءه سيارة، أمامه ((فيسبا)) السيارة التي وراءه واقفة. والفيسبا واقفة. وانسد الطريق فهو لا يستطيع الحركة. سيارات ذاهبة توقفت. سيارات راجعة توقفت. وليست منها سيارتي. فقد أوقفتها في براح في الشارع الأوسع ومشيت على رجلي.
ضقت ذرعاً بحيرة الناس، سألت لماذا لا تتحرك الفيسبا. خاطبت راكباً فيها بجانب السائق. نزل دون أن يرد جواباً كأني طلبت منه السير؟!
ـ قلت لسائق الفيسبا: تحرك مترين. يستطيع المدور أن يلف وتنتهي الأزمة. فسكت ولم يجب وتبرع المشاة: ((ما أنت شايف هي خربانة)).
ـ قلت: لأنها خربانة. يجب أن يدفعها صاحبها إلى البراح ويفسح المرفق العام. فليس هو أعني الشارع بالمكان المتسع للخربانين والخربانات.
• هل تصدق إذا قيل لك أن الخبز في الرياض والقصيم أكثر من خمسة أرغفة بالريال؟
لم أصدق ذلك لأن الفرق في أجور التحميل يجعلنا نعتقد أنه إن لم يقل عدد الأرغفة بالريال عن جدة فعلى أكثر التقدير يكون المساوي لا الأكثر..
صدقوا أو لا تصدقوا.. فاليقين أن خمسة أرغفة بريال في جدة أصبح مبدأً ثابتاً لا يتغير نتعلم منه الثبات..فقد وصل كيس الدقيق إلى أكثر من ثلاثين ريالاً أو فوق العشرين بما يقارب الثلاثين ريالاً.. والخبز خمسة بريال.. ونزل السعر إلى أقل من خمسة عشر ريالاً أو ستة عشر ريالاً للكيس من الدقيق، والخبز خمسة بريال.. أو أن الرغيف الواحد من خبز الحنطة الكبير اسماً بستة قروش..
ما سبب هذا الوقوف والثبات؟.
إهمال من الرقابة، وتواكل من الذين لا يراجعون البلدية!!
أضع هذا أمام بلدية جدة لتسأل.. لتراقب، لتحل مشكلة..
إذا كان هناك ادعاء بما يفرضه الأجر للفرن والدكان الكبير والعمال.. فإن التعويض لهذا الأجر وما إليه في القدر المبيع من الخبز.. الفرن الكبير قالوا له أن يعجن أكثر من خمسين كيس دقيق.. هذا القدر جزء من ربحه يكفي النفقة التي يحتجون بها..
وهناك وعن الخبز أيضاً الدقيق.. فبعضه مرّ ذو رائحة.. لقد رأيت فرناً كنت أشتري منه الخبز قد وضع أكداساً من أكياس الدقيق في العراء تحت الشمس والريح وربما المطر، فعدلت عن شراء الخبز منه.. والسبب مرارة الرغيف.
دقيق رخيص فاشترى هذه الكمية.. فهو إن لم يخبزه صرفاً يخضعه للخلط بدقيق آخر يستر عيبه بقدر يلزم به الغش.
حاسبوا ترى شيخ الفرانة من أعز الناس عندي سببها صلات كبيرة وغالية..
أرجو من البلدية أن تتحرك قليلاً فتنظر في سعر الرغيف ودقيق الرغيف.. فرمضان غداً أو بعد غد.. والصائم يجب أن يأكل ما يستأهله برياله.. ولا يرضى أن يؤكل جزء من هذا الريال..
ويريد أن يشتري لعياله خبزاً حلواً لا مرارة فيه..
وأضيفوا إلى ذلك الكنافة.. صانعها أصبح يغش.. دقيقها مر..
يا ناس ذوقوا لتعرفوا..
وهل أسأل الغرفة التجارية.. أم فرع التجارة بجدة؟..
كلهم لو تحركوا بذوق لطردوا الدقيق المر وألقوا به في البحر..
• التسعير مرفوع. فلا تفرض تسعيرة على سلعة، أو على بائع.
هذا مبدأ أساسي من حرية التعامل، لكن هناك تسعيرة تذاع في الإذاعة.. يظنها بعض السامعين على أنها تقنين لسعر مفروض يلزم به بائع السلعة المسعرة، وهم معذورون في هذا الظن الحسن بالتسعيرة المذاعة.. أما غيرهم وقد أكون واحداً منهم فلا يظنونها. أو لا أظنها إلا خبراً يذاع لإعلام السامعين بوجود السلعة المعلن عنها، والإخبار عن ثمنها، وذلك بدليل هو أن الأسعار المذاعة تختلف بين سوق وأخرى، وبين دكان وآخر..
يعني أن فرض السعر يدعو إلى عدم الاختلاف.. أما الخبر عن السعر فلا يمنع الاختلاف، ولا يعد عيباً منتقداً..
ولكن عندي سؤال تحيرني الإجابة عنه!!
حينما تنجم أزمة في مكان ما، وهذا المكان ما نجلب منه مأكولاً يومياً.. بصلاً، ثوماً.. بطاطس وما إلى ذلك.. وتحدث فيه أزمة يشم البائع بالجملة يعني تاجر البضاعة رائحة الأزمة ومنعها للاستيراد من هذا البلد. فلا تكاد تمر دقيقة على سماعه خبر الأزمة إلا ويرفع سعر البصل والبطاطس!!
الخبر عن الأزمة أذيع في الليل، وتذهب صباحاً إلى ((الحلقة)) والسوق وتجد المخزون الوارد قبل الأزمة، قد لبس سعراً فاحشاً.. ليه زاد؟.. ما هو يجي من لبنان؟..
بكل هذه الجرأة يقول لك.. أصبح ما يجي البصل من لبنان..
لم يتذكر لأن غيره لم يذكره بأنه مستورد قبل الأزمة.. فلا ينبغي له أن يستغل المنع المتوقع فيرفع سعر المخزون!!
الأزمات أكثر مما تحصر، وقد يأتي غيرها، فلعلّي لا أبالغ إذا ما طلبت تدخلاً لحصر كل ما هو موجود من أي سلعة حتى نعرف على أي أساس نتصرف حينما تدعو الحاجة..
إن ترك الخزانة والمستغلين سواء كانوا تجاراً أو أن أكثرهم من غير التجار يتحينون أخبار الأزمات فيدخلون السوق شارين بسعر ليحجزوا ويبيعوا بسعر فاحش.. فما أظن ذلك إلا أنه ضار بالعامة التي تسأل عن زيادة قرش في السلعة فكيف بمضاعفة السعر.. لو كان مجلوباً بهذا السعر لهان الأمر.. لكنه موجود في البلد فقبل ساعة اشتراه واحد بسعر، وبعد ساعة يتضاعف السعر!!
العامة تحتاج إلى حماية من شيء هو أسوأ من تلقي الركبان..
إن تلقي الأخبار هو من نوع التلقي للركبان، النتيجة منه غلاء الأسعار.. والتلاعب بها.
• حينما تدخل إلى مكان - أي مكان - على صاحب، أو أصحاب، تعرفه، أو لا تعرفه تقول: السلام عليكم. تحية مسلمة.. تتبرع بها أدباً لدخول المجالس، ويفرض على واحد منهم الرد نيابة عن الآخرين.
هذه الطريقة نجدها عميقة، وعملية في عامة الناس، ولكن بعض الخاصة من الناس يدخلون على مجلس فيه صحاب لهم، ومن أوزانهم، أو معهم غيرهم. فلا يلقون التحية السلام.. كأنهم يريدون أن يتمثل لهم الناس قياماً!.. إن تعجب فاعجب بأنهم من الذين يفترض فيهم إشاعة الدعوة إلى الخير، ومنها إفشاء السلام.. هم يعلمونه في دروسهم، لكنهم في تعاملهم ينسونه.. شيء من الورم، أو هو الشيء من الورقة البيضاء أعطوها لأنفسهم كأنها صكوك غفران تحميهم من العتاب، أو مما هو أعظم.
أسلوب كنسي، وكهنوتية لا تليق بأمة مسلمة!!
أو هو أسلوب عنفواني على طريقة: نحن هنا…
عجبت.. لكني ترحمت على الذين كان لا يفوتهم ذلك، وسألت الله أن يصلح الأمر لهؤلاء.
كنت مرة أجلس في مكان، فأقبل شيخ لباسه من السواد لأنه من أهل السواد.. دخل مجلسنا، وجلس على كرسيه في صالة الأوتيل تكاد أيدينا تلمس يديه. كأنما الركبة تحتك بالركبة.. أردت أن أترك الموضوع لا أسأله: لماذا؟!.. لكن ورقة سقطت عرفت منها اسمه، فقمت تواً لأعود لحظتها فأجهر بالسلام، فكان أول من رد هو!
عجيب؟!.. إذن هو من العارفين؟!.. كان كذلك..
هو السيد الجليل العلامة النبيل.. أحد شعراء العراق.. عضو مجمع اللغة ((محمد رضا الشبيبي)) قلت له:
ـ دخلت علينا ولم تسلم.. لماذا؟!
ـ قال: لا أجد عذراً، فمعذرة!
ـ قلت له: أولست القائل:
فتنة الناس - وقينا الفتنا
باطن الحمد، ومكذوب الثنا
هذا رجل كبير يعترف أنه أخطأ حينما لم يرد السلام.. حين وجد من يناقشه.. كانت المناقشة حباً في أن يبقى هذا الخلق - السلام - وكانت الكرامة منه حباً لهذا الحب.
ما أجمل الكبراء حينما يتواضعون!!
• اليوم صنعت لنفسي عملية جفاف أو تجليف.. على طريقة صديقنا ((أحمد لاري)) - يرحمه الله - كان يقول لنا: ينبغي على الساكن في جدة أن يغيب عنها شهراً إلى بلد جاف.. يابس لتزول هذه الرطوبة.. ليس عن الجلد فحسب.. وإنما عن العظام!!
وكان رحمه الله يعمل بهذه النصيحة.. إذا لم يستطع أن يسافر يصعد إلى مكة فينام تحت السماء في الصيف.. يفر من الرطوبة والمكيف.. ويظهر أن ((أمين المميز)) سفير العراق السابق قد أخذ هذه النصيحة من ((أحمد لاري)) وذكرها في كتابه.. وهي لم تذكر من الاثنين عن طريق المعابة.. ولم أسر على هذه النصيحة غير أني اليوم شعرت بصحتها.. فقد طلعت إلى مكة فشعرت بشيء من الجفاف على الجلد: بشيء من الترطب في النفس!..
ولو أمكنتني الفرص لسلكت أسلوب اللاري.. ولعلّها تمكن فيما بعد.
ونزلت إلى جدة رأيت ظاهرة أعجبتني.. فقد انصرف كثير من الناس عن طريق المدينة المزدحم والمضطرب بسلوك السائقين فيه.. فذهبوا عنه إلى طريق مكة..
فمن بعد الخزانات، ترى السيارات، والأطفال والأمهات والآباء ينسربون على الرمل.. يسرقون الجفاف من فوق الهشيم.. لم تعد تصلح لهم أبحر.. لأنها أصبحت ((زحمة)) أكثر من اللازم بالناس.. بالجدران، وبالاستحواذ الحوشي.. كل حوش طوله ألف وعرضه ألف كأنما هي حواجز عن البحر.. فانصرفوا من الزحام ومن الرطوبة ومن ضيق الصدر بالحواجز إلى طريق مكة.. عملية توزيع صنعها الناس لأنفسهم.
حبذا لو تنتشر هناك ملاعب للأطفال.. حديقة كبيرة.. وراءها خزانات مباحة للجميع على قسميها.. قسم للنساء والأطفال وقسم للرجال.. وحبذا أكثر لو عملت توزيعة أخرى في الساحل الجنوبي يخف به الضغط على أبحر.. والزحام عن طريق المدينة!..
• وكم مرة كتبت عن التسويق للناتج الوطني! ولا ينبغي أن أمل الكتابة عنه، فالواجب يقتضي مني أن لا أنط وأعرض، لعلّي أجد أذناً مصغية..
هي إذن ثلاث.. وزارة الزراعة.. وزارة التجارة.. ملاك الثلاجات الذين يصونون المستورد من خارج البلاد، ولا يساهمون بالدخول إلى السوق شارين ليحفظوا السعر عن الهبوط المجحف، والتصعيد الفاحش، مساهمة وطنية وتجارية..
فمثلاً الفلفل الأحمر، وهو غذاء، ومادة أساسية يحتاجها كل بيت على مائدته ومطبخه.
فقبل أيام شرينا الصندوق.. وزن خمسة كيلو أو أكثر بريال واحد، لأن الوارد عرض في السوق بأكثر من العادة، بأكثر مما اشتراه ((الخضرية)) يوزعونه بالقطاعي!!
وفي يوم بعده لم يبعد أصبح هذا الصندوق بخمسة ريالات.. أي إن الكيلو أولاً بيع بربع ريال، وفي هذا دمار للزارع، لا تفي القيمة بأجور الحمل وما إلى ذلك، فكيف بقيمة ما أنفق عليه حتى نزول السوق.. وفي المرة الثانية بيع الكيلو بريال، وهو سعر متزن أقل من سعر الوارد المحجوز في الثلاجات.. وحين نقص الوارد أصبح الكيلو بريال ونصف وأكثر..
هذا الاختلاف سببه عدم التسويق في السعر والتوزيع على المدن والتصدير لكل جهة ومقدار ما تستهلك..
ومثل آخر أخبرني من لا أكذبه.. رجل كبير القيمة قال: نزلت إلى السوق كمية من التمر. فعرضها الدلال في المزاد، فكانت سبعين كيساً تمراً.. فرسا المزاد بقيمة الكيس خمسة ريالات.. ثمن بخس معناه القضاء على عمتنا وزادنا نحن العرب.. النخلة.
ذهب صناع الخل، ذهب الحيوان المعلّف تمراً، ذهبت الشيكولاته والحلويات المستوردة بالتمر تلقي به بعيداً..
والسبب يرجع إلى العمالة. والعمال، والتسويق والتصنيع، الاستيراد المفتوح، لنضع خطاً مشيراً إلى هذه الأمور كحالات ثم تخطط لها علاجاً..
أحسبني لا أنسى الجبن..
هو القليل الوارد، يحظى بفرض تسعيرة جبرية عليه.. إنكم لا تسعرون أي منتوج وطني غير الجبن في رمضان حينما يشتريه الناس كموسم له..
اتركوا الجبن مثل غيره يربح جدتنا الصانعة. الباقية من صانعات الخير..
وأحسبني مرة ثانية في نظر بعضهم متجاوزاً ما يفرضه واقع الحياة!
لا.. لا.. نحن الذين نصنع كثيراً من الواقع القاهر لثروتنا وجهدنا.. إن الاستسلام لشيء اسمه الواقع، لن يكتب السلامة لاقتصاد وزراعة وصناعة.
شيء من التنظيم يرفع عن كاهل الزراع والمستهلكين!..
الإجحاف والفحش.. لا ضرر، ولا ضرار!
• القصيم.. القصيم.. يتحدث كل قادم منه عن وفرة الماء، وعن نجاح الزراعة.. يضيفون إليه شيئاً جديداً إنه بدأ يصدر ما ينتج إلى الرياض وإلى إخوتنا في الخليج، وحتى صدّر إلى بيروت.. يصدر أكثر من مائتي سيارة كبيرة من الخضروات، والباذنجان، والبطيخ والثوم، والبصل.
هذا خبر يرويه كبار وصغار، ولكن هل هو الجديد.. خبر عن القصيم؟
.. وإذا لم يكن هو الجديد في الخبر فما هو المتجدد للأثر، أو التأثير؟..
القصيم على حوض نهر جوفي فيه الماء الغزير الوفير المتدفق.. رأيناه اليوم نستخرجه بالآلة، ورآه آباؤنا من زمن بعيد، فهناك مثلاً في الجاهلية الأولى يقول: ((إذا سالت الرمة ربعت العرب)). والرمة عودنا أن يسيل فيرتع طلاب الكلأ.. أهل النجعة، واليوم.. الرمة بدأ ينبع من الأرض لترتع الجزيرة كلها في خيرات القصيم.
كنا قبل سنين وسنين نسمي القصيم ((أوكرانيا)) بلاد العرب.. لأنه الأرض الخصبة.. فيها الماء الخصيب كأنها هي حوض النيل، أو حوض المسيسبي، أو حوض السند والكنج.. هذا النهر في الأرض.. أعطانا الخير من قبل، وقد كتبت أكثر من مرة عن ذلك.. أعيده اليوم لتعرف السبب الذي سمينا القصيم من أجله ((أوكرانيا))..
فلقد شهدت شبع قومي في المدينة المنورة ومن حولها من حنطة القصيم.. تأتي الحنطة منه بوفرة تغني.. كانت المدينة في مجاعة.. في حالين مضيا.. في الحالة الأولى: لم تكد تفتح للحاكمين الجدد إلا والجمال السود تحمل ((العدل)) الأسود.. العيبة السوداء ملآنة ((باللقيم)) والحنطة.. فتأكل بعد جوع، فلا أدري أين ذهب ذلك الخير؟.. هو لم يذهب من النفوس، ولا من الأرض وإنما أذهبه صارف من هذه الصوارف.. يجعلنا في بعض الأحيان نأكل ((الدردي))! دقيقاً مسوساً معطفاً.. مخزوناً، وبالأحرى مرتفع الثمن.. فوضى الاستيراد، والغفلة عن حماية الزراع.. بل واسميه التقاعس عن معونته، ولا أتهم الدولة فقد صنعت للزراع الكثير، وإنما أريد أن أناقش فقد صنعت للزراع الكثير، وإنما أريد أن أناقش رأس المال.. ماذا صنع من معونه.. لهذا القصيم؟..
لا أريدها مالاً يصب في الأرض، ولا قروضاً تعطى، وإنما أريده الاستثمار.. بالتعاقد والتوثيق.. أريد من أصحاب الثلاجات أن يتوجهوا نحو القصيم، فلا عذر لهم بعد تنظيم الطريق وتمهيده بخط مسفلت.. أصحاب الثلاجات عليهم أن يكونوا المسوقين لهذا الإنتاج، وليس هناك ما يمنع وزارة الزراعة - ولا وزارة التجارة أن تتفاهم مع أصحاب الثلاجات.
قبل عام أو عامين اشتريت كيلو الثوم بثلاثة عشر ريالاً.. وهو في القصيم ((بلاش)) ومثله البصل، والقوطة أصبحت في ارتفاع وانخفاض كأنما أصابتها أزمة الأسترليني أو أزمة الذهب!..
نستطيع في هذه المدن أن نستهلك إنتاج القصيم بسعر أقل من هذا المستورد، وبسعر مناسب ينعش المزارعين في القصيم، قد لا يتحرك فرد واحد لهذا الأمر.. فالرجاء أن تتحرك وزارة الزراعة ووزارة التجارة لتحرك الذين لم يتحركوا بعد!!
• الالتزام ما هو؟
كثير من الكلام يقال عنه، حتى لقد عدوا منه هذا السؤال في باطنه جوابه..
والسؤال في باطنه جوابه هو..
هل الأدب للرغيف؟ أم هو لآكل الرغيف؟
الرغيف مادة بها حياة معدة. وقوام حياة الجسد. لكن أكل الرغيف هو حياة الحياة، ومادة العيش..
آكل الرغيف الإنسان ليس كله معدة، وإنما هو فكر وقلب واتجاه وعمل ومصير وعراك وفشل ونصر. حتى الموت حياة جديدة بعمله الذي أقامه. أو بعمله الذي ينتظره في معاده..
كثير من الكلام عن الالتزام قرأته، وحاورت فيه.. وكل الخلاف بيني وبين هؤلاء هو.. أنهم يفهمون الالتزام على أنه مثالية تنسف الواقع، وتطرد الحاضر وتضع دستور المستقبل.. كأنما المستقبل هو الشيء الجديد بذاته لذاته.. لا تكون دعائمه على ركائز من ماض وخلق وتراث وتاريخ.
هذا لا أقرأه، فالالتزام أعرفه، هو اتخاذ الموقف لمواجهة الخيال المثل مع الواقع العمل.
الالتزام يعني الثبات على دعائم من مبادئ الجماعة، تشد أزرها وتوائم ما تريده لها من تطور وتقدم. فلا تعصف ولا تنسف ولا تطفر.
الالتزام اتجاه الفرد في اتجاه الجماعة، وتوجيه الجماعة للمثل التي يراها الفرد صالحة لحاضره.. عملاً لمستقبله.
أما الانفرادية أو هي الشذوذ بدعوى الالتزام فهذا شيء لا يطرح نفسه مادة عمل.. وقوام أحياء.
أنا ملتزم في اتجاه الجماعة لتوجيه الجماعة.. لا لتخوينها أو تهوينها أو الحرب عليها.
• وكنت أحد المرحبين بنظام العمل والعمال، ظهر في حينه كدعامة من دعائم التنمية والتقدم. فقد منح نظام العمل والعمال المجتمع بجميع أشكاله وأسره ومرافقه الواجبات، لأنه حدد مسؤولية العامل، ومسؤولية المعمل.. فرداً وشركة ومؤسسة ووسيطاً.
ونظام التأمينات المكمل دربنا لنظام العمل والعمال قد أوضح الحقوق للعمال، فأعطاه الرعاية في أشكالها المتنوعة، والمتعددة، والناجمة عن العجز والمرض والشيخوخة، والتقاعد والعطب وحتى نتائج التعاقد.
فأمسكنا البداية المتطورة لمجتمع نام.. لأنه جعل الجماعة كل الجماعة مسؤولة عن تطبيق هذا النظام المتكامل!!
فلا فائدة من نظام لا يخضع للتطبيق، إما لأنه غير ملائم أو غير وافٍ، وإما أن يكون هناك رفض من أناس يريدون أن تسير الجماعة على هواهم، يكسبون التشريف والثراء، ولا يعطون التكليف حق الوفاء بما ينمي المجتمع حضارياً في عصر تزاحمت فيه المصالح إلى حد مربك ومزعج ومثير، وتراكمت المفاسد إلى حد موجع ومرهق.
إن المجتمع يشعر بصحة ورشاد حينما يخضع لنظام يحدد الواجب ويصون الحقوق.
والدولة عرفت ما تريد، وضعت ما يحسن، وأفلحت حينما سبقت بهذه الدعامة المنمية لبداية التنمية.
إن التنمية تتم بأمان حينما يشعر العامل بعدم الإجحاف.. وحينما يشعر صاحب المال بضمان الاستقامة والأمن بهذه الواجبات التي أعطيت له على العامل. هي عملية أخذ منه لعطاء. يعني يعطى هو مقابل ما يؤخذ منه.
وإن الذين فرحوا بهذا النظام لم يفرحوا لأنه كسب للعامل فحسب وإنما لأنه تأسيس لضمانات مؤكدة كصمامات أمن.
أما إذا كان هناك من لم يغتبط بظهوره وإبرازه بهذا الشكل والموضوع المتكاملين، فإنه في ظني خاطئ في حق الأمانة التي هو مسؤول عنها.. سواء كان ذلك بالنسبة لعمله الخاص، أو هي للعمل المسؤول عنه كمدير أمين يمثل الشركاء والمؤسسين أو بالأحرى من حق الجماعة التي هو عضو فيها.
العرضحالات، أو المحامين المستجدين لذلك!!
السطح بعد أن كانت مغطاة!! إن هذا الإبراز سيشعر الجماعة بصحة وسلامة ووقاية، الوضوح، الوضوح، والجهر، الجهر، إنصاف للجماعة لنفسها، فلا يأتيه المغطى بما يفاجئ!!
وصحيح أن هناك ستكون عقابيل ومشاكل وتأثيرات، فإنها ستأتي من وراء الجهل، ومن عبث المغرضين.. ومن استغلال كتاب العرضحالات، أو المحامين.
لكن التحديد الصريح، والسلطان اليقظ والقوى سيحدد الحواجز التي تمنع التلاعب والعبث والنكول والفوضى.. فالنظام كلمة تعني القضاء على الفوضى.
أرحب بهذا النظام المتكامل دعامة من دعائم التنمية لمجتمع نام.. يسعى جهده أن يعمر. وأن يحول دون المرهقات سواء كانت من أحلام المراهقين أو من تصرفات الذين لا يفرحون بالتنظيم والتجديد!!
وأسأل الله أن يمنحنا الرضا والقوة لتطبيق هذين النظامين على مستوى المسؤولية كواجب وعلى مستوى الطموح كتحقيق.
• ونسال الله أن يتم على جميع العرائس والعرسان نعمة الفرحة في ليلة العمر، وفي أيام العسل، وفي الأيام التالية من عمر مديد وحياة سعيدة. يغلبها بالمال وتغلبه بالعيال.. ويتغلبان على حياة زاخرة بالمتغيرات والمتناقضات بالعلم والمعرفة والصبر والشكر..
مقدمة لا بد منها.. ندخل بها على الأمهات والآباء.. فهم يأبون إلا ((الزيطة والزمبليطة)) تكثر فيها المصاريف ذاهبة هباء. لو صانوها لصانوا الكثير من المربح والمفرح والمعين.
تسأل الجدات والجارات: ((كيف ما توسعوها! إيش يقولوا الناس؟!)).
والمسألة ليست في قول الناس.. وإنما هي من قول فارغة تريد أن تشغل نفسها بقتل فراغ.. سهرة ليلة تأكل النوم من عيون الجيران إلى مسافة كيلومتر مربع. أي مليون متر بالميكروفون المصرخ في أذن النائمة.. كأنما الفرحة بالغناء لا يكفي سماعه على الضيق في مكان الحفل.. وإنما الشهرة ما تجيء إلا بإزعاج الناس بالميكروفونات.
في ليلة أمس وفي ((الكندرة)) أكثر الناس ما ناموا من إزعاج المكبرات سهرة صباحي.. والصداح الوطني شرع الله با زيد..
من الجيران المريض إما من الحمى من ردود الفعل بالتطعيم. وإما من الأنفلونزا ((أنف العنزة)) المستشرية في الدنيا. كأنما الأرض أصبحت مرتعاً لهذا الداء الناعم النجس.. بسيط في مداخله.. خبيث في معاشرته.. ما أكثر شروره في عقابيله ومضاعفاته. رفقاً بالجيران افرحوا، وغنوا ((بس)) بلا مكبرات تزعج سكان المحلة..
• وعلى فكرة.. كم مرة نصحنا المذيع ألاّ يدخل أمام الميكروفون بجريدة الأخبار إلا وهو يقرأها قبل أن يذيعها يعني يأخذ ((بروفة)) ولو على نفسه.. فقد أعجبني ((ماجد الشبل)) في هدوء أعصابه!!
وأزعجني الآخرون عدا ((بدر كريم)) الغلط كثير، والخوف أكثر. كأنما المذيع في ربشة. أذكياء ويفهمون. ((بس)) الإعداد ناقص من عدم الكفاية.. يتمشى المذيع فلا يأتي إلا قبل دقيقة من قراءة الأخبار.. الحظوة لا تكفي.
• أبوها لا يريد أن يزوجها إلا لدكتور لأنه مضمون الدخل.. دكتور يدفع مهراً كبيراً، ويشتري لها سيارة، ويسكنها في ((فيلا)) ملكه!!
كلام عقلاء يعيشون هذا الزمان، فعلى حد إدراكه، أو كإشباع لمطامعه كل شيء بقيمة اسمها الريال، أو الدولار، أو السيارة، أو ((الفيلا)) ولم يدر أنه بهذا قد جعل ابنته سلعة أغلى ثمنها كأنه هو يطرد الشارين لها.. فهذه الاشتراطات لا تمكنه من التخيل. وإنما هي تستمكن منه بإعلانها على كل خاطب.
إنه يعطل الحياة.. يعضل فتاته، بينما فتاته قد تعلمت ونضجت، وهي حريصة على أن تتزوج. كانت ترضى بواحد من الذين ردهم وأقصاهم بهذه الشروط. وزاد شرطاً عندما لامه بعض أصدقائه هو أن تتعلم شؤون البيت.. ينبغي أن تجلس في البيت عامين حتى تصبح ست بيت.. أضاف هذا الشرط على ابنته لئلا تكون عليه حجة بالشروط الأولى!
وتكلمت الفتاة مع الراحمين لها، وتكلموا معه، ولكنه لم يبد أي حجة.. هي شروط يفرضها هكذا، وإذا ما غلبوه برغبتها قال: ((بنتي ما تدري عن شيء.. أنا أبغي أضمن له مستقبلاً حتى تعيش في غنى!)).
ـ قال له واحد: هل المال هو الضمان للزواج؟!.. لنفرض أنه طلقها لأنهما لم يجدا راحة، ولم يتم لهما وفاق، فهل تجد في المال تعويضاً عن الزوج؟.. إنك تتخير لنفسك زوجاً تباهي به ولا تتخير لابنتك زوجاً يسعدها!!
ـ فقال الأب: ((أنا أعمل بكيفي.. هي بنتي وأنا أدرى…!)).
ـ قال له صديقه: هي بنتك أمس، ولكنها بنت نفسها ومستقبلها اليوم. لا تجدف ضد التيار إذا جاءك خاطب اسألها هي فهي تعرف الناس لأنها وصلت إلى السن التي تفضل فيها معرفة ما يطيب لها!
وسمعت الفتاة هذا الحوار فسكتت أياماً، وجاءت لأبيها تقول له.. لا أريد ((فيلا)).. لا أريد سيارة. أريد زوجاً طيباً أعينه على الحياة، ويسعدني في الحياة!
فسمع الأب، وذهب لأصدقائه.. كلهم قالوا له: الحق معها. فخطأ من الآباء أن يفرضوا ذوقهم، ومباهاتهم على مصير الأبناء والبنات.. يكفي أنك أحسنت التربية.. يكفي أن تعطيها فرصة.. تهبها لها الآن. فإنا نخشى أن تفوت عليك وعليها.. فإما أن تبقى البنت عانساً، وإما أن تزوج نفسها على يد القاضي!
ما زالت المشكلة معلقة. لكن الأمل في حب الآباء في ألاّ يكربوا الأبناء على ما يضطرهم إلى شيء من الخروج أو العقوق!!
• وما آفة الأخبار إلا رواتها..
مثل عن حكمة تقبلناها أول الأمر آملين أن يرتدع رواة الأخبار.. رواة الأخبار حينما ينخفضون قد يفرقون بين المرء وزوجه، بين الصديق والصديق. وقد يرتفعون على مقاس الحجم.. حجم الأخبار التي يروونها، وحجم السامعين الذين يتلقونها فيخربون العامر على هذا المقاس أيضاً.
والشيء الذي أريده الآن، وقد عمت به البلوى، ألاّ نلوم رواة الأخبار، ولا نرفضهم، فهم من الكثرة، تعينهم الأوضاع الممزقة في البيت والأسرة والعمارة ذات الشقق، والحارة والمدينة، والمجتمع.. فالتمزيق فيها ما هو إلا معمل لتفريخ الخبار ونشرها والعمل بها والشتات منها.. فالبغضاء (ونز العسل) أو زيد الشيخ كأسه.
الواجب الآن أن نغلق آذاننا عن السماع.. نرفض المخبر قبل الخبر لنهدأ.. لنستريح.. إن الرفض لهذا كله يعني نماء الثقة.. قتل الشك.. حين تنمو الثقة يفقد التمزيق كل مادة يمزقها.. ينمو الحب تطمئن النفوس..
هذا الرفض.. علمنا كيفية أن نرفض.. قال سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ (الحجرات: 6) صدق الله العظيم.
بعث الرسول وليد بن عقبة إلى بني المصطلق يجبي الزكاة منهم فنظر فإذا جمع لم يتثبت.. ظنه الجمع المناوئ له.. المحارب، فرجع إلى النبي يخبره أن بني المصطلق تجمعوا لنكر فخاف أن يفعلوا به شيئاً فرجع. وجزع رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، فما ظنوه إلا أمراً بشد الحملة عليهم ليرجعوا عن نكرانهم، فأدركت رحمة الله رسوله أن ينتهي الأمر به إلى خبر كاذب، وأن يدرك المؤمنين ألاّ تنتهي حياتهم بخبر كاذب، فإذا طليعة من بني المصطلق تفرست الأمر فعرفت ما يجلبه رجوع الوليد دون تبيان الأمر، فأسرعوا إلى رسول الله يتقدمون بالطاعة، ويعلنون التمسك بالإيمان، ويكذبون ما أخبر به الوليد، فنزلت هذه الآية تصدق المؤمنين وتفسق العجلين الذين يخبرون الخبر الكاذب بسوء الظن.. سواء قصدوا الفتنة لتعمل عملها، أو جاءت الفتنة عاجلة بالفعل العاجل منهم وهم لا يريدون!!
أحسب أن رفض السماع للأخبار من تقوى القلوب!!
• هناك مثل يقول: من أحب نفسه كرهه الناس!
مفهوم ومعلوم.. بينما هو لا مفهوم ولا معلوم عند الذين يمارسون الحب لأنفسهم طارحين وراء أظهرهم كل الاعتبارات واللياقات والتراكات على حد المفهوم لدى عمنا وصديقنا القديم يرحمه الله الفنان الصيدلاني الشيخ ((جميل ودل)).
أنت تحب نفسك هذا صحيح ولازم ولا نكران عليه. فمن لم يحب نفسه لن يحب الآخرين. حتى حب الولد هو من حبك لنفسك. لكن المقصود هو ألا تكون ((الأنا)) ((وبس)) عنزة ولو طارت من سرداب، في خندق، لا يستطيع أن يتحرك فيه إلا الخفافيش.
فمثلاً إذا جاءك رب أسرة، يشتري الثلاجة بمفتاح ويضع المفتاح في جيبه، أو يربطه على ((التكة)) كما قالوا عنه، فهذا أحب نفسه وحرم عياله من الماء البارد.
إنه قد غرس عقدة في نفس كل من عطش وشرب من ((الزير))!
ومثلاً ذلك الذي يشتري المحمر والمقمر والعنب والتفاح، فيغلق عليه الثلاجة، أو الدولاب، ليأكل هو دون غيره.
فإن الذين معه سوف لا يحبونه. لأنه أحب نفسه - الأنا - فعقد العقد في نفوس!! نحن..
والعناد برأيي رغم التبصير بالخطأ، والدوام على الزلات رغم الدقات والضربات، هو شيء من حب الذات ((الأنا)) يجعل الناصحين والمشفقين والراعين ومن إليهم في عقد من كراهية هو صنعها، ولم يحيلوها عليه، ولم يجتلبوها لأنفسهم.
حذار حذار، من فرحة تطغى على الاعتبارات، ومن ترحة ترزأ بها اللياقات، والتراكات.
• حمار، بلغت القيم المدفوعة ثمناً لبيعه أكثر من خمسة آلاف جنيه ذهباً مسطرة على سندات مكتوب فيها مبالغ متعددة.. قرض حسن يرد عند الطلب.. كل سند بقيمة ثمن الحمار.. اشتريت وقبضت الحمار بمائة جنيه، باقية في ذمتي لصاحب الحمار فلان.
وهكذا بلغت خمسة آلاف جنيه قيمة الحمار وهو لم يخرج من العزلة.
بيع الحمار بمائة توثق بسند مشهود عليه.. محدد فيه الأجل، أو مذكور فيه القرض الحسن.
وبعد توثيق السند يقوم شاري الحمار يمسك برشمته ويجره أمتاراً ثم يعود به قائلاً: عدلت عن شرائه.. أبيعك الحمار وتعطيني الثمن.
ويشتريه صاحبه بقيمة لا تبلغ الربع أي خمسة وعشرين جنيهاً يقبضها الشاري الأول ((المدين)) من صاحب الحمار الفاتح بنكاً متنقلاً يقرض الناس ويدينهم على طريقة بيع الحمار بثمن فاحش ويشتريه بثمن مقرر لا يتعداه حمار آخر!
حيلة على الربا، يضطر لها من يستدين حتى موسم الحج..
هي ربا ومقامرة واستغلال.. وأخيراً توقف كل مدين لا يدفع.. ذلك شيء باهظ.. لكن الوثاق مشدود، سند مضبوط. ويدخل أولاد الحلال بالحل صلحاً.. يدفع النصف.. وهذا أيضاً كسب بقيمة كبيرة قيمة حمار.
والحمار أمثاله كثيرة وكثيرة.. تلك طريقة قديمة في الربا والاستغلال.. ولعلّ الزمان أثبت طرقاً جديدة في هذا الشأن.. والحاجة أم الاختراع.. ((والشبعان ما يفت على الجيعان، وإن فت فلأمر ما باعت سمسماً مقشوراً بغير مقشور)).
وصور أخرى من التي ينبتها الزمان. صور العم ((جعيدان)) كان في الحوش، ويسكنه المتحضرة أي دلالو الفحم، فيصدف أحياناً أن يهبط جلابة.. وليس عند الدلال ما يقدمه عشاء لهم، فيذهب لعم ((جعيدان)) يستقرض أرزاً وسمناً ولحماً، أو دراهم.
ويتم الأمر بشراء فحم تعدد أكياسه عشرة أو أكثر، بأكثر من خمسين مجيدية.. ثم يبيعها الشاري المقترض كعملية بيع الحمار بمبلغ عشر مجيديات يقبضها نقداً. يشتري عشاء الضيوف ويكون قد كتب السند بالخمسين ريالاً..
صور بدائية. حمار وفحم. فهل هناك صور حضارية، ارتقت وسائلها وتساوت غاياتها؟..
الفرق في الأسلوب، أما النتيجة فواحدة.
• قلت له: ما هو الشيء الذي بدل حالك؟.. لقد كنت تستر محاسنك.. لا تطيق ثناء عليها. ولقد كنت تتخفى بمساوئك.. تخاف مذمة الناس، فأصبحت الآن تجاهر بما تحسن، وتعاهر بما تسيء.. من بدلك؟!
ـ قال: ليست هذه شجاعة، كما أن الحالة الأولى لم تكن إلا شجاعة الجبن، أتشجع لأخفي محاسني، وإخفاء المحاسن مرهق، وأجبن أن يرى أحد مساوئي.. حتى ظهر ((فلان)) فأعطاني أن أكون أشد وقاحة من جبان، وأقوى وقاحة من شجاع، فمن الضروري أن أظهر المحاسن لأتحدى الذين يعيبون مساوئي. ومن الإحسان إلى نفسي ألاّ أبالي بما يقال عن المساوئ. فأنا بما أظهر منها أتحدى الشاتمين.. كنت لا أستطيع ذلك قبل أن يظهر فلان. ولكنه - حفظه الله ومتعني الله بطول لسانه، وزاده فضولاً على فضول - قد أخذ يجري وراء أخباري.. يظهر الإشفاق عليّ حيناً عند الذين يحبونني، وحيناً آخر لا يكتم الشماتة.. إن أحسنت تأول الإحسان إلى سيئ.. يقول: أتركوه كذاب، مراء.. يريد أن يضحك على الناس.. انظروا ماذا فعل بعدها، ويعدد المساوئ، والأخطاء، ويبالغ في تجسيمها، وكان كل ذلك يبلغني.. تحاشيته أول الأمر.. حزنت.. رجوت أصدقاءه أن يكفوه عني، وأخيراً تنبهت.. عرفت أن كل مذمة قد قالها، وكل الناس قد سمعوه، فخرجت عليهم أعلن حالي.. لا أخفي حسنة، ولا أدس سوءة، بل أتعمد أن أجاهره بكل ذلك.. كأنما أصبحت أنا شاتم نفسي لأفوت عليه سوقه الرائجة.. كنت أتعمد كل مجلس هو فيه.. أبدأه بالسؤال: مالك قد فرغت من أخباري؟.. اليوم فعلت كيت، وكيت.. أنا أزودك بها. اذهب إلى مجالس أخرى وأخبرهم عن ذلك.. أتعبته.. فوت عليه كل الفرص. أنا مدين له بهذه الشجاعة، قد قطعت لسانه. واستمرأ الناس ألا يسمعوا منه. واستمر الناس ليكذبوا الأخبار الشائنة عني.. أصبحت بينهم إنساناً يخيف.. يقولون إن وراء هذا سراً، لو لم يجد من يحميه، أو ما يحميه لما فعل ذلك.
إن الحقائق قد لا تنفع الناس عنك، أو بك، فإذا استطعت أن تصوغ لنفسك الأوهام بمثل هذه الشجاعة التي فعلت فإنك تكسب الاحترام.. فالناس قد لا يحترمون من يحسن إليهم بقدر ما يحتملون قاهريهم!!
بهذه الوسيلة لو كبّرنا صورتها لوجدنا أن كثيراً من الناس قد وجدوا السلامة في إذاعة معايبهم، وإشاعة الشتائم عنهم.
• وكنت أشتري السمك!
فوقفت أفتش عن المقشر حول الضحل يقشر فيه. فإذا بأكوام من الزبالة على الضحل. وإذا واحد من هؤلاء يفتش في القمامة فوجد سمكة من النوع الناجل ملقاة على الزبالة. أي إنها زبالة فأخذها يشمها. ثم مضى يضمها كشيء طيب وصرخت فيه: ماذا تصنع؟ ارمها.. ارمها.. وقال: هي ناشفة..
ـ قلت: إنها من القمامة. تغش بها مسلماً أو تأكلها أنت! وخاف مني كأني مفتش بلدية أو هو استحى. فألقى بها في الزبالة.
وعزمت ألا أقشر السمك في هذا المستنقع.. أقشره في البيت.
* * *
• الحجر الكبير يضعه صاحب بيت في جانب الشارع المسفلت يحمي جداره.. يصنع العجب في إرباك السيارات.. وكلما رفعته البلدية أعاده.
شيء من الشعور بإحساس الآخرين، وشيء من الرحمة بعدم الإضرار بالآخرين.
ـ قال له صاحبه: ولدك يصل غداً إلى جدة.. فلوى رأسه وقال: أدري. أدري.
ـ وقلت له: ألا تسعى لتقابله في المطار.. إنه قادم مع الكبير.. الكبير.. فقال: لا.. لا.
ـ قلت له: قسوة. لقد كتب الله على ولدك الرضا لك وكتب عليك الرضا منك.. الطاعة منه، والرحمة عليك له. فارحم يرحمك الله ويرحمه.
ودمعت عين الأب ونزل يقابل ابنه. فإذا هما على صفاء بعد جفاء كلمة خير تذكر بها.. لها أجرها ولها أثرها..
ـ سمك يأكل السمك.. أما السماك فيأكل الأسماك، والحيتان، والديدان، وقد لا يتورع عن أكل بعض السماكين..
صراع الحياة في البر والبحر. آكل ومأكول.
السماك ليس هو السارق، ليل وفجر.. يصطاد ليأكل، أو ليشتري قوت عياله بالثمن الذي باع به صيداً.. السماك الكبير هو غير من يصيد.. هو الذي يتصيد الصائد بأي أسلوب. السماك الصائد قد يكون هو العجوز صائد الحوت.. عجز عن حمله في ((الهوري)) فربطه وراءه يجره، فجاء القرش ينهش مزقاً حتى إذا وصل لم يجد شيئاً! مأساه أن يضيع جهد في ساعات مظلمة إذا طلع النهار طلعت الخيبة معه!
تلك هي سخرية ((هيمنجواي)) بالحسرة القاتلة له ضد القوى الناهشة القاتلة لحياة الذين لا يجدون سمكة يصيدون، أو هم إن وجدوها أكلها ناهش مسعور، أو هي عاطفة قد برزت من عتمة الظلمة تعيش فيها حياة قومه هو منهم في كل حين، وهو لهم حتى إذا غضب منهم.. ذلك أن الإنسان لا يستطيع أن يتخلص من الذين هو منهم حتماً أن يكون لهم!
عاطفة ساقته إلى ذلك في استرخائه.. جاءته من إغفاءة النزوات والشهوات إلى صحوة الإنسان.. يصحو ضميره لحظات.. يرتكب فيها الخطأ الكبير وهو التعبير عن إنسانية الإنسان!..
الضمير عند الأخلاقيين خلق ولو تمزقوا به لكنه الآن هو نقطة الضعف.. لا يمزق الأخلاق فقط وإنما هو قد مزق الخليقة حين أنكره بعضهم كشيء في وجوده. وحين حاربه بعضهم كشيء لا ينبغي وجوده.
حينما سخر ((هيمنجواي)) أسرع الناهشون الذين كربوا بهذا الكاتب فساقوه إلى ((القرف)) منهم.. ((فالقرف)) من حياته.. فإلى الشرف - كما يزعم - في ميتة منتحرة!.. انتحر الجسد وبقي الكتاب، وما زالت الكلمة تصارع.. تنهش الناهشين.
إن هيمنجواي صوت كبير لم يستطيعوا صيده.. فصاد هو نفسه باستلقائه على الساحل يتمرغ فيه لينتحر كإعلان عن السوءة التي حدثت في مرقده داخل مغارة الحيتان، في جوف البحر حوت ما أراد أن ينتحر في البحر فالنهش فيه طبيعة.. أراد أن ينتحر في البحر لأن النهش فيه صناعة ابتكرها الإنسان فغلبت على طبيعته!!
ـ في أيام زمان كانوا يختنون أولادهم الذكور وهم في سن كبيرة، بعد الخامسة أو حتى السابعة، يخافون على الطفل الصغير.. وهم معذورون.
أما اليوم فالختان في اليوم السابع عند الطبيب بدلاً من الحلاق.. الطب تقدم.. والطبيب موجود!
وفي حفلة الختان يعملون ((زيطه وزنبليطة)) على طريقة ما يدونه ((الجبرتي)) وهذا لا يهم الآن! فالمهم هو أن الطباخ المشهور لعمل الأرز بالحمص كان ماهراً في طبخة الأرز. فمهما بلغ من كيس أو مد ومهما كثرت خلوف الضأن فهو مجيد.. غير أن فيه واحدة فهو غالباً ما يحرم عن غذائه من هذا المطبوخ بيده. يتركهم يغرفون ويذهب هارباً. لماذا؟
إذا أحد الخبثاء علّق وراءه بذنجانة ((حمراء)) أو لفظ اسمها، فإنه يجن ويترك المطبخ ويجري هارباً، يضرب كل من هو أمامه.
كانوا يقولونها أو يفعلونها قبل أن يبدأ عمله.. فيتركه ويعطل الحفل.
فبرعوا في التنكيد عليه، يعاملونه بها بعد الاستواء.. اسمه ((سعيد))، ولقبه ((شرشورة)) يا سعيد، لبيك، شرشورة، هاه، أيوه.. بذنجانة حمراء. يلعن.. كلاب، ويهرب.
عنده عقدة من اسم البذنجان!
كما العقدة التي عند بعض الناس من اسم ((شوقي)) إذا ذكر اسم شوقي. جنوا الجنون البذنجاني كما شرشورة!
من يطبخ لكم مثلي.. من يعرف مثلي.. أنا أبو الحفلات الختانية. والأعراس غير البذنجانية!
وقد فعلها ((شرشورة)) في ختان قريب لنا. فلم يأكل الآكلون إلا بعد العصر، حتى راقت زحمة البذنجان في أعصاب ((شرشورة)) وحتى وضع صاحب الحفلة حرساً يحرسه يمنع رؤية البذنجان عنه.
وحين قال: تكمبل. زعق شيطان.. بذنجان.. بذنجان.. فألقى بالعدة على الأرض، وخرج يجري. لكن الناس غرفوا وأكلوا.
هكذا العقد تفعل في صاحبها ما يفعله الجنون حتى لو كانت العقدة آرية عن شوقي!
كما هي العقدة عن غيره في نفوس تتوهم أنها نابحة القمر!
• قال أحد القادمين من المدينة المنورة:
إن الصيف ويعني الرطب سيتأخر شهراً عن كل عام مضى!
قلت له: إن عهدي به أن ترطبوا من صيارينكم، أو صيرانكم في أول يوم من السرطان. يوم 21 يونيه، ويتوالى كل يوم في الزيادة فبعد الحلية يأتي ما هو أطيب وأمتع وألذ.
ـ قال: إن شيخاً من العارفين بأحوال عمتنا النخلة هو الذي ذكر لي عن هذا التأخير. وما العلة؟
السبب هو الربيع. الغيث. المطر. فلم تعطش نخلة. تستجم. تستجمع في الجفاف قوة العطاء فقد شغلها المص وألهتها الرضاعة من الثرى أن تعطي ما يكمل به النضج للسدى فالزهو فالرطب.
أهكذا يفعل المطر؟
وأخذت أنظر حواليّ وفي جدة فوجدتني أتطلع إلى شجرها.. النيم؟ ليس فيه الدلالة فهو الأخضر كل يوم!
ورأيت البنسيان قد ازدان خضرة كأنما هو الورق الجديد نبت بعد أن حت ورق قديم.. إن هذه الشجرة شجرة الشتاء، تمرع، وتزهو فيه، خريفها الصيف، فكيف بقيت خضراء في الصيف على غير ما عودتنا؟
أهو المطر إن عبث به، كأنما هو قد بدل البيئة تحتها وفوقها وبها وعنها ولها؟
سؤال أطرحه على العالمين بالزرع والشجر. أرجو الإجابة عنه.
فلقد زرعنا الذرة وهي صيفية، فلما حصدناها وجدنا تحتها في ظلالها من الحنطة وهي بنت الشتاء ما يربو على أربعين كيس حنطة صاحبة صلبة كأنها في وقتها، كأنما الذرة ومن ظلها وبردها قد صبرت الأرض المنثور فيها القمح بقية ((الجرين)) بيئة صالحة نبت فيها الحب.. حب الحنطة.
النتائج أمامنا، والعلّة واضحة. فهل هذه من تلك.
الحمد لله على الغيث. أغاث النفس والأرض والحيوان حتى الأبدان أغاثها بهذه اللطافة، قهرت الجوزاء أن تكون كأعوام سبقت.
• وتفاءلت بما كتبه ((العكاظيون)) عن الرشوة.. كأنما أمسكت يدي النهاية الحتمية لها.. فشيء طيب وحسن أن نعالج الداء.. نعرفه.. نصارح المريض به.. نصنع العلاج نشفي به المريض.. نصنع العلاج يشفى به المريض، ونخطط للوقاية منعاً لتفشي المرض.
ولعلّ بعض المرضى - ولو أزمن مرضهم - يفتشون عن الشفاء بالتقوى.. بالتوبة.. بالخلق. بالرحمة.. بهذا الإسلام حرم عليهم الرشوة ليكونوا المسلمين.. يسلم إخوانهم مما تفعل شهواتهم وتستبيحه أيديهم!
السرقة ملعونة.. كبيرة، والرشوة سرقة، بل هي شر منها لأن فيها العلنية المتبجحة.. فيها التفشي الوقح حتى لينام بعض الجهلاء من كثرة ما يرونه من آثارها إنها الشيء المباح!..
هي سرقة جيب من يد طمعاً في المزيد، وإغراء لصرعاها.. يتساقطون حولها كما يتساقط الذباب على القذارات، هي سرقة الواحد من أخيه حتى لتكبر لتكون سرقة الواحد من الجماعة.. أي من المال العام حتى لكأن الراشي هو الرائش في الوقت نفسه لأنه وسيط الصفقة.. لا دافعها. هو يدفعها شكلاً لأنه الوسيط فيها موضوعاً وفعلاً أما الخاسر بالفعل والنتيجة هي الثروة العامة.. فكأنما الدولة التي أقامت الأمن مضرب مثل في الدنيا كلها أخونها إذا ما ارتشيت، وهي التي تأمنني بهذه الرشوة أصنع من الفساد إفساداً!!
الخاسر بهذه الرشوة هي الأمة كلها يسرق أبناؤها مال أبنائها.. مال بنائها، والخاسر بعد كل ذلك هو المرتشي نفسه يعيش في مخافة وعذاب من هذه الأصابع تشير إليه.. وحتى ليندس في نفسه من نفسه!.. يخاف صورته في المرآة.. ليست مرآة من زجاج إنما هي عيون الراشي والمشاهدين والسامعين، والرائشين والحيارى يرجون.. يرجون الهداية للجميع!
تفاءلوا مثنى.. فمقاومة الرشوة، والقضاء عليها جاهز نظامها.. موجود سنته الدولة، والأمل كبير أن يتم تطبيقه.. هو نظام! من أين لك هذا؟!!
إن نظام ((من أين لك هذا؟)) ليست بدعة، وليس هو تقليداً لأحد فيه إلا للدولة الآمنة المطمئنة.. آمن شعبها بها. وما أحسن، وما أكبر أن يأمن كل شعبها.. هو سنة الخليفة الراشد سيدنا أبي حفص الفاروق عمر بن الخطاب.. الإمام العادل رضي الله تعالى عنه.. الذي حكم بنظام الإسلام ليعطينا الدرس كيف ساد نظام الإسلام.. ليمحو الكذبة أن الإسلام دين فقط.. سلطة روحية فقط. إنه دين ودولة، وعمل، وسيف.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1235  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 572 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج