الشك |
وقبل أعوام مضت رأيته قد سمر أذنيه على سماعة التليفون، فألقاها بغضب. ونهض يستأذن. |
قلت: |
ـ إلى أين؟! إلى أين تذهب وأنت غاضب؟ قال: إليها: لقد وضعت سابراً يخبرني عن الذي يدخل عليها في غيبتي. |
قلت: |
ـ ولماذا السابر؟ أتقتل نفسك بالشك! |
قال: |
ـ سمعت أن رجلاً يدخل بيتي. سأقتلها! |
قلت: |
ـ لا تقتلها وإنما أقتل صديقك الذي يطأ فراشك. |
قال: |
ـ هو خائن، ولا حق لي عليه، وإنما هي الخائنة آخذ حقي منها. |
وتركته يذهب. |
وفتح الباب فوجد الرجل لم يكن غريباً. كان أخاها. لم يعرفه السابر. وجد رجلاً دخل فأسرع يخبر عنه ليقبض الأجر. |
قالت له: |
ـ ((عسى خيراً)).. جئت مبكراً. |
قال: |
ـ ولا شيء أوحشني ابني، علمت أنه لم يذهب إلى المدرسة. |
قالت: |
ـ قل غير ذلك. ابنك ذهب إلى المدرسة. |
فقال أخوها: |
ـ إنه جاء ليراني حين عرف أني لديك. |
قالت: |
ـ ومن أعلمه؟ |
قال: |
ـ حين دخلت رأيت شاباً يتصفح وجهي، يقف حتى يراني أدخل. |
فلعلّه أسرع يخبر صهري كأنما السابر يحسبني الغريب. |
لقد احترق زوجك بالشك أتعرفين من السبب؟ |
إنها جارتك، وسوست له تريده لنفسها بعد أن تعنست كل يوم ترسل له وشاية. |
واحتار الزوج ولبسه الخجل فقالت الزوجة: |
ـ دعني أذهب مع أخي ما دمت تعيش الشك. |
فقال أخوها: |
ـ لا.. لا.. إنه قد تلقى درساً لا أحسبه يعيش في الشك الذي يقتل الحب. |
ورجع إلي يتهاطل العرق من جبينه كأنما ضميره أصبح سوط عذاب، وعرفت القصة فقلت: |
ـ استرجع واتق الله في زوجك وابنك، واترك الواشية التي حملتك ما لا تحتمل. |
وطرد الواشية طرداً قاسياً، وعاش في ((تبات ونبات)). فالغيرة حريق والشك محرق والثقة سكينة. |
|