شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
خفية !
ـ ونحن بشكة كما هو التعريف القديم جماعة من الأصدقاء أو الأصحاب نجتمع في مكان أو في بيت أحدنا. وأكثر ما يكون في بيتي أيام كنت أسكن في الكندرة.
وغاب عنا أحد الأصحاب. وبينما نحن نتحدث عنه. نسأل لماذا غاب عنا، فإذا هو يصل. فقال أحدنا ((ذكرنا القط جانا ينط)) وبعد التحية والسلام والسؤال عن عزيز الخاطر سألته.
ـ مالك قد غبت عنا طويلاً.
قال:
ـ مشاغل.
قلت:
ـ أي مشاغل لك وأنت على حد قول حافظ إبراهيم لإِمام العبد، يا ربي كما خلقتني.. ومركوبك رجلاك والثوب جلدك؟!
فقال:
ـ إن كل ذلك هو السبب الذي أشغلني عنك لقد جئت اليوم أودعكم، فأنا مسافر إلى بعيد.
قلنا له:
ـ وإلى أين؟!
قال:
ـ ليس هو السفر خارج جدة. وإنما هو السفر في البعد عنكم وأنا أعيش في جدة فقال أحدنا:
ـ بدأ أخونا يتفلسف.
ـ فقال هذا المسافر:
ـ قريباً وإلى بعيد. أنا سأبتعد عنكم لأني لا أريد أن أضركم أو أضر نفسي.
ـ فقلت: من أين تعلمت هذا الكلام؟
ـ فقال: من ((الشغلانة)) أنا لا أريد أن أحضر مجالسكم، لا ينالكم مني ما يسوء. و لا ينالني منكم ما يسيء أنا الآن ((خفية)).
وضحكت (( البشكة)) كلها إلا أنا لأن أعضاء ((البشكة)) ولا أقول، ((الشلة)) لا يعرفون معنى كلمة ((خفية))، لأنهم ولدوا بعد عهد حكومة الأتراك فأحببت أن أفسر لهم هذه الكلمة.
ـ إنها تعني أن صاحبكم هذا أصبح من رجال المباحث أو الاستخبارات. فالأتراك كانوا يسمون رجل المباحث أو رجل الاستخبارات ((خفية)).
وقال أحدهم:
ـ طيب. ليكن ما يكون ((فلماذا يبتعد؟!)).
فقال:
ـ أنا صديقكم وأنا رجل شريف فكثيراً ما يكون الشرف حليف الشظف. أخشى أن أسمع كلاماً منكم فلا بد أن ابلغه إلى من يلزم فإذا فعلت أسأت إليكم. وإذا سكت أسأت إلى نفسي فالبعد عنكم غنيمة أنتم تغنمون السلامة مني، وأنا أغتنم السلامة حين لا أخون واجبي.
دعوني وشأني.
فقلنا له على لسان واحد:
ـ لقد عاشرتنا طويلاً، فهل سمعت منا ما يكون مشبعاً لحرفتك الجديدة؟
فقال:
ـ لا. ولكن حسن الظن ورطة وسوء الظن عصمة:
إن سوء الظن من أقوى الفطن.
قلت:
ـ إن الرجل ((الخفية)) ينبغي أن يكون كل مواطن يحرص على سلامة وطنه، لا يحترف النميمة عن سلوك الأشخاص، الذي لا يضر بأمن الدولة وأما ما يضر بالأمن والسلامة فأنا والإِخوان كلنا سنكون من رجال ((الخفية)) الذين يحاربون كل من يفسد ويعبث بالأمن.
إنك حين ذكرت ما ذكرت كنت كريم الخلق، شريف المنزع، فتعال إلى مجلسنا كل ليلة ولا أقال الله لك عثرة إن سكت عن أداء واجبك.
فقال:
ـ على شرط.. أعتبر المزاح جداً. فليكن المزاح في ترويح الأرواح، لا في صنع الأتراح، هيا.. ما تبغوا تلعبوا بلوت؟!
قلت:
ـ بعد العشاء..
وكان العشاء ((فول وسمن ولبنة وجبنة)) إن هذا الرجل أعجبني لا أكثر ولا أقل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :617  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 536 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.