شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ما أرخص الغوالي!
ـ وهبطت من عالية جدة أو هو من شمالها ومن حي السلامة بالذات إلى أسفلها، أتسوق، أمتار. فالمسافة حين تبعد ينبغي لرب الأسرة أن يشتري زاد أيام يحترز من النزول يومياً مسافة طويلة ومشقة مستطيلة في زحام السيارات. فقد أصبح حي السلامة يضم الشارع الموصل إلى المطار.
ودخلت دكان خضري أسأل.. أعندك من الرطب شيء؟ فقال.. عندي ((روثانة)) و ((برحية)) و ((حلوة)).
هكذا رتبها درجات، اعتلى بالروثانة وانخفض بالحلوة. وزاد الاعتلاء ابتلاء فقال: الروثانة الصندوق بثمانين ريالاً، والبرحية بخمسين ريالاً، والحلوة بثلاثين ريالاً.
((وبكى الحليم أنا وضحكت الثكلى أنا)). وقلت: ما أعجب أن تسترخص الغوالي: الروثانة عالية غالية ذات أصالة، لكنها لا تؤكل إلا رطباً، ولأنها تجنى مبكرة تأكل السوق. ولكن البرحية عالية غالية. تؤكل زهواً ورطباً، حتى إنها كانت نادرة الوجود لدينا في المدينة المنورة. هي نخلة البصرة، ثم هي نخلة القصيم. فلماذا نرتخصها تصبح أقل من الروثانة!
غواية الجهل بالأصالة!
وأدهى من ذلك أن يكون صندوق الحلوة - وهي العالية الغالية في المدينة والعلا وتيماء والجوف كأنها سيدة النخل في المدينة وفي وادي القرى حتى دومة الجندل - رخيصاً إلى هذا الحد، تعلوه البرحية. وتعلو البرحية الروثانة. ذلك أن الاحتفال بالأصالة في كل شيء قد طرد من السوق. فالعملة الرديئة تطرد العملة الجيدة.
وقد أصبح هذا المثل هكذا ((البضاعة الرديئة تطرد البضاعة الجيدة)).
ولا أغضب الروثانة فهي جيدة، ولكني أغضب للبرحة والحلوة أن يكون هذا شأنهما.
انظروا إلى أنواع الأقمشة فقد طرد الحرير والبريسمي والسليمي واللاس والرشوان والكشميري وحتى الكثير من المنسوجات القطنية. وحل محلها نوع من القماش يسمونه نايلون أو تترون!
من هنا ضاعت القيم. فالأصالة أصبحت ضآلة. والرديء مكان الجيد. والسادة في زوايا النسيان!
وما أصدق هذا الأثر.. ((كل عام ترذلون)).
ولا أنسى فإن الحلوة تؤكل بلحاً ((سربان)) وزهواً ورطباً.. وتمراً..
 
طباعة

تعليق

 القراءات :732  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 531 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.