الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

الأخير

ـ وما زالت الأخيرة..

وداعبني صاحبي يحلو له أن يتهمني بالنرجسية، ففي بعض اللحظات الخاطفة استقرؤه ما أملي عليه، حتى إذا رن جرس الكلمة أطرب له ولها، فإذا هو يقول.. أليست هذه من النرجسية؟ فأجيب.. دعني أتنرجس طرباً بكلمة أمليتها ولن تراني نرجسياً في غير هذا الموضوع.

وفي مرة أخرى أحب أن يثيرني فقال: لقد نشرت ((عكاظ)) قبل أيام نتيجة استفتاء ظهر في الصفحة الفنية عن ((نجوم النجوم)) لعام 83 في مجالات الفنون والآداب والرياضة، فكنت صاحب المركز الثالث كنجم المقالة الصحفية بعد صاحب المركز الأول تركي السديري. وبعد كل من عبد الله جفري وجهاد الخازن وهاشم عبده هاشم الذين تقاسموا المركز الثاني.

وضحكت فرحاً أقول له.. يسرني أن أكون الأخير ما دام هناك الأولون. أكون الأخير رديفاً ورافداً. رديفاً أحمي الساقة ورافداً يزيد بي النهر ولا تنتهر الأرض تحتي، ومعواناً تشرق نفسي حين أرى الأولين يستضيء بهم المستقبل.

وما كنت قبل هذه الأيام إلا الأخير. فحين زاملت عمر عرب والآشي وشحاته والعواد وعزيز ضياء والسرحان كانوا هم الأولون وكنت الأخير. عاشرتهم فما جفوتهم وما جفوني، ألقب بينهم بالأستاذ، تلك أولية جاء بها التأخر. وما شأني اليوم إلا أن أنشد:

لا أبغي بحمد اللَّه منزلة

غيري أحقُّ بها إذا راما

لا أذود الطير عن شجر

قد بلوت الحلو من ثمره

وما أنا في هذا إلا متأسياً ومقتدياً بالسيد في تميم محمد بن عمرو ابن الأهتم، وكانت البصرة وكانت الكوفة كادتا أن تكونا تميميتين كما هو قول الأحنف.. تميم البصرة أحب إلي من تميم الكوفة)) فقد دخل محمد بن عمرو بن الأهتم مربد البصرة أو مربد الكوفة إذا ما كنت قد نسيت التحديد، فقام له كل تميمي فنظر، فلم يجد الأحنف بن قيس ولا قيس بن عاصم ولا أباه عمرو بن الأهتم، فأنشد:

خلت الديار فسدت غير مسود

ومن البلاء تفردي بالسؤود

لقد نزع محمد إلى عرق، أبوه صاحب رسول الله. فلقد أثنى عليه رسول الله يوم تحدث الزبرقان بن بدر عنه، وقد سبق أن تحدث عن الزبرقان حتى إذا انتهى الزبرقان من كلمته فلم يرض ابن الأهتم عنه، فأخذ يتكلم يعدد المقالب بعد أن عدد المناقب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلمبعد أن أعجبه كلام ابن الأهتم: ((إن من البيان لسحراً)).

هذا الحديث صحيح، رويته بمعناه ولفظه في البخاري.

لم أجزع أن أكون الأخير، فما دمت في عداد الناس فلا يضيرك أن تكون الأخير وإنما يضيرك أن يرهقك الزحام.

ولقد أبدع ((رامزي ما كدونالد))، الرئيس الأول لحزب العمال البريطاني ورئيس وزراء بريطانيا، قال له الإمبراطور.. ((قد السفينة إلى النجاة))، فخرج وهو يقول: ((ويل للطالب أن يكون الأول في فرقته)) فقد كره الأولية تلزمه ألا يستقيل أيام أزمة الصادرات في بريطانيا.