شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

الرئيسية > كتاب الاثنينية > الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء > الأعمال الكاملة للأديب الأستاذ عزيز ضياء - الجزء الرابع - النثر - مقالات منوعة في الفكر والمجتمع
 
(أوبك) في مواجهة السحب من المخزون
أذكر في أكثر من حوار دار بيني وبين مسؤولين عن شؤون البترول في الأيام التي تجاوز فيها إنتاج المملكة أحد عشر مليوناً من البراميل في اليوم الواحد، أني تساءلت عمّا يضطرنا في المملكة، أو في غيرها من الدول المصدّرة للبترول، إلى أن نصل بسقف الإنتاج إلى هذا الحد الذي كان يعتبر ضخماً لكل معيار.. وكان الرد الجاهز أيامها: أن الدول المصدرة لا تستطيع أولاً تملك حق تخفيض الإنتاج، لأن ذلك يعتبر نوعاً من حرب اقتصادية، أو هكذا يمكن أن تعتبرها الدول الصناعية الكبرى، التي تعتمد على هذا المستوى من التصدير، لإنتاجها الصناعي، وهذا الإنتاج الصناعي الضخم، معناه تشغيل ملايين الأيدي المحتاجة للعمل إلى آخر حلقات مسلسل الصناعة في أوروبا، واليابان والولايات المتحدة الأمريكية.
ومسؤول من هؤلاء المسؤولين لم يكن يغيب عن ذهنه، ونظره البعيد والدقيق، أن هذه الدول، لم تنس، وسوف لن تنسى أبداً، ما فعله حظر تصدير النفط إلى بعضها بعد حرب العاشر من رمضان عام 1973... لم تنس أن البيت الأمريكي والأوروبي قد عرفا لأول مرة منذ عشرات السنين، لذعة الصقيع، تتسلّل إلى غرف النوم... ولذلك، فإنهم يعكفون على إجراءات التقشف والاقتصاد في استهلاك البترول من جهة، وسيعمدون إلى تخزين كميات استراتيجية منه من جهة أخرى، وسوف يحاولون اكتشاف مكامنه في كل بقعة من الأرض والبحر من جهة ثالثة... وعندئذٍ سوف يتاح لهم أن يستديروا علينا... وأول ما سوف يعمدون إليه، هو أن يلقنونا درساً مقابل ذلك الدرس... أو مقابل سلاح النفط الذي رفعناه عليهم في عام1973.
ومرّت الأيام... واستفادت الدول الصناعية من التجربة والدرس... وكان التقشّف والاقتصاد في الاستهلاك، أول إجراء، عمدوا إليه.... وشمل التقشّف، أو الرغبة في اقتصاد استهلاك البترول، حتى الآلات والمحركات، التي تعتمد على البترول... أمّا الإضاءة والتدفئة أو التبريد، فإن كل بيت، أخذ ينظّم استهلاكه، بحيث لم يعد يسمح لمصباح إضاءة، أن يستعمل إلاّ في غرفة الجلوس، أما غرف النوم، والممرات، والحمّامات، فلا بد أن يسودها الظلام الخ...
ثم، بدأت - ومنذ ذلك الوقت - وأعني منذ عام 1973، عمليات تخزين الكميات الاستراتيجية التي قد يصعب الآن أن نعرف حجمها، في هذه الدول، ولكن لا شك إطلاقاً في أنها أكثر كثيراً من كل تقدير.
ومن المفروغ منه أن ما ظل يسمّى (التخمة البترولية) هو بالضبط هذا المخزون من جهة، وعمليات التقشّف والاقتصاد من جهة أخرى... ثم من المفروغ منه أيضاً، أن كل المخزون - أياً كان حجمه في كل بلد - قد صدّرته دول أوبك... وهو قد خرج من أرضها، بذلك السخاء إن لم يكن في الأسعار، ففي الكميات الكبيرة التي ظلّت تتدفّق إلى الأسواق، وظلّوا هم يقبلون على شرائها، ليس لسد حاجة الاستهلاك فقط، وإنما للتخزين، وبهذا التخزين أقاموا السور والحصون التي تحميهم من أي هجمة بترولية كتلك التي (أكلوها) في عام 1973 وتضمن لهم في نفس الوقت أن يسددوا حساب جميع التقلبات والتشنّجات التي ظلّت تشهدها سوق البترول بعد حرب عام 1973.
واليوم، ونحن نسمع معالي الأستاذ أحمد زكي يماني، يقول في التصريحات التي نقلتها وكالة الأنباء الكويتية، يوم 9 ديسمبر 1984، (إن وزراء نفط منظمة (أوبك) كانوا يتوقّعون أن يرتفع السعر في الأسواق الدولية في أواخر شهر نوفمبر (الماضي) وأن هذا (التوقّع) قد بني على أساس أن لا تقوم الدول المستهلكة بسحب أكثر من المعتاد من (مخزونها) النفطي... وأضاف معاليه يقول: (إن الذي حدث هو أن هذه الدول قامت بسحب كميات كبيرة من المخزون مما أدى إلى تدهور في الأسعار).
ولا أدري بماذا يفسّر وزراء الدول المصدرة للبترول، قيام هذه الدول بسحب كميات كبيرة من المخزون... وعلى الأخص، حين نذكر أننا في فصل الشتاء، الذي يرتفع فيه الطلب على الطاقة للتدفئة، إضافة إلى الإنتاج الصناعي. ولكن لا بد أن أرجّح تفسيراً واحداً هو أن المخزون الاستراتيجي قد بلغ حجماً لا تبالي معه الدول الصناعية، وهي زبائن سوق البترول، أن تتوسّع في استهلاكه، إلى الحد الذي تكف فيه عن حمى الإقبال على الشراء. وتلك هي البداية في تسديد فاتورة عام 1973، قد يصح أن أقول إنها تلقننا درساً يجب أن نفهمه بعقلانية تتجاوز عمليات الجري وراء الاحتفاظ بالسعر المعلن، أو بسقف الإنتاج.
لست من الذين يفهمون شيئاً ذا بال، في سوق النفط، ولكني لا أتردد في أن أترك حق طرح اقتراح، أعتقد أنّه قد يعيد المخططين للمجابهة إلى صوابهم... ويحملهم على مراجعة حساباتهم... وهو زيادة خفض سقف الإنتاج، إلى أقل من عشرة ملايين برميل في اليوم مع الاحتفاظ بالسعر أو بزيادته.
اقتراح بدائي بالطبع سيضحك معالي الأستاذ أحمد زكي وزملاءه الوزراء... ولكن ماذا هناك غير ذلك؟؟؟ وفوق كل ذي علم عليم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :729  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 159 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الأعمال الشعرية الكاملة وأعمال نثرية

[للشاعر والأديب الكبير أحمد بن إبراهيم الغزاوي: 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج