حارَ قَلْبي – ولَمْ يَزعلْ – فـي هَواهـا |
لَيْتَه في التقائِنا ما رآها |
بَرّحَ الوَجْدُ يا خليلي بصَبٍّ |
صَرَعَتْه، ولا يحبّ سِواها |
حَبَّ عَشْراً وتـابَ عَشْـراً، ولكـنْ |
بَقِيَتْ عِنْدَه التي لا تُباهى |
يَكْتَفي بالخَيال إنْ هِيَ صَدّتْ |
أو لا يَحْمِل الخَيالُ شَداها؟ |
كلَّما زارني تَجدَّدَ شَوْقي |
يا لَشَوْقي لكَمْ أثارَ أباها |
أوَّلُ الحُبِّ بَيْنَنا تُرّهاتٌ |
أعْرَبتْ عَنْ صَبابتي وصَداها |
ثم شَفَّ الحَديثُ وانسَجَم القَصْدُ – وباحَتْ بسِرِّها عَيْناها |
قَدَري أنْ أموتَ فيها هُياماً |
ما عَلَيْها إذا قَضَيْتُ فِداها؟ |
نارُها في الضُّلوع بَرْدٌ، فطيبي |
يا ضُلوعي، ورَحّبي بلَظاها |
مَلأَتْ دَرْبي المِلاحُ، ولكِنْ |
لا تَرَى مُقْلَتي سِوى ليْلاها |
لَطَفَ اللهُ بالمُعَنّى فكَمْ يَشْقَى – وتَبْقَى فتاتُه أحْلاها |
شَأتِ الظَّبْيَ مُقْلتاها ولكنْ |
أرْجَفَ الظَّبْيُ أنّه قَدْ شآها |
فمُها الحُلْوُ سَكّرٌ ورَحيقٌ |
يا لَخَمْر الشِّفاه ما أزْكاها! |
ما نَهاني عَن الصَّبابة شَيْبٌ |
ويْح قَلْبي إذا انْتَهى أو تَنَاهى |
لا يُلامُ المَحْرومُ مَرَّ بحَقْلٍ |
وتَدَلّتْ تفاحَةٌ فجَناها |
شابَ فُوْدي ولا يَزالُ فُؤادي |
يَقْتَفي إثْرَها، ويَجْري وَراها |
كلُّ حُبٍّ لَمْ يَعْتورْهُ عَذابٌ |
يَنْقضي بَيْن لَيْلةٍ وضُحاها |
لَمْ يَكُنْ للحياةِ عِنْدي مَعْنًى |
أتَمَلّى جَمالَه لَوْلاها |
هِيَ رَغْمَ الدَّلال والصَّدِّ تَأبَى |
غَيْرَ مَجْنونها فَتىً يَهْواها |
تُبْت عنهـا… فيـا فُـؤاديَ حـاذِرْ |
ثم حاذِرْ ألاّ ترودَ حِماها |
تُبْتُ عنهـا… فـلا تُصَـدِّقْ مَتابـي |
إنَّه كِذْبةٌ تَحُزّ الشِّفاها |
كَيْفَ يَنْسَـى الربيـعَ أيْـكٌ وطـَيْرٌ |
نُعْمَياتُ الرَّبيع مَنْ يَنْساها؟ |
كُتِبَتْ آيةُ السُّهادِ عَلَيْنا |
فلْتَنَمْ في هناءَةٍ مُقْلتاها |
إنْ تناءَتْ ديارُنا ففُؤادي |
أبداً حائمٌ على مَغْناها |
يَجْتَني مـِنْ فَـم البَنَفْسـج رَيّاهـا – |
ويَحْسُو مِنَ النَّسيم نَداها |
المسافاتُ – إن تلاقَت قُلوبٌ – |
يَنْطَوي مدُّها ويُمْحَى مَداها… |
* * * |
يا دَليلـي، ألَسْـتَ تَسْمَـع صَوْتـي |
يا دَليلي! ألَيْسَ هذا ثَراها؟ |
ضاعَ في غَمْرة الظَّلام دَليلي |
لا عَلَيْه!.. فإن قَلْبي يَراها! |