لا الكَدْحُ يُضْنِيه ولا السَهَرُ |
هانَ الجِهاد يُثيره وَطَرُ |
طافَتْ على السُّمار بَسْمَتُهُ |
فانجابَ عَنْ دُنْياهُم الضَجَرُ |
طابَتْ شمَائله فطابَ لهم |
في ظلِّه التَّهْريجُ والسَمَرُ |
يتصايَحون فلا يَضيقُ بهم |
ويُلَوِّحون له فيَبْتَدرُ |
كَمْ أشْرَكوه في مَعارِكِهم |
فَتَفَتَقَتْ عَنْ رَأيه عِبَرُ |
يَجْري إذا جَدُّوا بحَلْبَتهم |
ويَبُزُّهم بالهَزْل إنْ هَذَروا |
سَبَر السِياسَة فهو ثَعْلَبُها |
والحَرْبَ، فَهْوَ أميرُها الخَطِرُ |
هَيْهَات تَخْفَى عَنْه خافِيةٌ |
ويَغيبُ عَنْ عَيْنَيْه مُسْتَتَرُ |
إنْ خانَه البُرْهانُ لفَّقهُ |
الكِذْبُ في الجزَّاتِ مُغْتَفرُ |
مِنْ كلِّ فَنٍ عِنْدَه قَبَسٌ |
مِنْ كُلِّ علْم عِنْدَه خَبَرُ |
ما فاتَه في الحَرْبِ مَعْرَكةٌ |
أوْ جازَه في السِلْم مُؤْتَمرُ |
لكأنَّه مَوْسُوعةٌ جَمَعَتْ |
أخْبارَ منْ جاؤوا وَمَنْ غَبَروا |
يَرْوي أساطيرَ الزُّنوج كما |
يَدري لماذا يُخْسَفُ القَمَرُ |
ويَعُد أسماءَ النبات كما |
يُحْصي ملوكَ المالِ إنْ ذكروا |
أبَداً يُهَدْهَدُ قَلْبَه أمَلٌ |
زاهي الحواشي ضاحِكٌ نَضِرُ |
ما للعبوسِ على ملامِحِه |
ظلٌّ ولا في صَوْته أثرُ |
يَطْوي على مَرَحٍ جَوَانِحَه |
ويَلوحُ في خَطراتهِ الطَفَرُ |
راضَ المكارهَ بابتسامَتِه |
وصَفَا على ضَحَكَاتِهِ الكَدَرُ |
ما أضْيَقَ الدُّنيا على بَرَمٍ |
مُتَجَهِّمٍ، نَظَراتُه شَذَرُ |
تَرْتَدّ عنه الأذْنُ موقرَةً |
ويَزِلّ عَنْ سيمائهِ النَظَرُ |
لا الحُسْنُ يَبْعَثُ في جوانحه |
أمَلاً، ولَيْسَ يَهُزّهُ وَترُ |
ماتَتْ أهازيجُ الحياة على |
نَبَراته… فكأنه حَجَر! |
* * * |
يا حِلْيَةَ المَلْهَى وقِبْلَتَه |
وَمناط مَنْ ورَدوا ومَنْ صَدَروا |
لولاكَ لَمْ تَضْحَكْ مَجالِسُه |
طَرَباً، ولَمْ تَتَألَّقِ الجُدُرُ |
وتَحُمْ على شُرُفَاتِه زُمَرٌ |
وتَحُمْ على أبْوابه زُمَرُ |
سُقياً لعَهْدٍ كان لي مَرَحٌ |
في ظِلِّه الضافي ولي سَمَرُ! |
كَمْ جِئْتُه والشَمْسُ في أثَري |
وَتَركْتُه واللَيْلُ مُعْتَكِرُ |
لا لَفْحَةُ الرَّمْضاء تَحْبِسني |
عَنْهُ، ولا يَثْنيني المَطَرُ |
يا قرَّة الأنْظار لا عَبَسَتْ |
في وجهِكَ الأحداث والغيرُ |
نَمْنَمْتُ باسمِك رَوْضَتِي فَزهَتْ |
وَهَتَفْتُ فيه فَصفَّق الزَّهَرُ |