شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
شهيـد الجهـاد
في الذكرى الأولى لفقيد الأدب والوطنية البطريك إلياس الرابـع، سنـة 1979
لَسْتُ أدْري، وَقدْ نَعاه البَريدُ
كَيْفَ يَبْكـي علـى القَريـبِ البَعيـدُ
أنا مَنْ مـاتَ مُنْـذُُ فارَقْـتُ أهلـي
قَدْ تَساوى مُحَنّطٌ وشَرِيدُ
وَيْحَ قَلْبي، قَسَتْ عليه الليالي
وهْوَ راضٍ بما يُلاقي، سعيدُ
ألِفَ النارَ، فهْيَ بَرْدٌ عليه
كلما ماتَ وَقْدُها يَستعيدُ
لكأنَّ اللَّهيبَ نَفْحُ ملاب
في حَناياه، والزَّفيرَ نَشيدُ
يَحْتَفي بالهمُوم… مـا انْجـاب هـمٌ
عنه إلاّ تَلاه هَمٌ عَتيدُ
أيُّها الخافِق المقيمُ بصَدْري
لَيْتَني جَلْمَدٌ وأنْتَ حَديدُ
ما انتفاعي بوَمْضة مِنْ رَجاءٍ
ما انتفاعي، والليلُ داجٍ شديدُ؟
تَحْتَويني مَتاهةٌ تلوَ أخرى
أنا ما بَيْنهَا شَريدٌ طَريدُ
لكأني والدَّهْرُ ذِئْبٌ وَشاةٌ
أوْ كأنا حَرارة وجَليدُ
كَيْفَ ألقَى صُروفـه، وهْـيَ جَيْـشٌ
وأنا مُرْهَقُ الجناحِ وَحيدُ
يا خَليلي صَبَتْ إلـى الـدار نَفْسـي
هَلْ يَبُلُّ الغَليل عَوْدٌ حَمِيدُ؟
طالَ هِجْرانُنا وأوشَك يخبو
أمَلٌ في النفوس واهٍ خَضيدُ
فَرَّقتْ شَمْلَنا الليالي، ولكِنْ
يَهْدم النَّأيُ والحنينُ يُشيدُ
قَدْ قَضَيْنا سَحابة العمل سَعْياً
أجَنَيْنَا مِن سَعْينا ما نُريدُ؟
يَشْهَدُ اللهُ ما طَمْعنا بمالٍ
إنَّ شَيْطانه كنودٌ مَريدُ
كمْ فقيرٍ يعيشُ في خَيْر حالٍ
وغَنيٍّ حياتُه تَنْكيدُ
قَدْ غَنِيْنَـا بالشَّعْـرِ عَـنْ كـل جـاهٍ
فلْيَكنْ للسَّفاسِفِ التمْجيدُ
أنا حَسْبي – إذا اشْرأبّ لِغيري
ألْفُ طَرْفِ – طَـرْفٌ أُحـبُّ وجيـدُ
ما افتقاري للشَّوْك يَغْمُر دَرْبي
تَمْلأُ النَّفْسَ زَهْرةٌ وتَزيدُ
إنَّ صَرْحاً يبْنيه بالحَرْف بانٍ
هُوَ صَرْحٌ على الزمان جَديِدُ
قُلْ لمن عابنا لعَفَّة نَفْس
لا يَسُبّ الأحرار إلاّ العَبيدُ
كلُّ شيء إلى الزّوالِ… وتَبْقى
رَبَّة الشَّعْر والكتابُ المفيدُ
* * *
يا عَمِيداً مَضَى وخلَّف دُنْيا
مِنْ أيادٍ سَنِيّةٍ لا تَبيدُ
ما اجْتَمَعْنـا لكـيْ نَصـوغ المراثـي
يَبْطُل القَوْل حـينَ يحْكـي "الرشيدُ" (1)
ما اجتَمعنا لكيْ نُشيّعَ ميْتاً
إنَّ عُمْر النْبوغِ ضافٍ مَديدُ
بَلْ أتيناك حائرين عُطاشَى
فاهدِنـا الـدَرْبَ وارونـا يا عَميـدُ
طُفْ على القَـوْم بالرّحيـقِ المُصَفَّـى
علّنا نَسْتفيق أو نَسْتفيدُ
شَغَلَتْنا عَنْ حقَّنا تُرَّهاتٌ
بَعْضُها شائخ، وبَعْضٌ وَليدُ
غَيْرنا للعُلا يَسيرُ حَثيثاً
وخُطانا زَحْفٌ إليها وَئيدٌ
كلُّ دين إلى المحبة يَدْعو
فعَلام التأكيدُ والتفنيدُ؟
قال رَبَّي إنََّ العبادَ عِيالي
صَدَق الله، وهْوَ نِعْمَ الشَّهيدُ
خُذْ بأيدي الخِـرافِ واكْـرُزْ عليهـم
إنْ عُقْبى الخُمول مَوْتٌ أكيدُ
أينَ كالفجر طلعةٌ تملأ -
النفس، وصوتٌ كأنه التغريد؟
أيْن فِكْرٌ ضياؤهُ لَيْسَ يَخْبو
وبَيانٌ داني المَجاني فَريدُ
ولِسانٌ طَلْقٌ يَثـورُ علـى الضَّيْـم -
وَرأيٌ على الخُطوب سَديدُ
أصحيحٌ أنَّ التُّراب طَواها
ومَشَى فَوْقها الزمان المُبيدُ؟
* * *
يا شَهيـدَ الجهـادِ يَبْكيـك شَعـبٌ
وَلئِنْ قيل لَيْس يُبكى الشهيدُ
كيفَ يَرْثيك يَوْمَ مَوْتِكَ فانٍ
ليسَ يُبدي في قَوْله أوْ يُعيدُ
كمْ فقيدٍ يعيشُ في حَـرَم الذكـرى -
وحَيّ يَعيشُ وهْوَ فقيدُ
وَحَّد الموتُ بينَ عَبْدٍ وَموْلى
مِنْ رسالات ربِّك التَّوحيدُ
لا أقولُ البلادُ مادَت، ولكِن
ماد قلبي وما يَزال يَميدُ
كُنْت للناس… لم تُمَيّز قَوياً
من ضعيفٍ، ولم يرعك وعيدُ
كلُّهم في شريعة الله أهْلٌ
لا طَريفٌ في أصلهم لا تَليدُ
كيفَ تَنْساك أمةٌ أنتَ فيها
عَلَمٌ خافقٌ ورُكْنٌ وَطيدُ
تَزْرَع الحبَّ بينَها والتآخي
وتُزيلُ الشقاقَ، وهو عَهيدُ
كيفَ تَنْساك بَيْعةٌ أنْتَ فيها
قائدٌ زاهدٌ وراعٍ رَشيدُ
إنْ غَفَتْ عَيْنُها فَعَيْنُك يَقْظَى
أوْ وَهَى مَجْدُها فأنتَ تُشيدُ
كيفَ تَنْسى قضيةُ الحقَّ سَيفاً
مُضَرياً يَهُزُّه صنْديدُ
خاضَ مِـنْ أجْلهـا المكـارهَ تَتْـرى
وانْثَنى مِنْ نبالها يَستزيدُ
الرئيسُ العنيدُ كابدَ مِنْهُ
نَبْرةَ الصَّـدْق، فاعْتـرفْ يا عَنيـدُ (2)
أهوَ الطَّوْدُ شامِخاً يَتَحدّى
أمْ هو البَطْرَكُ الحميّ النَّجيدُ؟
* * *
يا عَميدي عـابَ الخَنافِـس شِعْـري
وادَّعَوا أنَّ آفتي التَّقْليدُ
قُلْتُ يا قومُ لنْ ألومَ غُراباً
أوْهموه بأنَّه غِرّيدُ
خَدَعَتْهُ صحَافـةٌ تُدْمِـن التَّهْريـج -
لكنَّه بَغيضٌ بَليدُ
تَحْتَفي بالجديد، أو تَدّعيه
لتُغَطّي هَوانها فيزيدُ
قَدْ يكونُ التَّطْبيل فَناً ولكنْ
أغْلَبُ الظَّنِّ أنَّه لا يُفيدُ
إنَّ بَيْنَ الدَعيَ والعَيِّ قُرْبَى
مثلما تَجْمَعُ الزَواحف بيدُ
أنا في النور فليُعربد سَفينةٌ
وعلى الرُشْد فَلْيثُر عربيدُ
قَدْ بَلَـوتُ التَّجديـدَ شِعْـراً ونَثْـراً
فإذا كلُّ هُجْنة تَجْديدُ
لا رَعى الله بِدْعَةً تَتحَدّى
ما بَنى الجدُّ ثمَّ أرْسَى الحفيدُ
أغْضبَتْ في قُبورهم أنْسـرَ الشِعْـر -
فهاجَ "الأعشـى" ومـاجَ الوليـدُ (3)
سوفَ يَمْضي هـذا الهُبـاب ويَبْقـى
أدَبُ الصِدْق واللسانُ المَجيدُ
* * *
زَلْزلَ الرُّزْءُ يا عميدي كيَاني
فنَصيبي مِنَ البيانِ زَهيدُ
عَبَثاً وأنْشُدُ العزَاء، وأرْجو
لو نَفَى نَعيةَ البريدِ البريدُ
لا تَلُمني إذا عَثَرتُ، فإني
شاعرٌ في الرِّثاء لَسْتُ أجيدُ
تَخْنقُ الغُصَّة العَتِيَة صَوْتي
فإذا قُلْتُ خانَني التَجْويدُ
أنا مـَنْ يحْفَـظ الجميـلَ ويَرْعـاه -
وعَنْ مَنْهَجِ النَدَى لا أحيدُ
أصْدقائي على المدى أصْدقائي
قَوْلُهم عِنْدي الجُمان النَضيد
إنْ يَكُنْ عَيْشُهم رَغيداً فعَيْشي
ولئنْ ناشَنَي الزَمان، رَغيدُ
كان في بُرْدتي "لبيدٌ" ولكنْ
ماتَ في مَصْرع الرَّجاء لبيدُ (4)
لَمْ تَدَعْ مِنِّي النَوائبُ إلا
بَعْضَ قَلْـبٍ… وذاك نِعْـم الرصيـدُ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :429  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 565 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج