شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حَفْنَـةٌ مِـنْ رَمـاد
إلى رُوح فارس حمص "فيليب كبا" في الشهر السادس لرحيلـه…
غاصَ في الشَّجْوِ والشُّجـون فُـؤادي
كَيْفَ أبكيـكَ يـا شَهيـد الجهـادِ؟
مرَّ حَوْلٌ وأنْت عنَّا بَعيدٌ
أفَنَبْقَى على المَدى في حِدادِ؟
كلَّما غابَ عَنْ عُيوني حَبيبٌ
بِتُّ أرْجو إيابَه بعِنادِ
كَيْفَ أجْلُوا أوْهـامَ نَفْسـيَ عَـنْ -
نَفْسي، وأمْحو ضَلالتي برَشادي؟
عَبَثاً أطْلُبُ المُحالَ، وأجْري
في مَتاهاتِ شكّي المُتَمادي
لَيسَ بَعْدَ الرَدَى مَعادٌ، وإلاّ
كُنْتَ أوْلى أحبابِنا بمَعادِ
كُنْتَ نُوراً لِمَنْ أضاع هُداه
وعتاداً لباحِثٍ عَنْ عَتادِ
كُنْتَ بَـيْنَ السمـاء والأرض جِسْـراً
يَلْتَقي رائحٌ عليه وَغادي
كُنْتَ كالوَرْدَة الزَّكِيةِ، لولا
ما على الـوَرْدِ مِـنْ نُيـوبٍ حِـدادِ
كُنْتَ بالنازحين بَرًّا، وكانوا
في حمَى فارسٍ كثير الأيادي (1)
كلَّما عادَ للدِّيار غَريبٌ
كُنْتَ في رَكْبِه النَّشيد الحادي
أوَّلُ المُحْتَفين بالقادم "الغالي" -
وإنْ كان سِعْره في كَسادِ
قَدْ يكونُ الزئيرُ أهْيَبَ، لكنْ
تَطْرَبُ النَّفْسُ للهَزارِ الشَّادي
بالمروءاتِ قَدْ بَلَغْتَ الدَّراري
ومَلَكْتَ العُقولَ دونَ قِيادِ
ما لنا طامِعٌ برِقّة "شوقي"
في رثائيكَ… أو بِسحْر نِهادِ (2)
فَقَدتْ حِمْـصُ فيـك رَوْضـاً شَذِيّـاً
لَم يَكُنْ فيه مَوْضعٌ لقَتادِ
لا الثَّناءُ الجميلُ تَسْعى إليه
سَعْيَ راجٍ، وَلمْ تَضِقْ بانْتِقادِ
كنْتَ أحْـنَى علـى الضَّعيـف مِـنَ
النُّعْمى، وأحْلَى مِنَ الشُّعـاعِ الهـادي
كاخْضِرارِ الرَّبيعِ بسْمَتُـك السَّمْحـاءُ
كانَتْ… وكاقترابِ الحَصَادِ
جُرْتَ، لكـنْ علـى فـؤادك حـتَّى
ذادَ عَنْ مُقْلَتَيْكَ طَيْفَ الرُّقادِ
لَمْ يَكُ المالُ في يَدَيْكَ لَبَذخٍ
بَلْ لِبَذلٍ على قضايا البِلادِ
أنا لـولا افتقـارُ جاريَ لَمْ يَـزْدَدْ -
ثَرائي… ولا اغْتَنَى أولادي
إن تَمادَى عَلَيْكَ جانٍ وعادٍ
كِدْتَ بالحِلْم شرَّ جانٍ وعادَ
لا يَردُّ الكريمُ شَتْماً بشَتْمٍ
أوْ يَسوسُ الحقودَ بالأحْقادِ
أمْرعَ الحُبُّ في ضميرِكَ، حتَّى
فاضَ مِنْه على رُبَىً وَوِهادِ
لَمْ تَجِـدْ حِمْصُ مِثْـلَ قَلْبِـك قَلْبـاً
ووِداداً يَفوقُ كلَّّّّّّّّّّ وِدادِ
أنْ أُوَفِّيْكَ بَعْضَ مالَكَ عندي
مِنْ أياديكَ ذاكَ كُلُّ مُرادي
فتَجاوَزْ إلى شُعوريَ شِعْري
رُبَّ خافٍ شأى بَلاغةَ بادي
إنَّ شعري مرآةُ نَفسي، ففيه
ما بنَفْسي مِنْ صالحٍ وفَسادِ
لَمْ أموّهْ رَذائلي بَبياضٍ
أوْ أشوّهْ فَضائلي بسَوادِ
لا تَظُنّوا أنَّ الحَضارةَ قَصْرٌ
وعَبيدٌ، وضَجّةٌ، ونَوادي
إنَّها أنْ نَقَرّ بالاً، ونَرضَى
بكفافٍ مِنَ اللِّباس، وزادِ
ربَّ كوخٍ حَـوَى السَّعـادةَ ألوانـاً-
وقَصْرٍ لراحَةِ البالِ صادِي
فاجْتَهِدْ أن تَعيش دَهْراً طويلاً
في مآتي الأوْلاد والأحْفادِ
* * *
يا أخاً لَمْ تَلِدْهُ أمي، ولكِنْ
حَلَّ واحْتَلَّ مُقْلتي وفؤادي
عَطَشي بَلَّهُ، وأشْبَعَ جُوعي
وبَياني رَعاه بَعْدَ كساد (3)
نِلْتُ مِنْ برّهِ الكثيرَ، ولكنْ
دونَ منٍّ – شَأْنَ الكَريمِ الجَوَادِ
وإذا سامَكَ العَطَاءَ شَكوراً
كان بُخْلاً في مِنّةٍ في اعتدادِ
خانَني الشِّعْر في رثائِك، فاعْذُرْ
تلكَ في العُمْـر كَبْـوةٌ مِـنْ جَـوادِ
أطْفأتْ نـاري الدُّمـوعُ… فخُذْهـا
يا أخـا الـروحِ حَفْنـةً مِـنْ رَمـادِ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :400  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 558 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

ديوان الشامي

[الأعمال الكاملة: 1992]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج