شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
يا عَـرَبُ.. يـا أهلـي
مَنْ ذا أحاوِرُهُ وأتَّهمُ
العرْبُ مسؤولونَ كُلُّهمُ
أذْري الدّموعَ دَماً لِمِحْنَتِهِمْ
يا لَيْتَ يُجْدِي في البَلاءِ دَمٌ
أنا مِنْهُمُ مهما نَفَضْتُ يَدي
وأنا – وإنْ كابَرْتُ – متَّهَمُ
إنْ يَفْرحوا أفْرَحْ، وإن حَزِنوا
أدْمَى جُفوني السَّهْدُ والألمُ
هَيْهَاتَ يَخْدَعُني تَكاثُرهم
إلاّ إذا أغْراني الوَرَمُ
ما كانَ أسْعَدهم وأرْشَدَهُم
لولا اختلافُ الرأي بَيْنَهمُ
لا حَبْلَ يَرْبِطِهم، ولا رَحِمٌ
أيَضيعُ بَيْنَ الإِخوة الرَّحِم؟
ماذا أقولُ لِمَنْ يُعَيّرني
أمِنَ الضَّراغم يُولد الغَنَمُ؟
لَمْ يَغْتَصبْ غازٍ ديارَهمُ
لَوْ كان في عِرْنِيْنِهم شَمَمُ
هانوا أمامَ عدوِّهِم فَطَغَى
وتَخَاذَلُوا فاعْتَزَّ خَصْمُهم
لا يغْسِلوا مِنْ خَطْبِهم يَدَهُم
إنَّ الحقيقةَ غَيْرُ ما زَعموا
الأبْعدون تقارَبوا، وهُمُ
لمْ يَلْتَقوا إلاّ لِيَخْتَصِموا
باسْمِ العُروبة أصْبَحوا عرَباً
شَتَّى… وباسْـم الوَحْـدة انْقَسَمـوا
أعلامُهم مَطْويّةٌ خَجَلاً
لولا التلاحِي ما انطَوَى عَلَمُ
يتنازَعون لغَيْر ما سَبَبٍ
وعدُّوهم في بابِهم حَكَمُ
لم تَخْتَلِفْ في الرأي عائلةٌ
إلاّ وآخِرُ أمْرِها نَدَمُ
عابُوا على الأعجامِ مَحْتِدَهُم
يا لَيْتَهم في خُلْقِهم عَجَمُ
بالأمْسِ قادُوا لِلْهُدَى أمَماً
واليَوْمَ تَضْحَكُ منهُم الأُمَمُ
كانوا الأوائلَ يَوْم لا وَثَنٌ
يَتَبرّكونَ به، ولا صَنَمُ
ذَهَبُوا وما ذَهَبَتْ حَضَارَتُهم
يا لَيْتَها ذَهَبَتْ وما انْهَزَموا
مِنْ خُبْزهـم شَبـعَ الِجيـاعُ، ومِـنْ
آفاقِهِم نَزَلَ النَّدَى لَهُمُ
قِيلَ السِّلاحُ الوَفْرُ أعْوَزَهُمْ
قُلْتُ السلاحُ عَقيدةٌ ودَمُ
مَنْ لَمْ يُدَافعْ عَنْ كرامَتِه
لَمْ يَحْمِهِ في الرَّوْعِ "مُعْتَصِمُ"
إيمان "خالدِ" قادَ عَسْكره
لِلنَّصْر، لا صَمْصامُه الَخذِمُ
نامَتْ عَزائمهم، ولو سَهِروا
لَمْ يَسْتَغلَّ حُقولَهم نَهِمُ
إنِّي لأعْجَبُ كَيْفَ يَقْهَرُهُم
عِشْرون مُرْتَزِقاً، وهُمْ عَمَمُ
عِشْرون شَحاذاً بَنَوا وَطَناً
هُمْ يَرْسَخونَ ونَحْنُ نَنْهَدِمُ
هَلاَّ انْتَفَضْنَا مِنْ مَرَاقِدِنا
لتَكادُ تَسْبِقُ خَطْوَنا الرّمَمُ
إن نُحَرِّرْ مِنْ سَفاسِفِها
هَذي العُقُولَ نَظَلُ دُونَهمُ
فَلْنَحْزمَنّ أمورَنا لِغَدٍ
ما فازَ إلاّ الباسِلُ الحزمُ
* * *
يا عُرْبُ يا أهْلي حَنانَكُمُ
جُرْحي – ولا تَهْويلَ – جُرْحُكمُ
لو كـانَ هـذا القَلْـبُ مِـنْ حَجَـرٍ
لَمْ يُضْنِهِ سَأَمٌ ولا سَقَمُ
لكنَّه شَمْعٌ… فَكَيفَ لَهُ
ألاّ يذوبَ وقُوتُه ضَرِمُ؟
لَمْ يَغْنمِ الأعداءُ مَعْرَكةً
لكنْ خَسِرنا نَحْنُ ما غَنِموا
أنا لا أُبرِّىءُ مِنْ تَخاذلكم
نَفْسي… فَقَد أجْرَمْتُ مِثْلَكُمُ
لكنَّني مَهْمَا دَجَا زَمَنٌ
ما زِلْتُ بالإِيمان أعْتَصِمُ
إنِّي أرَى في الأُفْقِ بارِقةٌ
تَنْهَلّ مِنْ أثدائِها الدِّيَمُ
وأرَى الشُّبول يَقودها "أَسَدٌ"
ماضي العَزيمة في الوَغَى عَرِمُ
تَعْلو مِنَ الفَيْحاء زأْرَتُه
فيَميدُ مِنْ أصدائها الهَرَمُ
وأرى لِواءَ الحَقِّ مُرْتَفِعاً
وأرَى جِدار البُطْل يَنْحطمُ
وأرى "دُعاة السِّلْم" في حَرَبٍ
لَمْ يَنْجُ "سِلْمُهمُ" ولا سَلِموا
وأرى العُروبَة في انْتِفاضَتها
تَبْني بروجَ المَجْدِ فَوْقَهمُ
فتَهزّني الرؤيا وتُرْقِصُني
وأقول هَلْ يتحققُ الحُلم؟
يا "حافظَ" الفَيْحاء أنْتَ لها
فاغْمِزْ أُباةَ الضَّيْم يضْطَرموا
تشرينُ مَلْحَمةٌ تَغُضّ لها
أمَمٌ، وَتخْشع لاسمِها أمَمُ
فاجْعَلْ لها في القُدس "حاشيةً"
تَهْدِ الألَى قَرأوا وما فَهِموا
لَمْ تَعْرِفِ الفَيْحاءُ قَبْلَكَ مَنْ
يُمْلي إرادته ويَقْتَحِمُ
لكأنَّ سَيْفَك "ذو الفقار" له
ثأرٌ على أعْنَاقِ مَنْ أثِموا
كرّسْتَه لِلْحَقِّ تَنْصُرُهُ
سَيْفُ الفَضيلة لَيْسَ يَنْثَلِمُ
إنْ لَم تُرَمّمْ أنْتَ وَحْدَتَنا
هَيْهَاتَ شَمْلُ العُرْب يَلْتَئِمُ
* * *
وطَني – وأحْمِلُه على شَفَتي
نَغَماً… وكَيْفَ يُقاوَمُ النَّغَمُ؟
أهْواه مَهْما استَنْكروا وَلَهي
إنَّ المَحَبَّةَ غَيْرُ ما عَلِموا
سأظَلُّ أعشقه وأعشقه
ما دُمْتُ أُومِنُ أنّه حَرَمُ
 
طباعة

تعليق

 القراءات :396  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 557 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.