شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
يـا حِمْـص
من وحي زيارته لحمص، عام 1984
يا حِمْصُ جِئْتُكِ بَعْـدَ طُـولِ غِيـاب
تحدو خُطـايَ إليـكِ لَهْفَـةُ صَـابِ
مهما نأَيْتُ فإن طَيْفَك ماثِلٌ
في خاطري، مُلْقىً على أهْدابي
يا وَيْحَ قَلْبي كَمْ طَبَخْتُ لـه الحَصَـى
ولكم رَوَيْتُ غَليله بسَرابِ
عَلَّلْتُه حَوْلَين ثمَّ أتَيْتُكم
مُتَحرَّقاً للأهْلِ، للأتْرابِ
ما أطْوَل الأيام في دار النَّوى
إنَّ الشهورَ تُقاس بالأحْقابِ
لا تَعْذِلوا مَنْ لم يَعُدْ لبلادِه ِ
بل فاعْذُروا وسَلـوا عـن الأسبـابِ
الشَّوقُ أضْناه وَجرَّح قَلْبَه
لكنَّه سَيْفٌ حبيسٌ قِراب
أولادُهُ لا يستطيعُ فِراقَهم
وتُريدُهُ أوطانُه لمآبِ
فإذا استجـابَ لهـم فَشَرْبَـةُ عَلْقَـمٍ
وإذا استجاب لها فشَرْبةُ صابِ
يا حِمْصُ عذَّبني هَواك، وإنَّني
لأودّ لو طالَتْ حِبالُ عَذابي
أحْبَبْتُ أهلكِ قَبْلَ أنْ عاشَرْتُهم
وازدادَ حِينَ عَجَمْتُهم إعجابي
جَمَعوا إلى البـأسِ الوَدَاعَـةَ والرَّضـا
فهُمُ الظَّباء وهُم أسودُ الغابِ
يتسابقونَ إذا دَعاهم للعُلا
داعٍ بِلا منًّ ولا تَصْخابِ
مِنْ كلَّ وضَّاحِ الجبينِ تَخالُه
مُتَحَدّراً مِنْ نَجْمةٍ وشِهابِ
أحْبَبْتُ رابطة الصداقةِ والنَّدى
مَنْ لا يُحب صداقة الآدابِ؟ (1)
أحْبَبْتُ كُلَّ مليحةٍ وقبيحةٍ
هَزّتْ يَدي، كُرْمـى لِعَيْـنِ "رَبـابِ"
أحْبَبْتُ حِمْصَ لم أزَلْ مُتَمسَّكاً
بالعَهْدِ رَغْمَ تناثُرِ الأحبابِ
هِيَ في طليعتِهم إذا صَنَّفْتُهم
في دَفْتَر، ودَرَسْتُهم بكتابِ
لولا هوى "يَبْـرودَ" كنـتُ جعلتُهـم
حَرَمـي، وكـان "قُصيرَهـا" محْرابي (2)
يا مَهْدَ "نَصْر" هَـلْ رأيـتَ دموعَـه
وسمعتَ زَفْرة شَوْقه اللَّهابِ
دَعْني أخِرُّ على ثَراك مُقَبَّلاً
باسم الألى نَزَحوا، أعزّ تُرابِ
أحْبَبْتُ عاصيها وكلَّ ذُريرة
مِنْ مائه المتعرَّج المُنْسابِ
نهرٌ يَفيـض علـى الريـاض بشَاشـة
ويموج بالألوان والأطْيابِ
يا نَهْرُ حدَّثنا بقصة "لُؤْلُؤٍ"
ولقائهِ للشاعرِ الجَوَّابِ (3)
أسَدَان… هذا بالخيالِ مُدَجَّج
شاكٍ، وذلك بمِخْلَبَين ونابِ
شَغَلا الوَرَى… هـذا بخالـدِ شِعْـره
وأميرُ حِمْصَ بِرأسِهِ الوثَّاب
حتى إذا جَمَعتهما ساحُ الوَغَى
وَتَسرْبلا مِنْ عَثْير بنِقابِ
ولَّى أمير الشَّعْر مُكْتفياً بما
في مُلْكه الشَّعْريَّ مِنْ ألقابِ
وارتدَّ للتغريدِ، شيمةُ بُلبل
يَدعُ الخَراب لبُومة وغُرابِ
إنَّ النبوءَة إنْ تكُنْ مَصْنوعةً
كانت لصاحبها مَطِيّة عابِ
لا خَيْرَ في مَجْـدٍ، إذا هَـبَّ الهـوى
لم يَبْقَ مما شادَ غَيْرُ خَرابِ
* * *
يا إخْوتـي خَنَـقَ الحَيـاءُ شَجاعـتي
فإذا كَبَوْتُ، فمـا الشعـورُ بكـابِ
أنا كَيْفَ أشْكُركُـمْ علـى مَعْروفِكـم
ردُّوا عَبيرَ قلوبِكمْ عَنْ بابي
أعْلَيْتُم شَأني بوارفِ ظِلَّكُم
وغَلَوْتُم في الحبَّ والإطْنابِ
نَضَّرتُمُ دَرْبي بغَيْثِ عَطائكم
وأعَدْتُم قَلْبي لعِزَّ شَبابي
لا فَضْلَ لي إمَّا هَزَزْت نفوسَكم
بشَرابكم قد طُفْت، لا بِشَرابي
* * *
يا إخْوتي أزِفتْ نهاية زَوْرتي
وَغَداً أغادر جَنَّتي وصِحابي
لكنَّني مهما تَمادَت غُرْبتي
سأظَلُّ مَرْبوطاً بعَهْدِ إيابِ
هَيْهاتَ يُنْسيني البُعادُ شُعورَكم
أنتم على الصَّبْر الجميل ثوابي
إنْ لم أعُدْ بالجِسْمِ، سَـوْفَ أزوركـم
بالروحِ… فانتظروا علـى الأبـوابِ!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :477  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 554 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

زمن لصباح القلب

[( شعر ): 1998]

ديوان الشامي

[الأعمال الكاملة: 1992]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج