شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تسبيحـة الحـبّ
أنشدت في أمسية شعرية
دَرَسْتُ الناسَ خافيَةً وجَهْرا
ودُرْتُ الأرضَ يابِسةً وبَحْرا
وذُقْتُ مِنَ الهَوى حُلْواً ومُرّاً
ولكنَّي أُحبُّ الناسَ طُرّاًّ
ولا أطْوي على الشَّحْناء صَدْري
* * *
لِعَيْنيْ حُلْوَتي أهْوى العُيونا
وإنْ يَمْلأَن آفاقي شُجونا
إذا جارَتْ عليَّ فلَنْ أخونا
لها عَهْداً، وقَلْبي، لَنْ يكونا
لغَيْرِ خَيالها الغالي مَقَرَّا
* * *
أراها في الصَّباحِ وفي المساءِ
وفي الصَّيْفِ الضَّحوك وفي الشَّتاءِ
بَشاشَتُها على البَلْوى دَوائي
ومِنْ نَظَراتها قُوتي ومائي
أيَرْجو عاشقٌ أشْهَى وأغْرَى؟
* * *
ويا غَلْواءُ أدْركَني الغُروبُ
ولاحَ على أساريري الشُّحوبُ
ولكنَّي أموتُ، ولا أتوبُ
ذُنوبي؟… لَيْس للصابي ذُنوبُ
متى كان الهَوَى الروحيُّ وِزْرا؟
* * *
يعيبُ عليّ حُبَّيكِ الصَّحابُ
ولو حَبُّوا لما لامُوا وعابُوا
هُمومُ الحبَّ في قَلْبي عِذابُ
وأحلاها الذي فيه عَذابُ
فلا تَكُ للهَوى يا قَلْب قَبْرا
* * *
لَئِنْ شَطّتْ منازِلُنا فإنّا
نعيشُ بروحِنا العَهْدَ الأغَنّا
وإنْ مِتْنا ينال القَبْرُ منّا
تُراباً غَيْر ذي شَأنٍ ومَعْنى
ويَجْمَعُنا الهَوَى رُوحاً وفِكْرا
* * *
رعاكِ اللهُ يا مُتَعَ التَّصابي
وإن كانت سَراباً في سَرابِ
ذَوي مِنْ بَعْدِها عُودُ الشبابِ
فكَيْفَ أُعيدُهُ غَضَّ الإهابِ
وهَلْ مِـنْ صَبـوةٍ في السـوق تُشْـرَى؟
* * *
دَرَجْتُ بقَرْيتي مَرِحَ الفُؤادِ
وعِشْتُ بغُرْبتي قَلِقَ الوِسادِ
أأجْني بَعْدَ شق النفْس زادي
وأبْني للخَراب وللنَّفَادِ
وأزْعُمُ أنني حقَّقتُ نَصْرا؟
* * *
عُيوبي مِثْل غَيْري لا تُعّدُّ
وأوصافي الوَضيئةُ لا تُحّدُّ
حديثي بَعْضُه هَزْلٌ وجِدٌّ
وبَعضٌ آخرٌ غَيٌّ ورُشْدُ
فخذْ نزْراً ودَعْ للغَيْر نَزْرا
* * *
أنا كِسواي مِنْ نارٍ ونورِ
ومِنْ حَمأٍ ومِنْ ماءٍ طَهُورِ
أطيرُ إلى السماء مَعَ النُّسورِ
وأخْبِطُ في جحيمٍ مِنْ شُرورِي
وأُخْطئ تارةً وأُصيبُ أُخْرى
* * *
تساوَى الحُسْنُ عِنْدي والقَبيحُ
فمِثْلُ الهَجْوِ في سَمْعي المَديحُ
يصارِعُني الزَّمان فلا أصيحُ
ويَجْرحُني، فَقَلْبي لا جَريحُ
وقد أُوليه – إمّا بشّ – ظَهْرا
* * *
مَدَحْتُ بلا شُكورٍ أو جَزاءِ
وصُنْتُ وقـارَ شِعْـري عـن هُـراءِ
زَكَتْ خَمْري لِشاربها ومائي
فخُذْ واشْربْ وَوَزّعْ مِنْ إنائي
وهَلْ غيري زَكا ماءً وخَمْرا؟
* * *
لَقَدْ أمْسَتْ تعاليمُ الفَضيلَهْ
سَفاسِفَ في قوانين الرَّذيلَهْ
وبات المالُ في الأيدي البخيلهْ
وسيلتَها إلى الرُّتَبِ النَّبيلهْ
يُعاطي أهلّه شَرَفاً وقدْرا
* * *
تَمنىَّ الحَقْل مِحْراثاً وفأسا
فصارا للوغى سَيْفاً وتُرْسا
خَبا نورُ السلام وكان شَمْسا
ولمْ نأخذْ من الأحداث دَرْسا
فكيف نصوغُ للأخْطاءِ عُذرا؟
* * *
هُوَ الإنْسـانُ كَـمْ يَكْبـو ويَنْهَـضْ
ويَجْلو مِنْ حِقائقَ ثُمَ يَدْحَضْ
تباينَ عنده عَبْدٌ وأبْيَضْ
ونادَى بالسماحَة ثم أعْرَضْ
فيا عجباً لكَم يُكْسى ويَعْرى!
* * *
مَعاذَ الله أن يَخْبو رجَائي
وأزْعمُ أنْ دَلَفْنا للفَناءِ
أرَى في الأُفْقِ بارِقَتيْ ضِياءِ
وألْمَـحُ فيهمــا جُنْـدَ الفــداءِ
يُحرّر أُمتي قَطْراً فقطْرا
* * *
تَغَيّر كلُّ شَيءٍ في الوجودِ
وصارَ البُخْلُ مَنْعُوتاً بجودِ
تسابَقْنا، ولكنْ للجمودِ
فلا تَعْجَبْ لغَطْرَسةِ اليَهودِ
تغافَلْنا فأضْحَى القَطْر بَحرا
* * *
بلى! شلّتْ إرادتَنا القُيودُ
وحَدّتْ مِنْ عزيمتنا الحُدودُ
بَنَى أمجادَ عَدْنان الجُدودُ
ألَيْسَ لنا كما لَهُمُ زُنودُ
فهل تَبْقى خَراباً مُسْتمرا؟
* * *
عَدُوّي لا يكلُ ولا يَنامُ
ويُغريه التَّشاكُسُ والخِصامُ
مَدَدْتُ يديَّ مِلْؤُهما سَلامُ
فردَّ السّهمُ واعتَدّ الحُسامُ
وظن سَماحتي خَوْفاً وصغْرا
* * *
رَثَيْتُ له شَريداً في البراري
وجئْتُ به إلى أهلى وداري
ولما اشتدّ نكّلَ بالصَّغارِ
وشرّدَني وأهلي عن دِياري
ولم يَتْركْ لنا أثراً وذِكرا
* * *
أحبُّ العُرْبَ، إنهم عشيري
وأقْرأ في مصيرهِم مَصيري
ولا أطْوي على حِقْدٍ ضَميري
ولكن كيـف أسْكـتُ عَـنْ حَقـير
على بَيْتي وأقداسي تجَرّا؟
* * *
فأينَ كتائبُ الزَّحْفِ المظَفّرْ
وأيْن مواكبُ الفَتْح المُؤزّرْ
وأين عَصائبُ الآساد تَزْأرْ
فتَنْبَعثَ الوَغَى مليونَ عَنْتَرْ
تصيحُ به المروءة: لا مَفَرّا
* * *
ألا بَطَلٌ يَضُمّ العُرْبَ أهْلا
ويَجْمَع رأْيهمْ طِفْلاً وكَهْلا؟
يَعودُ الطودُ بالإيمان سَهْلا
ويَمْحو العِلْمُ تفرقةً وجَهْلا
فما يُدريك؟… أن الله أدْرَى
* * *
رأيتُ الشَّعْر في الدنيا يَتيما
يَعيبُ النَّقْدُ مَذْهَبَه القويما
فإنْ تَرْطُنْ تَكُنْ فَذًّا عَليما
وإنْ تُعْرِبْ تكنْ جِلْفاً قديما
تُشان وتزْدَري شِعْراً ونَثْراً
* * *
أقولُ لسادة الأدَب الجديدِ
سَئِمْنَا جُوقَةَ الهَذَر البَليدِ
لَئِنْ كتبوا ليقرأَهُم حَفيدي
فَقَدْ ضَلُّوا الطريقَ إلى البَريدِ
حَفيدي بالمهازِلِ ليسَ يُغرَى
* * *
قَريضُهمُ طَلاسمُ لا تُحاجى
ونَثْرهمُ بَسوق الزَّيف راجا
لَقَد عَشِقوا الغَريـبَ… ولا زواجـا
وطاروا خَلْفَ أنْسُرهِ دَجاجا
متَى طار الدَّجاج وباضَ نَسْرا؟
* * *
أدافع عَنْ حمايَ المُسْتَباحِ
وعَنْ حريّةِ الأدبِ الصُّراحِ
ولكنْ عِنْدَ مُشْتَبكِ الرماحِ
أخاصمُ صاحبَ الأدب الإباحي
ولا ألْقاه إلا مُكْفَهرّاً
* * *
تعالَى اللهُ ما أَغْنَى غِناهُ
وما أسْخَى إذا وَهَبَتْ يداهُ!
فَصَفَّ القَلْبَ واخْشَعْ في حِماهُ
فما خَابَ الذي يَرْجو نَداهُ
ولا عِيبَ الذي يُسديه شُكرا
* * *
حبانيَ فَوْقَ ما ذَهَبَتْ ظُنوني
ورَدَّ قنابلَ الأعداء دوني
رَعَى خَطْوي وفتّح لي عُيوني
ولولا عَطْفُه لَتَقاذفوني
وشانُوا سُمْعَتي مَداًت وجَزْرا
* * *
تَركْتُ ورائيَ السبعينَ مَلأّى
بآثاري… وقد يُحْسَبْنَ شَيْئا
تَعيسٌ مَنْ يَخال العَيْشَ عِبْئا
وأتْعَسُ مَن يُريد جَنىً وفَيْئا
إذا هوَ لم يَكُنْ نَخْلاً وتَمْرا
* * *
ويا أهْلـي!… بَلَغْـتُ بكـم مكانـا
يَعُزُّ على النُّسور، فلا يُدانى
إذا اشْتد الزمانُ عليّ هانا
لأنّ بسَيْفكم ألقَى الزمانا
فيُطْلِقُ ساقَه للريح ذُعرا
* * *
زكا مِـنْ فَضْـل حَقْلَتِكـم طَعامـي
وطابَتْ مِنْ عَريشتكم مُدامي
كرامُ عَشيرتي فوقَ الكِرام
فلا يَتَشامَخَنْ أحدٌ أمامي
فإني قَد شَأوتُ الشَّمسَ فَخْرا
* * *
ويا أهْلي… سأشْكُرُكم جَزيلا
وأحْمِلُ في الضَّمير لكم جَميلا
كثيباً كنتُ يا أهلي ضَئيلا
فصُرتُ بظِلكم طَوْداً جليلا
تعَمَّمَ بالسحائب واشمَخرّا
* * *
غَداً تأتي السَّنينُ على حياتي
وتَمْشي الحادثاتُ على رُفاتي
ولكن سَوْف تَبْقَى ذكرياتي
تُشيدُ بِذِكْرِكُمْ بَعْدَ المماتِ
وتَذْكرُ فضلكم سَطْراً فسَطْرا!…
 
طباعة

تعليق

 القراءات :405  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 551 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء التاسع - رسائل تحية وإشادة بالإصدارات: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج