شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في موكـب الذكريـات
جَلَسَتُ، وَقدْ مَضَـى عنَّـي رفيقـي
أُراجع دَفْتر الماضي العَتيقِ
وأنْبُشُ ذكرَياتي مِنْ كِرَاها
وإنْ رَقَدَتْ هَتَفْتُ بها أفيقي
فلَمْ أرَ غَيْرَ أحلامٍ تلاشَتْ
هَباء في متاهات الطَّريقِ
وما طَالعْتُ فيه سِوى بقايا
حكاياتٍ تلوبُ بلا بَريقِ
هنا كانَـتْ مشاويـري… وكانـتْ
لِقاءاتي مَعَ الرَّشَأ الرَّشيقِ
نُرفْرِفُ بَيْنَ رابيَةٍ وَنهْرٍ
ونُؤْنسُ وَحْشةَ الوادي السحيقِ
نُسابِق بَعْضَنا عَدْواً وَشدْواً
ومِنْ فجٍّ نطيرُ إلى مَضيقِ
إذا عَثَرتْ أُطّوقُها بزَنْدي
لأُنْقِذَها مِنَ الخَطرِ المُحيقِ
وإنْ ضحِكتْ ضَحِكْتُ، وإنْ تَباكَـتْ
غَصَصْتُ بدَمْعَتي وَبَلعْتُ ريقي
هنا ودّعْتُ يَوْمَ نَزَحْتُ_أمَّي
هنا شَهِقـتْ هنـا اعْلَوْلـى شَهيقـي
هَنا كانَتْ تُؤرْجِحني، وتلقي
عَليّ نَداوة الغُصْنِ الوَريق
لَكَمْ سَهرتْ لِكيْ أغْفو قريراً
وَكَمْ جاعَت فِـدى عيشـي الرقيـقِ
هنا دارُ الطفولة، ما حَفظْنا
لغَيْر عُيونها الحُبَّ الحقيقي
يفوقُ تُرابُها الذَّهبَ المُصَفَّى
ويَفْضلُ ماؤها أزْكى الرَّحيق
هنا حَقْلـي يَمـوجُ شَـذاً، وتَزْهـو
حواشيه بِزَنْبَقِه الأنيقِ
عَشِقْتُ ثـراه مَنْـذُ فَتَحْـتُ عيـني
وَلَمْ أبْرحْ له أَوْفَى عَشيق
هنا آثارُ مَدْرستي، وكانَتْ
تُنافِس هَيْبَةَ القَصْر العَريقِ
نَحومُ على ملاعبها، ونَهْفُو
إلَيْها كالشَّقيقِ إلى الشَّقيقِ
إذا اغتاظَ المُعَلّم مِنْ رَفيقٍ
حَمَلْنا كلُّنا همَّ الرَّفيقِ
هنا كانَـتْ تَـدورُ حُـروبُ عَبْـسٍ
ولي جَوْلاتُ عَنْتَرها اللبيقِ
أُهابُ ولا أَهابُ، ويَتَّقيني
دُهاةُ الرَّأْي والرَّمْي الدَّقيقِ
متى نَفدتْ كُراتُ الثَّلْج عُدْنا
نَشُدُّ رَوابطَ العَهْدِ الوَثيقِ
فلا مَنْصورَ أو مَكْسورَ فينا
ولا جَمْعٌ يَجُور على فريقِ
* * *
… وطالَ على دُروب الأمْسِ سَيْـري
وقَلْبي بَيْن غَافٍ أو مُفيقِ
إلى أنْ غاصَ في الأنْوار لَيْلي
ومَزّقَ شَمْلَه بأسُ الغَريقِ
فأغْمَضْتُ الجُفونَ على عَياءٍ
ورُحْتُ أغطّ في نَوْمٍ عَميقِ
* * *
مَضَى أنْـدى العُهـود يَـداً وَوَجْهـاً
وأقبَلَ صاحِبُ الوَجْه الصَّفيقِ
فهَلْ نَرْجو – وقانا اللهُ منه -
ومِنْ غِرْبانه غَيْرَ النَّعيقِ؟
تَجمّلْ يا فُؤادُ، فكُلُّ همًّ
إلى فَرَجٍ يَصيرُ، وكلُّ ضِيقِ
صَديقُك مَنْ يَعودُك في الرَّزايا
وفي الأفراح مـا نَفْـعُ الصَّديـقِ؟…
 
طباعة

تعليق

 القراءات :427  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 549 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.