أميرَ منابرِ الشَّرْقَيْن أهْلاً |
بهذي الطَّلْعة الشَّمّاءِ، أهْلا |
طَلَعْتَ على دَياجرنا شِهاباً |
فسَبْحان الذي أعْلَى وأغْلَى |
على أبْوابكَ ازْدَحَمتْ قلوبٌ |
وحامَتْ حَوْلك الأنظارُ جَذْلَى |
وقَفْتَ على هَـوَى الوَطَـن المُفَـدَّى |
لساناً صادقاً ويَداً وعَقْلا |
تذودُ بِهِنّ عنه كلَّ شَرًّ |
وتَقْهَرُ باطلاً وتنيرُ جَهْلا |
قَطيعُك شَرّدته الريحُ، فاجْمعْ |
على حَـرَم الهُـدَى والحُـبَّ شَمْـلا |
تَقَطَّعَ حَبْلُ وَحْدَتنا فهَلاّ |
وصَلْتَ بسَعْيكَ الميمونِ حَبْلا؟ |
هي الأهْواء، كَمْ عَبَثَتْ بقَوْمٍ |
فدَكّتْ مَجْدَهم بَعْضاً وكلاّ |
جَمَعْنا المالَ… لكنْ لَمْ يَزِدْنا |
أمامَ الناس مَنْزِلةً وفَضْلا |
بَقينا، مثْلَما كنَّا، فُلُولاً |
وظلّ جهادُنا لَهْواً وَهزْلا |
إذا لَمْ يَرْفعِ الإنسانَ مالٌ |
فيا مَولاي إنَّ الفَقْرَ أحْلَى |
سِوانا في دُروب المَجْد يَسْعَى |
ولَمْ نَنْقُلْ عليها نَحْنُ رِجْلا |
نُفاخر بالأصول، وأيُّ نَفْعٍ |
لفَرْعٍ خاملٍ إنْ عزَّ أصْلا؟ |
عِظامُ الجدَّ قَدْ تَهْتَزُّ غَيْظاً |
إذا كان الحفيدُ عليه حَمْلا |
تَعَاَلوا نَبْنِ للأوطان صَرْحاً |
مَنيعاً إن مَضَى بانون ظَلاَّ |
بنُور العِلْم نَسْتَهْدي ونَهْدي |
ونَقْطَعُ وادياً ونَخوض لَيْلا |
وبالإيمان نَقْتَحم الثُّرَيّا |
ونَقْتَنِصُ العُلا طِفْلاً وكَهْلا |
* * * |
رَسولَ الدَّين والدُّنْيا سَلامٌ |
لأنْتَ المُرْتَجَى قَوْلاً وفِعْلا |
نَأيْتَ عَنِ التَّعَصُّبِ فهْو صِلٌّ |
وَكَيْفَ يُصاحبُ الإنسان صِلاّّ؟ |
تَعالَى الدّين عَنْ كَيْدٍ وحِقْدٍ |
وعمّا يَقْطعُ الأرحامَ جَلاّ |
جميعُ الناسِ في حَوَّاء أهْلٌ |
فَكيْفَ تَبايَنوا أصْلاً وفَصْلا؟ |
ومَنْ وضَعَ الحَواجِز بَيْنَ جارٍ |
وجارٍ، حـينَ كـانَ الوَصْـلُ أوْلَـى |
دَعَا إنجيلُ عيسى للتآخي |
وقرآنُ النَّبيّ عليه صلّى |
أحبُّكَ، لا لِثوْبك، بَلْ لخُلْقٍ |
كريم التَّبْعتيْن زَكا وجَلَّى |
فتَحْتَ بـه القلـوبَ، فكُـلُّ قَلْـبٍ |
يَودّ لَوَ انَّ رَكْبكَ فيه حَلاّ |
أحِبُّك، لا لِثوْبِك، بَلْ لِعِلْمٍ |
يزيدُك ثَرْوةً ما ازددتَ بَذْلا |
سَما عن كلَّ شعْوَذةٍ وأضفَى |
عَلَيْك مَهابةً وحَباك فَضْلا |
أحبُّك، لا لِثوْبِك، بَلْ لأنَّي |
أرَىَ أدَباً وألْمَسُ فيك نُبْلا |
وأعْلَمُ أنَّ عَهْدَك سَوْفَ يُحْيي |
زَماناً ضاحك القَسَمات وَلّى |
سَمَكْنا فيه ألْفَ جدار مَجْدٍ |
تَهَيّبَ أن يطولَ عليه أعْلَى |
وشُدْنا للعُروبَة ألْفَ بُرْجٍ |
بأطْواقِ الفَضيلة قَدْ تَحَلَّى |
فهَلْ تَمْتَدّ أيامي إلى أنْ |
أرَى قَفْرَ العُروبة صارَ حَقْلا |
وأشْهَدُ بَنْدَها حُراً عَزيزاً |
يَضُمُّ تُرابها نجْداً وسَهْلا؟ |
* * * |
أميرَ منابر الشَّرْقَيْن أهْلاً |
بهَذي الطَّلْعَةِ الشَّماءِ أهْلا |
رأيْنا في جَبينِك مَيسلوناً |
وشِمْنا مِنْ فَتاها فيك ظِلاَّ |
أثِرْنا للجهاد، وقُدْ خُطانا |
بَشيرُ الصُّبْح للساري أطَلاّ |
أقولُ لِمَنْ يُعَيّرنا بأنَا |
رَضينا بالخُمـول… خَسِئْـتَ فَـأْلا |
يَنامُ اللَّيْـثُ مِـنْ تَعَـبٍ… ويَبْقَـى |
لِيَوْمِ الحَزّة اللَّيْثَ الأجَلاّ! |