شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
يا روابـي يبـرود
إلى روح المرحوم عبد الوهاب عقيـل شقيق السفير السوري آنئذٍ، وكان من أصدقاء الشاعـر في عهـد الشبـاب
قَدَرٌ أنْ يَموتَ رأْدُ الشَّبابِ
يا مُصابَ السَّفيرِ أنْتَ مُصابي
أيُّ جَفْنٍ لم يَبْكِهِ، أيُّ قَلْبٍ
لَمْ يَغُص مِنْ دمائه في عُبابِ؟
غابَ كالشمسِ غَالَهَـا فـي ضُحاهـا
غائِلٌ مِنْ عَجاجةٍ وضَبابِ
كيفَ أرثيه وَهْوَ حَيٌ بقلْبي
رُبَّ ذِكْرى تُقيم مَنْ في التَّرابِ
جَمَعَتْنا مَوَدّةٌ لَمْ تُمَّوه
برياء ولَمْ تُشوّه بعابِ
لَمْ أخُـنْ عَهْـدَه ولا خـانَ عَهْـدي
حَلَّ قَوْلي وَقوْلُه عَنْ كِذَابِ
كمْ بَعيدٍ أعلني، وقَريب
عُدْتُ منه بخادعٍ مِنْ سَرابِ
ليسَ تُجدِي ابتسامـةُ الوَجْـهِ إنْ لَـمْ
يَكُن القَلْبُ مُشْرَعَ الأبوابِ
عضَّني الدَّهْرُ في شَبابي بنابٍ
ثُمَّ ثنّى بألْف ناب ونابِ
الردى مَدَّ كفّه لِلباناتي
فهَلْ أصْبَحَتْ مِنَ الأسْلابِ؟
قَدْ غَصَصْنا بالصَّـاب لكِـنْ شَرِبْنـا
رَغْمَ آنافنا كُؤوسَ الصَّابِ
غايةُ العَجْزِ أنْ تُباحَ رِقابٌ
ثُمَّ لا يَسْتشيط غَيظُ الرَّقابِ
يا أخا النُّكْتة الطَّريفة تَجْري
بَيْنَ قَوْسَين مِنْ نَدىً وملابِ
تَتَسامَى عن السّفاهِ، وَتَجْلو
غُمّة القَلْب مِنْ وَراءِ نِقَابِ
خُلْوةُ الوَقْعِ في المسامِعِ رَيَّا
تَتَهادَى في خِفَّة وانسِيابِ
ليسَ فيها غَمْزٌ يسوءُ وَلمْزٌ
وانْحدارٌ لهوّةِ الاغتيابِ
كلما عادَني خيالُك ثارتُ
عَبَراتي وَعرْبَدَتْ أوصابي
لَيْتَ لم تَنْعَقِد عُرانا على -
الودَّ ولم يَنْفتح لُحبَّك بابي
قطْعَةٌ مِنْ صِباي كلُّ صديقٍ
كيفَ أنسَـلُّ مِـنْ بقايـا صِحابـي؟
آفتي أنَّني وفيٌّ… فزِدْني
يا إلهي، وإن تَوالَى عَذابي
إنّما الغَدْرُ مِنْ طِباع الذَّئاب
فاحْمِني مِنْ ثعَالبٍ وذِئابِ
* * *
يا رَوابي يَبْرودَ كيفَ استحالَتْ
بَسْمةُ العيد زَفْرةً، يا رَوابي (1)
قَصَفَ البَيْـن دَوْحـةً فيـك بشَّـتْ
لهَزارٍ، ولَمْ تَضِقْ بغُرابِ
بَسَطتْ ظِلَّها وأدنَتْ جنَهاها
فهْي مَلْقَى العُيون والألبابِ
كان عَـفّ اللَّسـان جِـداً ومَزْحـاً
ناعِماً في سُؤالهِ والجَوابِ
مَنْ رأى قَبْلَه سَليل صُقورٍ
أضْحَكَتْه خُرافة الأنْسابِ؟
أكرمُ الناس عِنْدَه مَنْ تعَالى
في إنفجاراتِ غَيْظِه مِنْ سبابِ
لَمْ يُكابِرْ ولَمْ يُفاخِرْ بأصْلٍ
كلُّنا في حِسابه مِنْ تُرابِ
يَرْفَعُ المرءَ فِعْلهُ، لا حُلاه
قيمةُ السيف لم تَكُنْ في القرابِ
رُبَّ عَبْدٍ في الناسِ صارَ أميراً
وأميرٍ يُعَدّ في الأذْنابِ
عَفْوَكَ اللهُ، هَلْ تُشيد بِكفٍ
وبأخْرى تَدُكّ دون حِسابِ
حارَ عَقْلي فافْتَحْ مَغالق عَقْلي
وأعِدْني إلى طَريق الصَّوابِ
أنا أوْهى يَداً وأضْعَفُ مِنْ أنْ
أتَعالى لما وَراء السَّحابِ
ثَرْثَراتِي وَسَفْسطَاتي قُنوطٌ
أيَظَلّ القُنُوط في أثْوابي؟
أنَا يا رَبُّ ذَرّةٌ مِنْ هُبابٍ
تاهَ في الأُفْقِ فاغْتفِرْ للهُبابِ
إنْ تَمادَيْتُ في الشُّكوك، فَصَفْحاً
إنَّما الشَّكُّ خَطْوةٌ للمتابِ
* * *
يا سَفيرَ الآمال هاجَ غَليلي
فأغِثْني بنَهْلَةٍ مِنْ شرابِ
لستُ في غَمْرة الدُّموع وحيداً
كلُّ قَلْبٍ على مُصابك كابي
لا أواسيك رَهْبةً أو رْجاءً
يَشْهَدُ الله أنني لا أُحابي
أنْتَ بَعْضٌ مِمَّن يقيمُ بقَلْبي
وهْوَ شَطْرٌ مُحَبَّبٌ مِنْ شَبابي
1/9/1982
 
طباعة

تعليق

 القراءات :378  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 545 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج