أحْني أمام تُرابهِ نَظَري |
إنَّ الشهيدَ لأكْرمُ البَشَرِ |
يَسْخو بما مَلَكَتْ يداهُ وما |
لَمْ تملكا في ساعةِ الخَطَرِ |
كالزَّهْر يأرُجُ دونما صَلَفٍ |
ويُنْضّرُ الآمالَ كالمَطَرِ |
حُرّية الإنسانِ حَقَّقَها |
بدَم… وأمْلاها على العُصُرِ |
يَقْضي فِداءَ بلادِهِ فَرِحاً |
لِيَرُدَّ كَيْدَ الغاصِبِ الأشِرِ |
لا يَسْتوي الشُّهداءُ مَنزِلةً |
شَتَّان بَيْنَ الشَّوْك والزَّهرِ |
مَنْ مات مُرْتزِقاً فليسَ له |
أجْرُ الشهيدِ الطَيّبِ الأثَرِ |
والرافلونَ بنِعْمةٍ وَدَدٍ |
غَيْرُ الأُلَى يَشْقون في سَقَرِ |
مَهْما تعالَى شانِئوه فَهُمْ |
بَيْن الزَّواحِفِ وهْوَ في القَمَرِ |
شابَ الزَّمان ولم يَزَلْ دَمُه |
حَبْراً لتحريرِ الشعوب طَرِي |
سَيَظَلُّ عُنْوانَ الإباء، وهُمْ |
رَمْزُ الهَوان وعِبْرةُ العِبَرِ |
قَدْ يَظْفَرُ الباغي ببُغيَتِهِ |
ويكون كلُّ العار في الظَّفَرِ |
شَبَحُ الضَّحيّة قَدْ يلاحِقُه |
في كلَّ مُرْتَفَعٍ ومُنْحدَرِ |
إنْ نام فَهْوَ على وسادَته |
وإذا تساهَر فهْوَ في سَهَرِ |
ساعاتُه بالخَوْف مُثْقَلَةٌ |
ما الفَـرْقُ بـينَ الخَـوْف والحَـذَر؟ |
* * * |
أمُّ الشهيدِ – على فَجيعتها - |
محْسودةٌ في البَدْو والحَضَر |
تَبْكي ولا تَبْكي، فأدْمُعُها |
عِقْدٌ، ولكنْ غَيْرُ مُنْتَثِر |
أو إنَّها عَبَراتُ ثائرةٍ |
في لَحْظةٍ مِنْ ضَعْفها البَشَري |
تُحنى لها الهاماتُ خاشِعةً |
ويَغضّ طَرْفُ الزَّنْبقِ العَطِرِ |
مِنْ حَقْلها بَلْ مِنْ حديقتها |
جَنَتِ الحيَاةُ أطايبَ الثمرِ |
* * * |
قُلْ للذي يَخْتال في بَطَرٍ |
لا تأمَنَنَّ عَواقبَ البَطَر |
مَهْما تَكُنْ في الأرضِ مُقْتَدِراً |
لا شَأنَ في الأخْرى لِمُقْتَدر |
لَمْ يَنْفَعِ الطُّغيانُ صاحبَهُ |
كلاّ… ولَمْ يَقِهِ مِنَ القَدَرِ |
سَيْفُ العَدالة فوقه أبداً |
وكلامُها نَقْشٌ على الحَجَر! |
* * * |
شُهداءَ سُوريا أتَيْتُكمُ |
بتَحيةٍ مِنْ شِعْري النَّضِر |
قَطّرتُها صَهْباءَ صافِيةً |
حَلّتْ لِمُرْتَشِفٍ ومُعْتَصرِ |
فِضَّيَّةَ الأنْفاس، نابِعَةً |
مِنْ خافقٍ بالشَّوْقِ مُسْتَعرِ |
لولاكُمُ كانَتْ كرامَتُنا |
نَهْباً لذي نابٍ وذي ظُفُرِ |
لولاكمُ كانَتْ هُويّّتُنا |
كُرَةَ الفَرنْج ولُعْبة التَّتَرِ |
لولاكمُ ضاعَتْ قَضِيتُنا |
ما بَيْن مُنْتصرٍ ومُنْكَسِرِ |
طِيبوا نُفوساً في مَراقِدكم |
لَمْ تَتْركوا طِفْلاً على كَدَرِ |
عطَفَ الرئيسُ على فراخِكُمُ |
وحَماهمُ بجَناحِه العمَري |
فَقدوا الأب الحاني وما فَقَدوا |
عَطْفَ الأبِ الأحْنى على الوُكُرِ |
عَرَفوه في ساح النَّضال وما |
عَرفوه في صلواتِهِ العَشْرِ |
خَمْسٌ لوجه اللهِ يَرْفَعُها |
والباقياتُ لِنُصْرةِ البَشَر |
طَلَعَتْ على الدنيا شهادَتُكمْ |
قَمَراً يُضيء مَسالِك القَمَر |
تاريخُكمْ سيَظَلُّ مَلْحَمةً |
عَصْماءَ مِلءَ السَّمْعِ والبَصَر |
تُروَى لعَدْنانٍ، فيَنْقُلها |
عَدْنانُ في زَهْوٍ إلى مُضَرِ |
مَهْما سَما شِعْري فما بَرحَتْ |
قَدَمايَ غارِقتيْن في المَدَرِ |
وطني، ومَنْ ماتوا فِدَى وَطني |
في القَلْب أحْمِلُهمْ، وفي النَّظَرِ! |