وداعاً بني عمنِّا الأقربينَ |
وفدَ العراقِ وفتيانَها |
نودعكُم بقلوبٍ تكنُّ |
لكم ودَّها ملء وجدانِها |
نودعكم بقلوبٍ تحنُّ |
إلى الرافدينِ وقُطانِها |
ونقرىء فيكم شبابَ العراقِ |
تحايا الشبابِ لإخوانها |
نحييهم باسمِ مهد العروبةِ |
شيب البلاد وشبانها |
تحية عاصمةَ الراشدين |
يثرب معقل إيمانها |
نحيي بها وفدَ دارِ السلامِ |
مهدَ الحضارةِ ميدانها |
نحيي بها فيكم يَعْرُباً |
بعدنانِها وبقحطانِها |
فأنتم طلائعُ يقظاتِها |
وفرسانُ وحدةِ أوطانِها |
تَجشّمتموا العقباتِ الصعابَ |
وجبتم مجاهلَ كثبانِها |
لشدِّ أواخي بني يعربَ |
وتجديد سالف أزمانِها |
وتوطيدِ أقدام نهضاتِها |
وتشييد أبراج عمرانِها |
فمرحَى لكم لبعوثِ النهوضِ |
ورسلِ الحياةِ وعنوانِها |
* * * |
أعدتم إلينا عهودَ العروبـ |
ـبةِ والراشدينَ وسلطانها |
وعهدَ الخلافةِ في الرافدينِ |
ومأمونها فرع هارونها |
وعهد أمية في المشرقينِ |
تصولُ وتزهى بتيجانها |
ممالكُ كانت تشعُّ الحياةَ |
وتبعثُ أنوارَ عرفانِها |
فأوْهَى التفرقُ دولاتِها |
وصدَّعَ أركانَ بنيانِها |
وأودتْ بها عاصفاتُ النزا |
عِ وألوتْ بها ريحُ حدثانِها |
وشاءَ القضاءُ بأن نكتوي |
وأنْ نصطلي حر نيرانِها |
ولأياً أرادَ القضاءُ بأن |
يكفرَّ عن عهدِ أشجانِها |
فأوحى إلى عقلاءِ العروبـ |
ـةِ أن يجمعوا شملَ أحدانها |
فكانتْ مساعي الملوكِ العظا |
م ليوث الجزيرة شجعانها |
إمام العروبةِ عبد العزيـ |
ـزِ فارسها وابن فرسانها |
وفيصلها العلم المنطوي |
وغازيّه رمز فتيانها |
وكانت مساعي شيوخ العروبـ |
ـة تَعْضُد أحرار شبانها |
* * * |
وها قد بدأنا نرى ثمراتِ الـ |
ـجهودِ تلوح بأغصانها |
فإن اتصالَّ بلادِ الجز |
يرةِ خيرُ سبيلٍ لعمرانها |
وإن الخطوطَ تقومُ مقا |
مَ وريدِ الحياةِ وشريانِها |
* * * |
أجلْ قد أنسنا دبيب الحيـ |
ـياةِ وإيراق أعوادِ أفنانها |
وقِدماً علمنا
(2)
بأن الحياةَ |
ستدفقُ في إثرِ رُكبانها |
لأنَّ حياة الشعوبِ اقتصادٌ |
هو اليومُ محور ميزانها |
وإنّ السبيلَ إلى الاقتصادِ |
ويمنَ الحياةِ وإحسانِها |
هو العلمُ مفتاحُ باب الحيا |
ةِ وإسُّ دعائمِ بنيانها |
هو العلمُ ثروة أغنى الشعوب |
ومنشأ قوة سلطانها |
* * * |
وما الفقرُ بالمالِ لكنه |
بفقر الرجال وأذهانِها |
وما الفقرُ بالمالِ لكنه |
بفقرِ القلوبِ ووجدانها |
وما الفقر بالمال بل بالر |
جال إذا فقدت روح إيمانها |
هو الفقر فقر عقول الرجال |
إن فقدت نور عرفانها |
وإنا إذا لم ننظم لنا |
حياة ونحكم من شانها |
وندعمُ بالعلمِ والاقتصادِ |
سياجَ حِماها وميدانها |
أغارتْ علينا نسورُ الشعوبِ |
وألوتْ علينا بغربانها |
* * * |
فَحَيْهلا بجهودِ الشبابِ |
لتوحيدِ آراب
(3)
أوْطَانها |
وَحَيْهلا بجهودِ الشبابِ |
ليسرِ وإسعادِ بلدانها |
وحَيْهَلا بالحياةِ الجديدةِ
(4)
|
تفترُّ عن يُمْنِ أزمانها |
أأحفادَ يعرب تلك المدينة |
تقرئكم آي وجدانها |
تحدثكم بعهودِ الرسالةِ |
إبان تنزيل فرقانها |
وتنبئكم بحياةِ الرسولِ |
وتروي لكم بعضَ ألوانها |
وتُذْكِركم بجهودِ الصحابِ |
وما كان من فضلِ إيمانها
(5)
|
وكيف نما الدينُ فيها وكيف |
ترعرعَ ما بين جدرانها |
وكيف توالتْ عليها النوائبُ |
تَتْرى سِراعاً بحد ثانها |
وكيف هي اليوم تخطو وئيدا |
إلى مجدِها ولعمرانها |
بفضلِ الإمامِ العظيمِ المفدى |
مليك البلادِ وربانها |
* * * |
فتلك المدينةُ سِفُرُ خلودٍ |
يجلُّ التحدثُ عن شانها |
وهئنذا اليوم شاعرُها |
أرددُ أصداء وجدانها |
فَمَنْ لي بالشاعر العبقري |
فأسمعكم صوتَ حسانها |
وأقضي حقوقَ وفاداتها |
وأعربُ عن قدرِ ضيفانها |
إذا لم يكن ذلك العبقري |
فحسبي ترجيعُ ألحانها |
وقدني! إعلان تكريمها |
وَقطنى إسداء شكرانها
(6)
|