شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عادة كتابة المذكرات (1)
إذا كان عندك من قواعد اللغة ما يمنعك من العثار في الحديث فإن هذا المقدار كافٍ لأن يجعلك تكتب كتابة صحيحة ولا حاجة بك إلى أكثر من ذلك ويجب أن لا تتقيد في كتابتك من حيث القواعد والفكرة والأسلوب بأكثر مما تتقيد بها في حديثك فالتزام الرسمية في الكتابة أعني التكلف فيها خطأ أي خطأ، فكر واكتب ببساطة كما تفكر وتتكلم ببساطة وستجد إذا فعلت ذلك أنك ستنتج أدباً رائعاً.
وليس معنى هذا أنك تكتب كيفما اتفق وبدون وعي وجهد فالكتابة بدون جهد وتفكير لا تكون إلا هذياناً، ومن يحترم نفسه سوف لا يهذي.
أنا وإن كنت لا أقيم وزناً لما يسمونه بالأسلوب الأدبي وأستهزىء بأولئك الذين يصرفون جهودهم بالسيطرة على الأسلوب قبل أن يبدأوا الكتابة، فإني أؤمن كل الإيمان أن أول مستلزمات الكتابة أن يمتلك الكاتب عندما نتحدث، ولكن مما تتطلبه الكتابة من تنسيق وتنميق يعسر عليك كتابة ما تتحدث به، ناصية تفكيره عندما يريد أن يعبر بها على الورق تماماً كما يكون ممتلكاً على ناصية تفكيره عندما يتحدث وقد تقول إنك قادر على امتلاك ناصية تفكيرك به ولكني أؤكد لك أن هذا وهم لا يلبث أن يزول إذا أمسكت القلم وبدأت تكتب. ولزاماً على الكاتب ايضاً أن يمرن ذاكرته على الاحتفاظ بالصور الكاملة للحوادث التي يمر بها في كتاباته فإن إهمال ترتيب الحوادث وتنسيقها في الذاكرة يفقد الكتابة روحها وجاذبيتها والاهتمام بهذه الناحية والعناية بها يضفي على الكتابة روحاً وجاذبية دون أن يشعر الكاتب أو يتكلف.
وأخيراً، فإن الكتابة تتطلب منك جهداً تنتصر به على العقبات التي تعترض كل عمل إنساني مفيد؛ ومفروض على كل إنسان ليكون إنساناً - خاصة في هذا العصر - أن يستطيع أن يعبر عن خلجات نفسه وعواطفه وانطباعاته بكل يسر وسهولة ليثبت أنه كائن حي. وقد يجد المرء في نفسه كرهاً في كثير من الأحيان للعمل الذي أحبه وشغل به نفسه وهذا الشعور بالكره لا يكون وهماً في بعض الأحيان بل إنه الحقيقة... فأنا شخصياً أشعر بالنفور والكراهية عندما أواجه عملي في بداية كل يوم وما إن أجبر نفسي عليه حتى أنسجم فيه ويتحول الكره والنفور إلى لهفة ورغبة في الاستمرار. وأنت قد تقضي يوما ًحافلاً بالحوادث الكبيرة والمعلومات القيمة والتجارب المفيدة وترى أنها جديرة أن تسجل في يومياتك لتبقى ذكراها حية بتفاصيلها في نفسك ومع ذلك عندما تريد أن تبدأ تكره أن تكتب لأنك تجد نفسك مسوقاً بدوافع غامضة إلى عدم التعمق في تفصيل صور الحوادث كما هي وتجبرك هذه الدوافع إلى اللجوء إلى التعمية والاختصار وهو ما لا يفي بما تريد.
إن مقاومة الإغراء بالكسل والتزام السطحية والعمل كيفما اتفق هو العنصر الأصيل والجهد الثابت في كل عمل جدي.
إن كتابة اليوميات يعتبر تسلية لتمضية أوقات الفراغ، ولكنها في الوقت نفسه عمل له قواعد وأصول واجبة الاتباع، تماماً كأي عمل فني آخر تقوم به لتزجية اوقات الفراغ.
إنني أكتب يومياتي منذ اثنتين وعشرين سنة، ولا يحيط ذهني الآن بكثير من محتوياتها، ولكني ما زلت أحس بالحسرة والندم وتأنيب الضمير إذا حدث وأهملت الكتابة يوماً، فإن الإهمال في كتابة اليوميات لا يمكن أن يعدل أو يستعاض عنه لأن الذي يمضي لن يعود.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :608  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 93 من 124
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتورة مها بنت عبد الله المنيف

المدير التنفيذي لبرنامج الأمان الأسري الوطني للوقاية من العنف والإيذاء والمستشارة غير متفرغة في مجلس الشورى والمستشارة الإقليمية للجمعية الدولية للوقاية من إيذاء وإهمال الطفل الخبيرة الدولية في مجال الوقاية من العنف والإصابات لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة الصحة العالمية، كرمها الرئيس أوباما مؤخراً بجائزة أشجع امرأة في العالم لعام 2014م.