شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الهروب من الحياة (2)
ولأحدثك عن النوع الآخر وهو من الفصيلة نفسها ومن الجنس نفسه وأنا عندما أتحدث بلفظ التأنيث عن هذا الموضوع ليس لأني أتحدث عن الأنثى فقط ولكن لأن الفرق بين الذكر والأنثى في هذا النوع أيضاً طفيف جداً، وهذا ما يجعلني أتحدث عن الجنسين بلفظ التأنيث. إنك ستعجب بلا شك من الطريقة التي اختارها هذا النوع وستقول وأقول معك ما أعقلها! لقد رضيت بالقسمة والنصيب ولم تخرج عن الطريق الذي رسمه لها المجتمع؛ فقبلت قيوده وتقاليده عن رضى فلم تتطاول إلى مطلب أو تبحث عن غاية لم يرسمها لها المجتمع، إنها تنظر إلى هؤلاء الأفراد الذين دوّى اسمهم في المجالات العالمية نظرتها إلى المحظوظين والموهوبين، ولا تحاول أن تترسم خطاهم وترسم سياسة خطتها وهي تقول: إن المجتمع أقوى مني وخير لي أن أهيّىء نفسي لأسير في ركابه، وماذا أكون، ألست عوداً من طرف حزمة؟ وتسير في هذه الحدود فتأخذ زينتها بأكبر قسط في حدود القيود والتقاليد، ولا تحرم جسمها حقه من الاستمتاع والفكر.. حقه من القراءة والبحث وتدرك بحسن تفكيرها ما في الجري وراء مجالس اللهو والبذخ الكاذب من سخافة فتتجنب ذلك. فهي تحس في قرارة نفسها أن أيام الشباب ستزول حتماً، فلا بد من استخدامها لمواجهة أيام الشيخوخة العصيبة. وهي عندما تبحث عن اللذة فإنها تبحثها في دراسة الفنون والآداب، لأن هذا اللون من الاستمتاع يزيد في المقدرة ولا يضعف الكيان.
إنها تدرك أن لا سعادة في إهمال أداء الواجب وأن المحبة والعطف هما ينبوع الغبطة والهناء، فلذلك تحرص على أداء الواجب في وقته، وتعمل على مساعدة الآخرين لتنال الحب وتفوز بالغبطة والهناء؛ فهي تبني كيان حياتها على الاستمتاع باللذة والبهجة مع الإذعان للواقع المفروض وتكره الخروج عن المألوف ولا تغشى المجامع العامة ولا تجري وراء الموديلات في معارض الأزياء، وتبتعد عن ارتياد صالونات نجوم المجتمع والتحشر في مجالس المعروفين والمشاهير، إنها تؤمن أن النفس البشرية الصافية هي منبع السعادة الصافي، فهي تجتر السعادة من أعماق هذه النفس ولا تؤمن بالمظاهر الخارجية في دور اللهو ومجالس الإغراء فتجد مظاهر الرضا والاطمئنان بادية على ملامح وجهها البشوش ومهما كانت تقلبات الزمن فإنك تجدها في مراحل حياتها الأخيرة لا تتألم من هموم الأمراض وعدم الكيان كما حصل لزميلتها الفراشة الهائمة لأنها أعدت العدة لمجابهة كل هذه التقلبات إنها تؤمن بالمثل القائل: إن سر السعادة بين جنبيك ففتش عن مملكة الخالق في جوانب هذه النفس. ولكنها مع ذلك تشعر بالندم! الشعور نفسه الذي شعرت به الفراشة الهائمة في المرحلة الأخيرة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :490  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 87 من 124
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

التوازن معيار جمالي

[تنظير وتطبيق على الآداب الإجتماعية في البيان النبوي: 2000]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج