الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

أمخاخ

يعرف المبتدئون في اللغة العربية أن لفظة أمخاخ هي جمع مخ، وهو مركز الحس في الإنسان. ولا شك أن الناس إنما يتفاضلون في هذه الحياة بأمخاخهم، فمن كان مخه أقوى فهو بالطبع يكون أقدر فهماً وأكثر إحساساً لما يحوطه من مؤثرات.

ومسألة المخ هذه لا تتعلق بالشهادات التي يحملها الإنسان، وإن كانت الشهادات في الأغلب تدل بمقدار على قدرة حاملها على المحاكاة والتقليد، فلو بحثت عن تواريخ كثير من النابغين في العصور القديمة وفي هذا العصر، لوجدت الكثيرين منهم لم يتخرجوا في جامعة.. هذه دعوى نستطيع أن نبرهن عليها لولا أننا نرى البرهان عليها تمحكاً وتقعراً، وأفلا يكون متمحكاً من يتكلف وضع المقدمات والنتائج ليثبت للناس أن السماء فوقنا والأرض تحتنا..!

والكاتب - أعني أنا - يا حضرات القراء الأعزاء يعترف جداً بأنه ليس من أولئك الذين ميزهم الله (بمخ كبير) أو قوي على الأصح، وأنه لشديد الشعور بأنه مبتلى بمخ صغير وضعيف في آن، ولولا إصرار بعض الأصدقاء في الحث على الكتابة لما ابتليت القراء بآثار هذا المخ الذي أشعر بثقلها في نفسي، أما كونه لا يحمل شهادة عالية فهو بديهي معروف لأني بحمد الله لم أخرج من الحجاز وفي زمننا - أعني ونحن طلاب - لم يكن في الحجاز مدارس عالية.

نقول هذا على أثر الحديث الذي بلغنا من صديق عزيز ضمه مجلس مع الأستاذ "ع"….. ودار البحث فيه حول كلمتنا في الأسبوع الفائت عن مدرسة تحضير البعثات فكانت حملة الأستاذ شديدة - على محسوبكم - بل إنه صرح أنه كان يظن أن هذا الكاتب يفهم شيئاً، ولكن قد ظهرت له في هذا المقال العقلية الحجازية في كتابة هذا الكاتب الهجاص.

(وبرضه أنا أقول كده يا أستاذ!).

وقد وهم الأستاذ في كلمتنا فظن أننا نحارب مدرسة البعثات ونحط من قدرها ونظن أن العلم طعام سائغ يستطيع أن يلتهمه الطالب في فرصة زمنية قصيرة... لا يا أستاذ، ما هذا أردت وأرجوك أن تتفضل بقراءة الكلمة مرة أخرى. وإن كان لي عتب على الأستاذ فهو تحامله على فكرة كتابية في مجلس غاب عنه الكاتب الذي كان قد يستطيع الدفاع عن نفسه. أما إذا كان الأستاذ يستبعد أن يضمه مع الكاتب مجلس، ففي صفحات الجريدة متسع، وإذا لم يتنازل بالرد على صفحات الجرائد فيجب أن لا يتنزل فيحط من عقليات الحجازيين أجمع في مجالسهم.