شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
واباني مدرستاه
أرجو من القارىء الكريم أن يملك أناته ليعرف من صلب المقال صلة هذا العنوان بالمقال.
لقد جل المصاب وتعاظم الخطب فشرد الفكر الحاضر ونضب معين القلب الفياض وتعثر في مشيته هذا القلم السيال.
أيها الفكر المذهول ألا ردك الله إن لم يكن لك اليوم في هذا الطرس مجال، أيها القلب المحزون لا أقال الله عثرتك إن لم تمد اليوم من معينك فتترجم عن معاني الحزن والأسى المتغلغلة في سويدائك، وأنت أيها القلم لا أفاض الله عليك من معاني القوة والحق إن لم تفض بما علمت من معاني القوة والحق في حياة هذا الرجل العظيم.
((مات السيد أحمد!)) ((صحيح مات السيد أحمد)) ((مات السيد أحمد الفيض أبادي هو نفسه!)) ((نعم مات السيد أحمد فما بالك يا أخي إن الموت حق لقد مات سيد الكائنات)) صدقت إن الموت حق، إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ.
لعلَّك تظن أيها القارىء الكريم أن هذا الاندهاش لسماع خبر موت هذا الرجل العظيم كان من كاتب هذه الكلمة لما بينه وبين الراحل الكريم من صلات الأستاذية والتلمذة والأبوة والبنوة.
ولكن لا - إن هذه الكلمة إنما صدرت عن رجل قد لا يعرف من السيد أحمد غير اسمه ارتجع صداها في أذني كما ارتجع من غير شك في آذان الكثيرين الذين كانوا يقفون إلى جانبي ونحن نصلي على الراحل الكريم.
هذه هي مكانة الراحل في نفس رجل الشارع فما بالك بها عند الذين يدركون قيمة ما قام به هذا الرجل العظيم من خدمة وتضحية في سبيل أمته وبلاده، وما بالك بها وهي تتلألأ ناصعة بيضاء في جبين التاريخ!.
لقد هاجر السيد أحمد سنة 1316هـ مع والده وإخوانه من بلاد الهند فاراً بدينه من بلاده المنكوبة بالتفرنج والاستعمار فر بدينه إلى موطنه الأول مهاجر جده صلى الله عليه و سلم وقد كان يمني نفسه وهو من خريجي دار العلوم الدينية أن يجد في بلاد جده العظيم مدارس للعلوم الدينية فيجاهد الاستعمار بتعزيز مركز الدين.
خاب الأمل فإن المدارس في ذلك الوقت كانت تسير في التعليم على طريقة سنتها حكومة ذلك الزمن لتضمن في سيرها النجاح لخطتها السياسية المرسومة. لا بد إذن من إنشاء مدرسة تخدم الإسلام وتحارب التفرنج والاستعمار. نشأت هذه الفكرة في ذهنه فسعى لها السعي الحثيث على قدر المستطاع، ولكن كان الجواب أن الحكومة قائمة بواجب التعليم ولا ترى حاجة إلى مدارس جديدة، أما العلوم الشرعية فالمسجد فيه للطالبين المجال الفسيح.
خبت تلك الجذوة المستعرة في نفس صاحبها ولكنها كانت الشغل الشاغل لتلك النفس الكبيرة وذلك الفكر الجبار فكان يتشاغل عنها ويترقب لها الفرص السوانح.
اشتعلت نار الحرب العامة فتشتت أهل هذه البلدة واغتربوا في نواحي البلاد وكان السيد أحمد أحد المنفيين إلى الأناضول. ووضعت الحرب أوزارها ورجع السيد أحمد وهو أشد ما يكون أملاً وحماسة لمبدئه وفكرته التي اشتعلت في جوانب نفسه.
إن الحكومة الهاشمية هي أول من يشجع علوم الدين، هيا فقد حان الوقت، ولكن كيف السبيل إليه وقد رجع أهل المدينة من غربتهم وهم أشد ما يكونون من الضيق والحرج ولا بد لتوجيههم نحو العلم من سد فراغ الحاجة والفقر اللذين خلفتهما الحرب العامة، وإذن لا بد من الجهاد لإقناع الأغنياء من المسلمين الذين أدركوا حالة أهل المدينة ورغبوا مساعدتهم وذلك بأن خير مساعدة لهم هي ما كانت عن طريق التعلم وآتى هذا الجهاد ثمرته الطيبة ووضعت أسس المدرسة الجديدة في 29 محرم سنة 1343هـ بإدخال عدد محدود من التلاميذ في أحد الكتاتيب لحفظ القرآن وتعيين مساعدة مادية لكل منهم تعطى لهم كل أسبوع بعد امتحان يعقده الفقيد في داره كل يوم جمعة. وفتح الله فتوسع مدى هذه الحركة باستئجار خربة وتعيين أستاذ خاص لهؤلاء التلاميذ ثم في سنة 1344هـ فتح فرع للعلوم العربية.
وما كاد يذاع نبأ هذا الفرع حتى وصلت للفقيد برقية بإمضاء أكبر رجال ذلك العهد بضرورة إغلاق هذه المدرسة الجديدة وإفهام مديرها أن في أروقة المسجد مجالاً واسعاً للعلوم الشرعية. لم يشأ هذه المرة السيد أحمد أن ينتظر فرصة أخرى وقد مضى من العمر أكثره وضاع من الأمل كل ما كان يرجوه فجلس بتلاميذه في رواق باب المجيدي.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :585  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 70 من 124
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج