شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مدرسة النجاح في تكوينها الجديد
المدينة تتصدر للواجب في أدق معانيه وتتحمل العبء في أحرج الظروف
يقول الإنكليز في أمثالهم ما معناه (في كل غمامة مظلمة بارقة وضاءة) يريدون أن كل نازلة تحمل بين طياتها أسباباً قوية لحياة جديدة زاهية، والواقع أن في المصائب دروساً محتمة النتائج في حياة الأمم والأفراد.
فكثيراً ما تطغى حياة الترف وحسن التوفيق أو الحظ - إن شئت - على بعض الأفراد فتجعلهم يعيشون عيشة خيالية لا تتصل أسبابها بالحياة الواقعية التي يحياها معاصروهم وأبناء جلدتهم، ولكنهم لا يلبثون أن يتدرجوا وهم في غرورهم من درك إلى درك حتى يجدوا أنفسهم في آخر الأمر في الدرك الأسفل من الحياة فيفتحون عيونهم فيلتمسون الواقع بقساوته والحقيقة مجردة عن الزخرف والزيف ويريدون عندئذ أن يتصنعوا التكيف بالواقع ويجاهدون لإصلاح ما أفسده الحظ أو حسن التوفيق، ولكن في الوقت الذي أنهارت فيه جميع الأسس وانهدم فيه كل البنيان.
وكذلك شأن بعض الأمم التي تطغى عليها حياة المجد وتسيطر على ماضي تاريخها صفحات البطولة فتعيش ثملة بذلك المجد الخيالي وتلك الحياة الماضية الرائعة ممعنة في الاستمتاع والرفاهية متدرجة في الهبوط والانحطاط النهائي.
والذنب في ذلك كله إنما هو على حسن التوفيق المتسلسل أو إن شئت على الحظ الموافي. أما الأمم التي تعيش تحت ((السندان)) تنبهها الأحداث كلما أوشكت أن تغمض العين وتستسلم لحياة الرفاهية ومعاني الخيال، فهي أثبت الأمم رسوخاً في الحضارة وأقدرها على الاستمرار على السير في المقدمة، ولا شك أن أفرادها يكونون أصلب عوداً وأقوى احتمالاً وأجدر بالاستمتاع بمعاني الحياة السامية في جميع مرافقها الجديرة باللذة والاستمتاع.
والنازلة التي نزلت ((بمدرسة النجاح)) بسبب استقالة مديرها وخلو صندوقها من المادة لا شك أنها قاسية المفعول جديرة بالتأسي، مفعمة بأسباب الإيلام ولكنها قد أنتجت هذه النتائج الباهرة جديرة بأن تقابل بالصبر والشجاعة والانتباه.
أجل لقد كانت أسباب الحياة - على رأي المثل الإنكليزي في هذه النازلة قوية وباهرة إلى أبعد حد، فقد برهنت على شعور وطني نبيل وتوافق على خدمة المصالح العامة وعدم اكتراث للأسباب والنتائج الشخصية جرياً وراء الصالح العام، وهذه أول فرصة للأمة الحجازية من هذا النوع تظهر فيها بهذا المظهر الرائع نسجلها مقدرين مفتخرين؟ فقد قامت قيامة الأدباء وراحوا يكتبون في الموضوع طوال المقالات بشعور نبيل وعاطفة ملتهبة وأفسحت الصحف صدورها فهيجوا النفوس الكريمة وأثاروا الشعور الوطني الكامن فانتدب المخلصون من البلد الأمين وسعى المندوب يقطع القفار ليشترك في تدعيم البنيان وإصلاح ما أفسدته حوادث الزمن، واجتمع المخلصون من أبناء هذا البلد وفي يوم وليلة تدعم البنيان ودخلت مدرسة النجاح في دور التكوين الجديد مفتخرة مباهية بأن كانت السبب الوحيد لكتابة صفحة من صفحات الوطنية الخالدة لهذا الوطن المجيد.
لقد تفضل آل الخريجي فشملوا المدرسة برعايتهم وأخذوا مسؤولية تسييرها على عواتقهم، ومعنى هذا في العرف العام والخاص أن مدرسة النجاح أصبحت جزءاً من تاريخ آل الخريجي كما أصبح مشروع الخرج جزءاً من تاريخ معالي وزير المالية الجليل، وكما أصبحت دار الأيتام في مكة والمدينة جزءاً من تاريخ حياة سعادة مهدي بك المصلح ويكفي لرسوخ المشروع أن يكون جزءاً من حياة كبير وعظيم ولا نرى بداً من أن نسجل بالتقدير والاعتراف المساعي المخلصة التي بذلها الأستاذ الفاضل السيد حسين طه وصديقنا العزيز السيد مصطفى عطار والوطني الكريم الشيخ عبد الحي قزاز والأستاذ النبيل حسني بك العلي ((مدير دار الأيتام)) ورجل المصلحة العامة الشيخ إبراهيم العلي التركي - في تدعيم بنيان المدرسة وحفظ مركزها العلمي وما أبدوه حضراتهم من الحب والحنان على هذا المشروع العلمي العام. وإننا نؤكد أن مؤسس دار النجاح ومديرها السابق هو أغبط الناس لهذه النتيجة الحسنة التي تركزت عليها مؤسسته العلمية حيث قدر له أن يرى مصيرها الثابت في حياته ويطمئن إلى صفحة العمل الخالد يسطرها التاريخ للعاملين، ورحم الله الشاعر حيث يقول ((جزى الله الشدائد كل خير)). وبعد فإننا لا نشك أن الأمة الحجازية وقد أبدت هذا الاهتمام الكبير بهذه المؤسسة العلمية سوف لا تقف عن السعي والعمل والدعاية لايصال الخير إلى هذا المشروع العلمي العام.
ونعتقد أن العالم الإسلامي الذي أثبت في كل فرصة حدبه وعطفه على هذه البلاد الإسلامية المقدسة سوف يبرز هذا العطف وهذا الحنان بأروع معانيه في تدعيم هذا المعهد العلمي الذي أثبت وسيثبت إن شاء الله إخلاصه وثباته في خدمة العلم في هذه البلدة المقدسة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :643  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 68 من 124
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

ترجمة حياة محمد حسن فقي

[السنوات الأولى: 1995]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج