شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
وتعاونوا على البر والتقوى
لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها (( حديث شريف ))
واليوم وقد مضت ثلاثة عشر قرناً ونيف على مبدأ الإسلام تغيرت فيها مقاييس الحياة، واستبدلت الخيل بالدبابات والمنجنيق بالطائرات، والسيف والرمح بالقنابل والقذائف، فإنه رغم كل مكابر لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح أولها وصدق الصادق المصدوق. والعجيب أن يرى بعض المتفلسفين أن الرجوع إلى ما كان عليه أول هذه الأمة هو الرجوع الشكلي بما فيه من عادات وتقاليد ذلك العصر.
وأنا شخصياً أرى أن هذا غلطٌ فاحش، فصلاح هذه الأمة لا يكون برجوعها إلى الاتباع الشكلي الذي هو متعلق بالعادات والتقاليد في المأكل والمشرب والقيام والقعود، فلست أرى أن نجاح الصحابة رضي الله عنهم في تقويم دعائم الإسلام كان سببه ما كانوا يتخذونه من القواعد والتقاليد الشكلية، بدليل ما روي عنهم من التغيير في كل دور من أدوار الإسلام، فحالة أبي هريرة مثلاً قبل الفتوحات كانت غيرها بعد الفتوحات وقل هكذا في كثير من الأصحاب رضوان الله عليهم أجمعين.
إنما السر في تلك النفسية الإسلامية الصافية التي كانت ممتلئة شعوراً بالواجب الإسلامي في كل طريق من طرق الحياة وفي كل فرصة من فرصها، وأظنني غير محتاج إلى توجيه نظر القارىء الكريم إلى ذلك التسابق من الصحابة رضوان الله عليهم حين كان يدعو الداعي أو تلم الملة، تلك النفوس التي كانت تكدح في الحياة بأشد مما نكدح ولكنها لم تستعبدها المادة في لحظة من لحظات هذه الحياة.
ألم يحدثنا التاريخ عن تجارة عثمان رضي الله عنه وسعتها، ثم ألم يحدثنا عن تبرعاته التي ستهلع لها إذا ذكرت قلوب عبيد المادة من أبناء هذا الجيل؟ ألم يحدثنا القرآن عن خصائص تلك النفوس العالية بقوله تعالى وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ (الحشر: 9).
وما أشد حاجتنا في هذا الزمن الذي طغت فيه المادة على كل شيء إلى هذا الشعور العالي لنكون حقاً مسلمين تتمتع أرواحنا بوجوده فينا بالسمو الملائكي وأجسادنا باللذة الدنيوية وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (الحشر: 9).
ما من شك أن المادة (أو السفلية) إن صح هذا التعبير كانت السبب الوحيد فيما نراه من التقهقر والاضمحلال في المسلمين في هذا الزمان.
وإلا فأية نفس مسلمة هذه التي لا تسرع - وهي تسمع من حوادث فلسطين ما يدمي العين ويفتت الكبد - إلى حل كيسها لتدفع أقصى ما تملك في سبيل إنقاذ إخوانها المسلمين في تلك البقعة المباركة.
إذا كنا ونحن نقرر الحقيقة السالفة في تقهقر المسلمين واضمحلالهم، فمن الواجب فينا وقد حبانا الله شرف القلم أن نسجل هذه الظاهرة المجيدة في الأمة الإسلامية على العموم وفي الأمة العربية السعودية على الخصوص - ظاهرة التعاون والتآخي التي طالما تألمنا لفقدها وسعينا في إيجادها لمساعدة فلسطين:
فهذا النداء في جريدة المدينة الغراء من الوجيه الشيخ عبد العزيز الخريجي وهذه القائمة بالمتبرعين في صفحاتها وتلك الصيحات المدوية في جريدة المدينة وصوت الحجاز، وذلك التسابق المتتابع من رجالات هذه البلاد المقدسة يبشرنا بحياة جديدة على ضوء الحياة الإسلامية الأولى.
ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها وصدق الصادق المصدوق.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :579  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 54 من 124
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج