شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
التعارف سبيل إلى الوحدة فلماذا لا نستغل هذا الظرف؟
يشعر المسلمون اليوم في جوانب الأرض بداء التفرقة ينخر كيانهم ويهدم بنيانهم ويقهقر صفوفهم ويضعف من قوة دينهم ويجعلهم هزؤاً وسخرية بين أهل الأرض أجمعين، وهذا الشعور بضرر التفرقة ووجودها يكاد يكون عاماً بين أفراد المسلمين حتى العوام منهم، ولكن ما فائدة هذا الشعور إذا لم نجعله عقيدة نجاهد في سبيلها ونتحمل في محاربتها الصعاب التي تحملها آباؤنا الأولون. أما أن تظل نتيجته التأوه والحسرة فذلك ما لا نرضاه لأمة تعتز بماضيها وتود أن يتمثل ذلك الماضي الحافل في حاضرها الراهن.
ولقد جد الغرب فحاربنا بهذا السلاح الماضي وصبر وصابر واتخذ الوسائل الممكنة حتى ثبت في أخلاقنا مدح الفردية بجميع ما فيه من قوة وسلطان وجعلنا نتنزل درجة فدرجة حتى وصلنا إلى آخر ما يمكن أن تصل إليه أمة دب في نفوس زعمائها اليأس فنفضوا أيديهم منها وراحوا يتلاعبون بها في الزعامة كما راحت تجري وراء الضعف والاستهتار، فمن وحدة إسلامية إلى نزعة قومية إلى اعتزاز بالقبيل إلى انحياز عائلي إلى تفضيل نفسي ثم إلى زوال واضمحلال. فهذه المدارس التي يتبرع بتأسيسها المسيحيون، وهذه المستشفيات التي يعلون بناءاتها متذرعين بالإنسانية الرحيمة والإخاء العالمي المزعوم ليست إلا معاول تهدم بقوة وثبات ما بناه ديننا العظيم من اتحاد ووئام. وفائدتهم في الهدم والتخريب أكثر من فائدتهم في السعي في المحو فبحسبهم أن تكون الأمم الإسلامية مرتعاً خصباً لمطامعهم الاستعمارية، وسوقاً رائجاً لبضائعهم المزيفة وبحسبهم أن تصلح لأن تكون صورة صادقة لتنفير سوادهم عن هذا الدين.
وخليق بنا وقد لمسنا أثر هذا الحرب الاجتماعي الأخلاقي السيىء في نفوسنا ونفوس أبنائنا أن نجرد عليه حملة صادقة فنقلمه من أساسه ونرمي به في وجوه هؤلاء المخادعين المخاتلين وليكن سبيلنا إلى ذلك هو نفس السبيل الذي يسلكه بنا هؤلاء الهدامون لنعش شرقيين ولنحترم شرقيتنا ولنحتقر كل من يحاول أن يتقمص الروح الغربية نابذاً شرقيته وتقاليدها، ولنسع كتلة واحدة لإيجاد هذه الروح فتكون هي عقيدة المسلمين كما كانت من قبل في الشرق والغرب والشمال والجنوب، وبذلك نمهد السبيل لوحدتنا الإسلامية التي ضاعت وضاع معها ديننا الحنيف.
والتعارف سبيل إلى التفاهم والتفاهم ضروري بين رجالات المسلمين لإيجاد هذه الروح التي نرى أنها لازمة التمهيد لإرجاع وحدتنا التي تصدع كيانها وانهدم بنيانها، بل التعارف ذريعة لازمة للاتفاق والاتحاد، ولذلك نرى أمم الغرب تسعى بكثير من الوسائل المختلفة لإيجاد التعارف فيما بينها ثم تنظم الحملة مرتبة منسقة على هذا الشرق النائم الكسول. فهذه المؤتمرات المختلفة التي تعقد تحت أسماء مختلفة في كل بلدة أوروبية ليست إلا وسائل يختلقها الأوروبيون ليوحدوا كلمتهم ويسددوا سهامهم نحو ضحيتهم التي تآمروا على الفتك بها، والحج فرصة طبيعية عند المسلم لتوطيد دعائم الإخاء وتثبيت روابط التعارف، فلماذا نرى الحاج لا يكاد يقضي منسكه إلا ويحمل حقائبه ويجري مسرعاً ليدرك أول باخرة تبحر من الميناء؟ وكذلك نراه يتلمس في مجيئه آخر فرصة يمكنه من أداء النسك في أقل زمن ممكن. وإنا نهيب بإلحاح وقد صورنا له بعض حاجتنا إلى التعارف والتعاون أن يفكر عملياً بأن الإسلام دين إخاء ووحدة وتعارف ثم يسعى سعياً صحيحاً لإيجاد هذا التعارف والتآلف وقد وجد الفرصة الملائمة التي أتاحت له الاجتماع بإخوانه المسلمين من عموم الأقطار؛ ومن لوازم ذلك أن يتريث ويتريث هنا مدة تمكنه وتمكننا معه من ذلك التعارف المنشود، وليس بضاره شيئاً وقد صرف ما صرف أن يضيف إلى ذلك دراهم معدودة في هذا السبيل. ومن الحق والإنصاف أن نضع نصف اللوم في التقصير في هذا الباب على إخواننا الحجازيين، فإننا نرى أن من واجبهم أن يكونوا واسطة عقد هذا التعارف بين رجالات العالم الإسلامي ويستغلون أنفسهم هذا التعارف في سبيل الاتحاد الإسلامي العام، وكم نحن مقصرون في هذا السبيل. هذه كلمة أقدمها بين يدي إخوتنا الحجازيين والحاجين على أمل أن نجد منهم أذناً صاغية فيعملوا يداً واحدة على إيجاد التعارف المنشود ليكون سبيلاً للوحدة المرجوة والله من وراء القصد.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :592  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 53 من 124
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.