شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مؤتمر أدباء وشعراء المملكة
كنت أتوقع أن يلقى مؤتمر الشعراء الذي انعقد في وزارة الإعلام بدعوة من معالي وزير الإعلام أكثر من صدى وأن يعالج بأكثر من قلم البلد. فهذا المؤتمر يعد حدثاً تاريخياً بالنسبة لهذا البلد، فلم يسبق أن اجتمع شعراء هذه المملكة من الشرق والغرب والشمال والجنوب وجهاً لوجه وفي مكان واحد وفي ندوة تعد من أمتع الندوات وأكثرها جمالاً.
قال معالي وزير الإعلام وهو يفتتح الندوة ما معناه: إن الإذاعة تحس أن التجاوب بينها وبين أدباء وشعراء البلاد لم يكن متكاملاً وأن المسؤولين في الإذاعة حاولوا ويحاولون أن يكونوا على اتصال دائم بأدباء وشعراء المملكة وأن يكون التجاوب الروحي بينهما ذا صلة قوية ومتينة.
إني أشعر أن على الإذاعة أن تكون ذات صبغة وطنية أصيلة وكم وددت أن كل ما يقال وينشر فيها يكون من إنتاج أبنائها لتكون صورة صحيحة للبلاد العربية السعودية.
إني لأشعر بالمرارة حين أجد أن إنتاج الإذاعة لا يمثل مائة في المائة الأدب السعودي.
لقد قال معالي وزير الإعلام كلاماً كثيراً كان يتكلم بحماس ويدعو برجاء. ولقد كان صدق الانفعال في حديث معاليه قوياً مؤثراً فلم يملك كل شاعر وأديب في الندوة إلا أن يستجيب للنداء الوطني الحار وللأمنية الكبيرة التي يتمناها كل مواطن وهي أن تكون الإذاعة السعودية عربية أصيلة في كل ما تقدم من الإنتاج.
إن الانفعال الذي دارت به المناقشة في المؤتمر كان قوياً جياشاً وتوهمت أن يكون قوياً جياشاً في الصحف من جميع الحاضرين..
ما زلت أنتظر أن تتناول الأقلام.. أقلام الشعراء والأدباء الذين حضروا هذه الندوة جميع البحوث التي أثيرت ودار فيها النقاش، فهي جديرة بأن تمحص ويخرج منها الرأي الحصيف ويعمل به.
ووددت لو عرفنا أولاً بأول من إذاعتنا الاستجابة العاجلة التي وعد بها شعراؤنا معالي وزير الإعلام.
العمل يبلغ الأمل:
تنعش نفوسنا هذه الأيام آمال كبيرة واسعة والجهود التي نبذلها حكومة وشعباً لتحقيق هذه الآمال جهود صادقة وصادرة عن رغبة ملحة.
والنهضة الشاملة التي تعم بلادنا الواسعة الأرجاء تشمل مرافقها كلها..
غير أن هذا كله لا يعني أن نتعجل اقتطاف الثمار، فقد عانينا وعانت ميزانيتنا الشيء الكثير من أعمال الارتجال، فالارتجال مهما عمت فائدته الوقتية فإن مداه قصير وقدرته على تبديد الأموال سريعة.
ولا بد من الاستفادة من التجارب، وقد علمتنا التجارب أن نزن الخطى وأن نتحسس موضع القدم قبل تثبيتها وأن نقيس قبل الغطيس وأن ندرك أن البذرة لا تثمر إلا إذا وضعت في أرض حرثت وسمدت بعناية، ثم إنك ولا بد أن تصير عليها، وبقدر ضخامة الثمرة يكون الصبر. الصبر مع العزم والإصرار على مواصلة الجهد وتدعيم السياج الواقي من الأضرار التي يسببها اختلاف المناخ أو مرض مباغت أو قضاء لم يكن بالحسبان؛ وليست مشاريعنا في كل حقل وفي كل وزارة إلا بذوراً نبذرها ونرتجي ثمارها. ونحن مدعوون للعمل باستمرار وبصبر وثبات وبإيمان وإخلاص. والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
المنبر العام
إن كل إنسان مهما تحرى وتحايل وتباعد عن الناس فإنه معرض لظلم الناس، فقد قرر هذه الحقيقة الشاعر العربي حين قال:
والظلم من شيم النفوس فإن تجد
ذا عفة فلعلَّة لا يظلم
فأنت ما دمت تعيش مع الناس فلا بد أن تتعرض لظلمهم وجحودهم، ويزيد ظلم الناس وجحودهم كلما ابتعدوا عن المثل العليا وتغلغلت المادية في نفوسهم فأبعدتهم عن الله، وعصرنا هذا قد غمر الناس بتيار المادة الجارف فأضلهم وأعمى أبصارهم.
وقد تعودت أو على الأصح عودت نفسي أن أتجنب طريق الظالمين، وكثيراً ما يكلفني ذلك تضحية مادية ومعنوية، فالتضحية لازمة من لوازم تجنب ظلم الناس للناس، وليس اختياري لهذا الطريق لمزية في نفسي أتفاخر بها ولكن لاعتقادي أنه الطريق الأسلم.
وفي هذه الحادثة التي جر إليها هذا البحث كانت التضحية ثقيلة وقاسية على النفس فلم احتملها وقدمت أشكو وحوّل سعادة القائمقام عريضتي إلى مدير الشرطة وأخذت العريضة في يدي وكنت في صحبة الصديق الأستاذ محمود عارف، فقد حملته شهامته إلى مساعدتي. والأستاذ محمود إن كنت لا تعرفه يتحلى بصفات إنسانية ترتقي إلى التضحية والبذل ولا يطيق أن يرى هضماً أو ظلماً إلا وتدخل ليساهم في رفعه وحل مشكلته، وكثيراً ما رأيته يتدخل عندما يرى شجاراً عارضاً أو نعتاً بين أشخاص لا يعرفهم ويتدخل حتى إذا عرف ناحية الظلم تحمس وارتفع صوته حتى تظن أنه يدافع عن أخ أو صديق.
وإنما صحبني في جولتي هذه بدافع هذه الطبيعة الإنسانية لعلَّه يستطيع أن يساعدني، وهو أستاذ جيل من أبناء جدة فلا يدخل إدارة من إدارات جدة إلا وله فيها تلميذ أو صاحب أو صديق.
ودخلنا إلى مدير شرطة جدة وكانت مفاجأة بالنسبة لي، فمعرفتي بالسيد حسن شيبة معرفة قديمة حينما كان يعمل في المنطقة الشرقية. حييته وقلت له الحمد لله على السلامة أهنئك وأرجو من الله لك التوفيق. وتنفس الرجل وقال إن المهمة شاقة وليست مشقتها في أداء الواجب فالواجب حدوده معروفة، ولكن مشقتها أن تجد الموظف الذي لا يكهربه المنصب فينسى أن الحكومة إنما منحته شرف الجلوس على هذا الكرسي ليكون خادماً أميناً للشعب.. إني أعتقد أن الموظف لا يستطيع أن يؤدي واجبه إذا لم يعترف في قرارة نفسه وبعقيدة صادقة أنه خادم للشعب. هذه هي عقيدتي وبهذه العقيدة نجحت. إنني لا أستطيع حمل العبء إذا لم أجد من يعاونني على حمله على هذا المبدأ؛ وبهذه العقيدة كان يتحدث وفي صوته نبرات.
كان يتحدث وفي صوته نبرات الإخلاص وفي عينه علامات الحسرة والألم - ثم استطرد يقول إن كثيراً من الموظفين يظنون أن من تولى السلطة منهم قد تولى السلطان وهذا هو سبب البلاء.
فتحت عيني أنظر إليه مشدوهاً ووددت لو حملته على عنقي وهو يتحدث أدور به على جميع الأقسام ليسمعوا في كلماته تجارب رجل خدم حكومته أكثر من ربع قرن وخدم أمته وبلاده بعقيدة جعلته قرة عين الشعب والحكومة.
وخرجت من عنده لألتقي بمفوض المنطقة الثالثة ووددتُ لو استطعت أن أنقل إليه كلمات المدير وأنى لي أن أفعل وأنا أمام رجل لا يراني أهلاً لأن أتحدث عن العدالة في مجلسه الكبير، لقد أطعتك أيها السيد فلم أتكلم عن العدالة في مجلسك الكبير.
ودعني أتطفل عليها على صفحات هذه الجريدة. إن العدالة يا سيدي الكبير تتمثل في أداء الموظف واجبه كخادم أمين للشعب فيحترم من أوقفته العدالة بين يديه ليسمع بقلب واعٍ ويستوعب ما يقال - والعدالة يا سيدي في تركيز وتضييق نطاق القضايا ليصل المحق إلى حقه من أقرب طريق. فتوسيع المجال والمساعدة على إيجاد المنافذ سبيل إلى ضياع الحقوق وتشجيع لأصحاب المزاج في العكننة والتملص من الحق. ألست معي أيها القارىء الكريم؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :720  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 49 من 124
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء الثامن - في مرآة الشعر العربي - قصائد ألقيت في حفل التكريم: 2007]

محمد سعيد عبد المقصود خوجه

[صفحة في تاريخ الوطن: 2006]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج