شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
بحث في المسائل الحاروية (3)
العتاد الحاروي:
عدة الرجل الحاروي (العصا والسكين) فهما اللذان يدافع بهما عن نفسه، وهما اللذان يعتمد عليهما في الذود عن حياضه، أما المسدس فلا يوجد إلا نادراً، ولا يستعمله إلا القليل.
والعصا في نظر الحاروي هي كل شيء، فهو ينتقيها من شجر اللوز لصلابته وقوته، ويدهنها دائماً بالشحم النيء، والحوانيت التي يشوي فيها اللحم (المسلاتة) تجد في سقوفها –في الغالب– شيئاً من العصا ويقولون: إن ذلك يقوي من متانتها، ويحسن في شكلها، وغالب الحارويين يخضبون عصيهم بالحناء، وبعضهم يضبها بالفضة، والبعض منهم يحلي رأسها بقطعة من جلد إلية الخروف لتتماسك عروقها كما يقولون. ويسمون العصا "نبوتاً" وبعضهم يقول لها "شوناً".
أما السكين فإنهم ينتقون حديدها من الجنس الصلب الجيد ويسمونه (راجساً) ولهم في تحليتها وتحسينها طرق مختلفة وتفانين جميلة.
اللباس الحاروي
لأهل الحارة لبس مخصوص اعتادوا عليه، وبالرغم من التطور الذي حصل في الحجاز فإن اللبس الحاروي لا يزال له سمته القديم من حيث الجوهر، فالرجل الحاروي كان في القديم ولا يزال حتى الآن يرى أن كبر العمامة أمر لازم وفرض محتم؛ ولهذا الغرض كان استعمال النوع المعروف في الحجاز "بالحمُّودي" (1) منتشراً بكثرة عند الحارويين والسبب في انتقائهم هذا النوع هو كبر حجمه، والقليل منهم؛ المشائخ وكبار الحارة في الغالب يستبدله بإحرام (لاس) بحجم كبير ويضعون في إحدى أركانه هدبة طويلة على شكل محبوك ولا يزال هذا النوع يستعمل حتى هذا اليوم. وقد وَهَم في الحمودي محمد لبيب البتنوني صاحب "الرحلة الحجازية" (2) فكتب في صحيفة 6 من الطبعة الأولى ما يلي: "ومما يذكر بهذه المناسبة أنا رأينا أهل جدة يميلون إلى اللباس الأحمر لا فرق في ذلك بين كبيرهم وصغيرهم، وربما كان ذلك من تأثير الوسط الذي يعيشون فيه فتراهم يشدون على وسطهم حزاماً أحمر ويضعون على رأسهم شالاً لونه أحمر". والحقيقة أن أهل جدة ومكة وأكثر بلدان الحجاز لا يميلون إلى اللون الأحمر إلا الشاذ منهم وأهل مكة أدرى بشعابها.
نعود إلى ما نحن بصدده فنقول: وأهل الحارة يتمنطقون بحزام، وقد كان الحزام في الأزمنة السابقة هو العلامة الفارقة بين الرجل الحاروي وغيره، ولا يزال هذا متداولاً على لسان العامة حتى اليوم، وقد كان تعريض الحزام في الأزمنة السابقة من اللزوميات الضرورية للرجل الحاروي، أما الموضة الجديدة فهي أن يكون شكل الحزام مبروماً، وقد ظهر هذا النوع في الحجاز في العقد الرابع من قرننا الحاضر، وأهل الحارة يرغبون في لبس الثياب التي تميل ألوانها إلى الزرقة والسواد ويضعون في رقابهم خيطاً أسود –في الغالب– ويشدونه بحيث يكون لازماً على جلد الرقبة، وبعضهم يضع فيه قطعة من الفضة يسمونها "هيكل" وتختلف أشكالها من حيث الصنعة والفن لا من حيث الكبر، وهي صغيرة لا يتجاوز حجمها ثمانية سنتي. وهذا هو أشبه بالشعار عندهم، وقد ظهر هذا قريباً.
ولم أعثر على ابتداء أمره بالتحقيق ومن العيب الفاضح في نظرهم؛ إطالة السراويل، وبعضهم يتغالى في ذلك فيجعلها فوق الركبة، وهذا قليل، ولا نجد فيهم من يتعد ثوبه الكعبين، وهذا من السنة يحمدون عليه.
النخوة الحاروية:
الحارة وأعمالها ملكت على كثير من الناس مشاعرهم وقلوبهم، فضحوا بكل عزيز وغالٍ في سبيل ذلك، فهم ينفقون أموالهم عن طيب خاطر وسماحة نفس من أجل الحارة وفي سبيلها، وإنا نميل إلى أن التنافس الحاروي هو السبب الأساسي في ذلك، والرجل الحاروي نجد فيه من النخوة ما لا نجدها في غيره، فهو في الحريق يقذف بنفسه في وسط النيران غير هياب ولا وجل وإذا استنجدته أنجدك، وإذا طلبت منه قضاء أمر قام به، وإذا دخلت عليه في أمر دافع عنك بماله ونفسه. والحقيقة أن فيهم كثيراً من العادات والصفات الجميلة المحمودة الموروثة عن العرب؛ وكما أن لهم حسنات فإن لبعضهم شيئاً من السيئات "والعارف لا يعرف".
للبحث صلة: مكة (متألم).
جريدة (صوت الحجاز)
8 جمادى الثاني 1352هـ
29 أغسطس 1933م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :641  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 40 من 122
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.