فجرٌ يُطلُّ وكَوكبٌ يَتَهَلَّلُ |
وضُحىً يَشيعُ وأمةٌ تَتكتَّلُ |
هتفتْ بها سُننُ الحياةِ فلابستْ |
سبَب البقاءِ وأقدمتْ تتغَلغَلُ |
ومشتْ (بوحدَتِها) الكتائِبُ والرُّبى |
خَفاقةً الراياتِ لا تَتَزلزَلُ |
خلعتْ من (الأسمالِ) كُلَّ مُهلهلٍ |
واستبدلتْ بالكَدحِ ما هو أجمَلُ |
وكأنَّما الدُّنيا وما اضطربتْ به |
فلكٌ إليها في (طُموحِك) ينقلُ |
مولاي إنَّ (الشَرقَ) فيكَ بأسرِهِ |
(ضوءٌ) يَعُبُّ الغربُ فيه ويَنهَلُ |
عجباً في (الدنيا الجديدةِ) مَطلعٌ |
للشمسِ أنَّك فَوقَها تُستقبلُ |
جَنحتْ إليك مَواكِباً أقطابُها |
شتى الميولِ وكلّها لك محفِلُ |
وترنمتْ بك في ذُراها (زائراً) |
فيه (العُروبةُ) بالهدى تَتَسربَلُ |
طوَّفتَ في آفاقِها وطويتَها |
سُحباً يُهادِيها السِّماكُ الأعزَلُ |
من كلِّ واضحةِ المعالمِ رَحبةٍ |
تَختالُ في حُللِ النّعيمُ وتَرفُلُ |
أفضى إليها الاختراعُ بسِرِّهِ |
هَمساً وجاسَ خِلالَها يتسلَّلُ |
(الفنْ) في جَنَبَاتِها رَجعُ النُّهى |
(والشعرُ) في ذَرَّاتِها يَتَخللُ |
والأرضُ (عَرضٌ) والسماءُ (أعِنَّةٌ) |
والبحرُ (فُلكٌ) و (المصانعُ) مِرجَلُ |
(فِردوسُ) أشتات (الحضارةِ) والمُنى |
لو أنَّهُ يَبقى ولا يتبدَّلُ |
والكارِعُون الصَّفوَ من أكوابِهِ |
(هيمٌ) وأنديةُ (الثقافةِ) مِشعَلُ |
يا مُلتقى الآمالِ وهي عَظيمةُ |
ومؤيدَ (الفُرقانِ) وهو مُنزَّلُ |
وابنَ الذي جَعَلَ الجزيرةَ جَنةً |
وعليه بعدَ اللهِ فيك نُعوِّلُ |
أترى بحورَ الشعرِ فيك مُحيطةً |
كلا وهل يَسعِ الخضمَّ الجَدولُ |
ما أنت شخصٌ في النواظرِ واحدٌ |
(الشعبُ) فيك و (مجدُه) يَتمثلُ |
يلتفُ حولَكَ حيثُ أنت مُحلِقٌ |
زُمَراً ويهزِجُ بالفَخَارِ ويَعمَلُ |
ولقد تَزاحمَ في ركابِكَ (وَعيُهُ) |
جذلانَ يهتفُ للنهوضِ ويَنسِل |
يرنو إلى الهَدفِ القصيَّ وقد دَنا |
كالطيفِ يَفري بأوصالٍ ويبذلُ |
خُضْتَ السديمَ على جَناحِ خَافقٍ |
جَذَبَ القُلوبَ إليه صَقرٌ أجدَلُ |
لم تَرضْ إلا أن تقودَ زِمَامَهُ |
بيديكَ تُمعِنُ في الفَضاءِ وتَصقلُ |
ما كان في يُمناكَ ثَمَّ مُحركٌ |
يُزجي ولكنَّ (الجزيرةَ) تُقبلُ |
ما (التبرُ) ما (الفُولاذُ) إلا بعضَ |
ما تَزجي بلادك وهي بِكرٌ معضلُ |
عبرتْ بها الأجيالُ وهي أجنةٌ |
تحتَ (الثَّرى) وبها (الثراءُ) مُوكَّلُ |
لِلهِ درُّ (العلمِ) ماذا استنبطتَ |
فيه (العقول) ودَرُّ من هو يَعقِلُ |
وإن القرونَ الخالياتِ على المَدى |
أعيينَ أن يَبعثنَ ما هو جَندَلُ |
جثمتْ على صَدرِ البلادِ كَلاكلاً |
وكأنَّما هي في المَرافِقِ مِعَولُ |
حتى إذا مَنَحَ الإلهُ لها الرَّضى |
في ظلِ عَرشِ (أبيكَ) وهي تُخذلُ |
ألوى بها ومضى يشقُّ طَريقَها |
(للرُّشدِ) بعدَ الغَي لا يَتَمَهَّلُ |
ما عاقَهُ النَّقعُ المُثارُ ولا الوَغى |
عما يَرومُ ولا الرِّياءُ المُعضِلُ |
شتانَ ما كانتْ وما هي أصبحتْ |
(ماضٍ) تَواثَبَ نَحوهُ المُستقبلُ |
هديت إلى (نجدٍ) أبوك لواؤه |
طُراً وفيك (إباؤه) يتزمَّلُ |
سيانَ من أرباضِها وحِياضِها |
الضيفُ والمُعترُّ والمُتهدِّلُ |
كلٌّ يُمِتُّ إلى الجُّذورِ بأصلهِ |
و (الضادُ) تجمعُ و (المَواضِعُ) تَذهلُ |
فاملأ بها سَمْعَ الخَلائِقِ أمةً |
يعنو لها بطشُ الطغاةِ ويَبهلُ |
واعصفْ بعزمِكَ في جوانح بيدهَا |
عَصفاً فإنَّ جُمودَها يتَحوَّلُ |
وأقمْ بها سوقَ التَّنافُسِ نافقاً |
بالسَّعي فيما فيه أنتَ الجَّحفلُ |
إنَّ (الشريعةَ) قد سَمتْ من قَبلِهِم |
بجُدُودِهِم وهمُ الطِرازُ الأولُ |
سادوا الشُّعوبَ وأطلقوا أصفادَها |
وتَيمموا شُذُرَ (الخلودِ) وأرفّلوا |
(بالعدلِ) (بالإحسانِ) بالسيفِ الذي |
قَهَرَ العُتاةَ بهِ (النبيُّ المُرْسَلُ) |
* * * |
دعوى السلامِ بِلا عَتادٍ خدعةً |
هيهات منها الصِّدقُ إذ هي تُسدَلُ |
لولا القُوى ما خرَّ مُنصعقُ الهَوى |
يوماً ولا انتصَر الضعيفُ الأعزَلُ |
هذا هُدى الرَّحمنِ في آياتِهِ |
يَدعو إلى الإعدادِ وهو الأكمَلُ |
و (الدينُ) لا يعلو بغيرِ أسِنَّةٍ |
زرقٍ ودونَ ظُبىً به تَتصَلصَلُ |
زَعَم البَريءُ من البُطولةِ أنَّه |
فَرْطَ الخشوعِ يُطيلُهُ المتبتلُ |
كلا أبى (التَّوحيدُ) إلا انْ تُرى |
فيه الدِّماءُ على الحَفائِظِ تُبذَلُ |
بالسيفِ قامَ وما الفُتوحُ لِرائدٍ |
نُصبتَ ولكنْ قوةٌ وتَوغُّلُ |
أبتِ الكَوارثُ أن تَجدَ لكائنٍ |
إلا إذا هو في الحَوادثِ يَهزلُ |
أما القويُّ ومن أعدَّ سِلاحَهُ |
فهو (المُظَفَّرُ) والمُهاترُ أهبلُ |
قالوا وقُلنا (ضَرَّتَانِ) وإنما |
يُغني عنِ الجَدلِ العَقيمِ الفَيْصَلُ |
مولاي لم تَزحمْ بمنكِبكَ السُّهى |
عَبَثاً ولا هي (نُزهةٌ) وتَنقُّلُ |
تأبى لك الأحسابُ وهي عَريقةً |
إلا احتمالَ العِبءِ وهو الأثقَلُ |
ما الشعبُ إلا (العرش) في عَليائِهِ |
ما (العرشُ) إلا الشعبُ إذ هو يَعملُ |
ولقد تًواصى شِيبنا وشَبابُنا |
بالحُبَّ فيكَ وأنَّه لمُسجَّلُ |
في كلٍّ نفسِ من هَواكَ غَريزَةٌ |
وبكُلَّ قلبٍ من ولائِكَ مِعقَلُ |
وجزاءُ هذا الحُبَّ منك وضعفه |
صُحفٌ من (التاريخِ) عنك تُرَتَّلُ |
تزكو بها الأغراضُ بينَ رُبوعِنا |
خُضراً ويسَقيها نَداكَ المُسبَلُ |
إنَّ البقاءَ تنازعٌ وأحقُّنا |
بالحَظَّ من يَغشى ولا يُتَعَلَّلُ |
والناسُ في المَلكوتِ بين مُشيعٍ |
طَلْقٍ وآخرَ كالقِراضَةِ يُهملُ |
والجهلُ أوتادُ الفناءِ ولن تَرى |
رَهْطاً بغيرِ العِلمِ منه يُؤمَّلُ |
فاصدعْ بأمرِكَ قلبَ كُلِّ مُنشَّىءٍ |
وارفعْ قواعدَ ما بِهِ تتطولُ |
وازددْ بشُكرِ اللهِ كُلَّ فريضةٍ |
نِعماً تَعُمُّ بها التُّخومَ وتَفضُلُ |
واهنأْ بأوبتِك السعيدةِ إنَّها |
(عيدٌ تُكبرُ) حَولَهُ وتُهللُ |
واسمحْ لنا بوفاءِ وعدِكَ إنَّنا |
نعدو إليه ولا نَريمُ ونَعجَلُ |
أمنيَّةٌ مَلكتْ شِغافَ قُلوبِنَا |
(حَولينِ) أنك بالإقامةِ تَظللُ |