قُمْ، فالصَّبـاحُ أطـلَّ مِـنْ شُرُفاتـهِ |
تَتَماوَجُ الأنوارُ في بسَمَاتِهِ |
غَمَـزَ الخَمائـلَ فازْدَهَـتْ أعطافُهـا |
والطَّيْرَ، فازْدَحَمَتْ على غَمزاتِهِ |
يا حاملاً خُبْزَ النُّفـوسِ إلـى الـوَرَى |
لَوْ أنصفوكَ تَسابَقوا لِفُتاتِهِ |
جَهِلوا مَقَامَـك، فاغْتَفِـرْ إعراضَهُـمْ |
قَدْ يُعْذَرُ الكابي على كَبَواتِه |
وزَّعْتَ نَفْسَكَ بينهم، مُتَأَبِّطاً |
عِبْئاً نَهَضْتَ به على عَلاّته |
طَوْراً تَحوم علـى الجُمـوع، وتـارةً |
تَسْعَى إلى الفَلاّح في وُكُناتِه |
في كُلِّ أذْنٍ مِنْ هُتافِك رَنّةٌ |
وصَدىً شَجِـيُّ الوَقْـعِ مِـنْ مَطّاتِـه |
كَمْ ذا تَحَدّاك الشِّتاءُ بقَرِّهِ |
وبثَلْجِهِ، فَضَحِكَتَ مِنْ حَمَلاتِهِ |
صَفَّحْتَ رِجْلَك بالمَداسِ تَخُـوضُ فـي |
أوحالِهِ، وتغوصُ في بُؤْراتِهِ |
الناسُ حَـوْلَكَ يَهْرُبـون، وأنْـتَ في |
خَطّ الدِّفاع تَصولُ في غَمَراتِهِ |
شَمَّرْتَ عَنْ زَنْدٍ يَفَيض صَلابةً |
وكَشَفْتَ عَـنْ صَـدْرٍ زَهَـا بثَباتِـهِ |
فَلْيَضْرِبِ الإِعْصـار حَـوْلَكَ مَعْقِـلاً |
تَتَقاصَرُ الأبْصار عَنْ غاياتِهِ |
وَلْتَعْقِدِ الأمْطارُ دونَك جارِفاً |
تَتَدافَعُ الأخطار في كَرَّاتِهِ |
مَنْ كان مِنْ آماله في جَنّةً |
ومِنَ العَزيمة في ربيعِ حَياته |
هَيْهَات تَثْنيـه العَواصـفُ ما طَفَـتْ |
أوْ تَكْبَحُ الأهْوالُ مِنْ وَثَباتهِ |
ولكمْ غَزالكَ الصَّيـْفُ يَقْـذِفُ حَـرَّه |
جَمْراً يَؤُجُّ المَوتُ في لَذَعاتِهِ |
ريحُ السَّموم تَهُبّ مِنْ أنْفاسه |
ولَظَى الجَحيمِ يَجيشُ في نَظَراتهِ |
فَصَبَرْتَ صَـبْرَ الأنبيـاء علـى الأذى |
وفَلَلْتَ بالإِيمانَ حَدَّ قَناتِه |
وقَذَفْتَ نَفْسَك في الشوارع، لَمْ تَخَـفْ |
سَوْطَ اللَّهيـب يَصـول في ساحاتـِه |
يا نارُ كوني – إنْ تَهزّكِ نَخْوَةٌ |
بَرْداً عليه، وفّيئي خُطُواتِه |
أترفُّ إبراهيمَ منكَ غَمامةٌ |
سَمْراء تَفْرُش بالنَّدَى طُرُقاتِه |
ويَخوضُ منك حَفيدهُ في غمرةٍ |
حَمْراءَ تَمْوُجُ بالمُدَى حَلَباتِه؟ |
* * * |
بأبي ومـا مَلَكَـتْ يـدايَ مُدَجَّجـاً |
بالماضِيَيْن رَجَائِه، وأناتِه |
لا يَستريحُ ولا تَهِي عَزَماتُه |
كَفْكَفْتُ شَـرَّ العَـيْن عَـنْ عَزَماتـه |
لولاه لانْحَبَسَ الأديب ببُرْجِهِ |
وطَوَى جَنَاحَيْه على نَفَحَاتِهِ |
هُوَ هَمْزةٌ بين القُلوب، وسُلّمٌ |
تَتَنَقَّلُ الأخْبار في دَرَجَاتِهِ |
ماتَتْ حَزازاتُ السياسيةِ عِنْدَه |
وتعانَقَ الأضدادُ في راحاتِه |
لا شَأَنَ للأحزاب في سُلْطانه |
فَلْتَحْنِ هامَتَها على عَتباتِه |
كلُّ المبادئ عِنْدَه مَعْروضةٌ |
لا يَخْشَ طبّالٌ على نَزعَاتِهِ |
* * * |
يا مَنْ يشـدُّ علـى الطَّـوَى زِنّـاره |
ويَجورُ مِنْ كِبْرٍ على عَبَرَاتِه |
هذي تحيـةُ مُعْجَـبٍ بـك، غاضِـبٍ |
للفَضْلِ يَغْمَطُ في أَشَدِّ حُماتِه |
نَمَّقْتُها بعَواطفي، وكَتَبْتُها |
بَدَمِ الفُؤاد يَؤجُّ في نَزَواته |
فاعْذُرْ أخـاك إذا بَـدَت لك كَبْـوَةٌ |
سُبْحَانَ مَـنْ حَصَـرَ الكمـالَ بذاتِـهِ |
وتَعالَ نَبْنِ على سَناها هَيْكَلاً |
للوُدِّ، يَجْثو القَلْبُ في حُرُمَاتِه |
* * * |