علِّليني بالعَوْدِ يا أحْلامُ |
واشْرَبي مِنْ دِمايَ يا آلامُ |
شَرّدتْنِي الرياحُ شَرْقاً وَغَرْباً |
وتَوالَى على دُروبي القتَامُ |
كلما قُلْتُ يا رحالي استريحي |
زَجَرَتْنِي عَزيمةٌ لا تَنامُ |
أيّها الخافِقُ الذي لبس الليلَ، تجمّلْ فما لحالٍ دَوامُ |
يِطْلُعِ الفَجْر مِنْ خِلال الدَّيَا |
جير، ويَهْمي على الهَجيرِ الغمامُ. |
أنا طَيْرٌ واهي الجناحِ غَريبٌ |
أنْكَرَتْني الأدْواحُ والآكامُ |
لا غِنائي على الغَدير غِناءٌ |
ساءَ فأْلي، ولا سَلامي سَلامُ |
لُغْتي في مَسامِع القَوْم لَغْوٌ |
وهُمومي في شَرْعِهِم أوْهامُ |
يَعْلَمُ الله كَمْ تَناهَبني الشَّوْق |
وكَمْ سامَني الهَوَى والهُيامُ! |
أنا لولا غَلْواءُ ما قَلْتُ شِعْراً |
المعاني منها ومنِّي الكَلامُ |
عَيَّروني بها فقُلْتُ صَدَقْتُمْ |
أنا يا قَوْمُ مَدْنَفٌ مُسْتهامُ |
إن أكُنْ خاطئاً فيا رَبِّ زدْني |
ولْيَمُتْ في هُداهمُ اللَّوّامُ |
أنا في مَعْشرٍ على المالِ صَلَّوا |
وعلى بُؤْرة المطامِعِ حامُوا |
بَعْضُ ثَرْواتهم حَلالٌ، وبَعْضٌ |
فيه شَكٌّ، وبَعْضُ بَعْضٍ حَرام |
أنا منهم ولَنْ أبرّئ نَفْسي |
جَمَعَتْنا وسيلةٌ ومَرامُ |
جَمَعَتْنا القُصُورُ التي بَنَيْنا ونَبْنِي. |
وسنَبْنِي، أعزُّ منها الخِيامُ |
أقْفَرَتُ نَفْسُنا مِنَ الْخَيْر لمّا |
أمْرَعَتْ في رؤوسنا الأرقامُ |
* * * |
يا أخا الوُدّ في غَدٍ تَتْرُك الأيْكَ فتَسْعى إلى لِقاكَ الشآمُ |
جئْتَنا باسمها فهشّتْ أمانٍ |
ذاوياتٌ وهَلَّلَتْ أحْلامُ |
قُلْ لها إننا على العَهْد باقونَ |
وإنّا على هَواها قِيامُ |
ما سَلَوْنا، وكَيْف نَسْلو تُراباً |
منه هذي الأرْواحُ والأجْسام؟. |
يا لَقَوْمي؟ وما دَعَوْتُ جفاةً |
أوَ يَحْلو على الجَفاءِ المَلامُ |
جَمَعَتْنا في الحبِّ آيةُ عيسى |
وعلى الحقِّ ضَمّنا الإِسْلامُ |
الوئامَ الوئامَ!... ما عزَّ شَعْبٌ |
ضاعَ إيمانُه وماتَ الوِئامُ |