لا بالسفير فَرِحْنا يومَ لُقْياه |
بَلْ بالأديبِ الذي طابَتْ سَجاياهُ. |
بشاعِر تُسْكِرُ الأرْواحَ خَمْرتُه |
الشرقُ أنْبته والوَحْي غَذّاهُ |
في شِعْرِهِ نَفَحَاتٌ مِنْ شَذَى بَرَدَى. |
والشِّعْرُ أعْذَبُه في النفس أنْداهُ |
وفي نَجاواهُ مِنْ صِنِّين وَشْوَشَةٌ |
تَناغَمَتْ، وأريجٌ مِنْ صَباياهُ |
شدَّنْهُ بارِيزُ في قيْثارها وَتَراً |
لكنَّه ظَلَّ مَشْدوداً لِلَيْلاهُ |
وأطْلَقَتْه كناراً في خَمائلها |
لكنَّها عَجَزنْ عنْ أنَّ تَبَنَّاهُ |
واجتاحَتِ الشامَ بالبارودِ تمْطِرُها. |
فاجتاحَها بطُيوفٍ مِنْ رَعاياهُ |
ما كانَ أكْرَمَه غَزْواً وأرْحَمه |
ثَأْراً وأفْحَمَه رَداً وأحْلاهُ |
غَنَّى فصفَّقَت الفَيْحاء مِنْ طَرَبٍ. |
ورَدَّدتْ هَضبات " الألْب " نَجْواهُ. |
لَمْ تُغْرِه في كُهوف "الرَّمْز" شَعْوذةٌ. |
ولَمْ تُهَوّرْهُ فيما حَرّم اللهُ |
إنْ كان مَبْناه غَربياً بظاهِرِه |
فإنَّما هُوَ شَرْقيّ بمَعْناهُ |
تَجْري العُروبةُ في أعْصابه لَهْباً. |
وتَشْرَئِبّ ضِياءً في مُحَيّاهُ |
لَمْ تَعْصِهِ الضادُ لكنْ مِنْ شَمائله. |
أنْ يَسْتبيحَ على الضِّرْغام مأواهُ. |
بارَى النُّسورَ فَلَمْ يَلْحَقْ به أحَدٌ. |
نَسْرُ العروبةِ لا يُطْوَى جَناحاهُ. |
* * * |
يا موفَدَ الشام إن الشام مَغْنانا. |
هيهات ينسى غريبُ الدار مَغْناهُ. |
إنَّا لَنَحْمِلُ في الأهدابِ صورَتَها. |
ونَنْحني لاسمها أنَّى ذَكَرْناه |
شِدْنا لها وسنَبْني مِنْ جَمَاجمِنَا |
مَجْداً نَضُوعُ على الأجْيال رَيّاه. |
عَهْدُ العشيرةِ بالأرْواحِ نَحْرُسُه. |
فَلْتَبْرأ الضادُ منَّا إنْ خَفَرْناه |