شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
على سُلَّم الطائرة
عشية سفره إلى الوطن، سنة 1968
أعودُ إلى وَطني الأوَّلِ
فهَلْ يَضْحَكُ الأيْكُ للبُلْبُلِ؟
تطاوَل لَيْلِي، فقُلْتُ له
مَتَى يا ثَقيلَ الخُطَى، تَنْجلي؟
حَمَلْتُكَ مُنْذُ تَرَكْتُ الحِمَى
فألفُ سَلامٍ على "يَذْبُل" (1)
لَكَمْ ساهَرَتْني النجومُ وغابَتْ
وهَلْ يَسْتوي النَّجْم والمُبْتَلِي؟
لَكَ اللهُ يا خافقاً في الضُّلوعِ
قَضَيْتَ حياتَك في مَجْهلِ
غريبُ اللِّسانِ، غَريبُ الأماني.
غريبُ العَشيرة والموْئل
كلانا يَعيشُ على الذِّكْرياتِ
وأيْنَ السرابُ مِنَ الجَدْوَل؟
طَمِعْنا فأورَدَنا في المهاوي
وتُودي الفَريسةُ بالأجْدَلِ
ظننَّا السعادةَ في مَتْجَرٍ
يَضُمُّ الكُنوزَ وفي مَعْمَلِ
فَلَمْ نَجْنِ غَيْرَ الأسى مَشْرَباً
وَغيْرَ النَّدامةِ مِنْ مَأْكَلِ
إذا كان عِندكَ شيءٌ يُقالُ
فقُلْه، فقُلْهُ ولا تَخْجَلِ
لَعَمْري لَقَدْ صَدَقَ القائلون:
وعاءُ الشَّراهَةِ لا يَمْتلي
رأيتُ القَناعةَ شَهْداً، ولكنْ
تَحومُ النفوسُ على الحَنْظَلِ
أتذكُرُ، يا قَلْبُ، كَمْ ذا صَبَوْنا.
إلى كُوخِنا الأخْضَر الأخْضَل؟.
إلى الأهْل والدارِ والأصدقاءِ
إلى عَهْدنا الأنْضَرِ الأجْمَلِ
إلى نفحةٍ من أريج الشَآم
إلى مَوْجَةٍ مِنَ شَذا الكَرْمِلِ،
إلى غَفْوةٍ تَحَتَ ظلِ النَّخيل
إلى جُرْعة الماءِ مِنْ "كَوْشَل" (2) .
إلى السَّهْل تَمْرَح فيه النعاجُ، .
إلى الحَقْلِ يَمْرع بالسُّنْبلِ
فما لكَ، يَا قَلبُ، تَذْري الدُّموعَ.
وتَجْثو حَزيناً على الهَيْكَلِ؟
ومالكَ تَنْسَى ليالي النَّوَى
وتَهْفُو إلى قَيْدِها الأثْقَلِ؟
وما لكَ، في غَمَراتِ الحَنين
تَوَدُّ لَوَ أنَّكَ لم تُقْفِلِ؟
تَحقَّقَ حُلْمك بَعْد المطالِ
فهلاَّ ضَحِكْتَ لمستقبلِ؟
عَجِبْتُ لأمركِ، تَبْكي غَريباً
وتَبْكي إذا عُدْت للمَنْزِلِ!
* * *
عَذَلتُك، يا قَلْب، يكنْ رياءً
ورُبَّ شجٍ في ثيابِ خَلي
كلانا يُصارِع نارَ الجَوَى
ويَشْرَق في دَمْعِهِ المُرْسَلِ
كلانا َتَناهَبُهُ لَهْفَةٌ
ويَطْعَنُه الوَجْدُ في مَقْتَلِ
أَحِنُّ لأهليَ في مَهْجَري
وأصْبُوا إلى وَطَني الأولِ!
أنا حائرٌ بَيْنَ هذا وهذا
فكَيْفَ الخُرُوجُ مِن المُشْكِلِ؟
* * *
غَداً، يا رفاقُ الطريقِ، الوداعُ.
فَرِفْقاً بِحالِ الأخ المُثْقَلِ
إذا لم تَحنُّوا على راحلٍ
طَوَيْتُ جَنَاحي ولَمْ أرْحَلِ!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :472  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 79 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.