شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
يا جيرة العاصي
في مهرجان أدبي بالنادي الحمصي، سنة 1966
رُدّوا إليَّ فَصاحتي وبَياني
يا خانِقين بجُودِكُم ألْحاني
ما خانَني قَلْبي، ولكنْ خانَني
في وَصْفِ آلاءِ الرَّبيعِ لِساني
أَوَلَيْسَ تُشْجيكم رَطانةُ شاعرٍ
حَيْران بَيْنَ الحُور والوِلْدانِ؟
رَقَص الجمالُ على الرُّبَا فتضاحَكَتْ.
رُوحي، ورَفّ على خُطاه جنَاني.
لكنَّني لمَّا استَعَنْتُ بريشَتي
أدْرَكْتُ أني فاضحٌ شَيْطاني
عُذْري، وقَدْ قصَّرتُ في مِضْماركم.
أني أغالبُ حَمْلَة الطوفانِ
أنا مِنْ سَخاء نُفوسِكُم في جَنَّةٍ.
ويَداي بَيْنَ الرَّاحِ والرَّيْحانِ
هَلْ طابَ إلاَّ فيكُمُ شَدْوي، وهَلْ.
كَفْكَفْتُ إلاَّ بَيْنكم أشْجاني؟
جارَ الزمانُ عليَّ ثم أمِنْتُه
لمَّا نشرتُ بظلِّكم سُلْطاني
إنِّي لأهْزأ بالقُيودِ تَعَضُّني
وَتُغِلُّ عُنْقي بَسْمةُ استِحْسانِ
ولَقَدْ أضيقُ بمادحٍ مُتكَلِّفٍ
وتُثيرُ حَمْلةُ صادقٍ عِرْفاني
أنَّي ذهبتُ سَعَى إليَّ جميلُكم
كالشمسِ تَغْمُرني بكلِّ مَكانِ
أأقولُ أزْهارُ الرياض حِسانُكم.
أخْطأتُ في التَّشْبيه والتِّبْيانِ
الزَّهْرُ يَذْهَبُ في الخَريفِ بَهاؤه.
وزُهورُ حِمْصَ يَعِشْنَ في رَيْعانِ.
إنْ يَخْتَلِفْنَ فكُلُّهنَّ "بُثَينةٌ"
رَغْم اختلاف العِطْر والألْوانِ
يُخْمِدْنَ باليُمْنى رُعونة ثائرٍ
ويُثِرنَ باليُسْرى حميّة وانِ
تَغْريدُهنَّ إذا غَضِبْنَ زَمازمٌ
وهَزيمُهنَّ إذا رَضين أغاني
حَوَّلنَ صَحْراء الحياةِ حَديقةً
وَجَعَلْنَ بَسْماتِ السماءِ مَجاني.
آمنْتُ – لما أسْكَرتَني نَفْحَةٌ
مِنْ رَوْضِهنَّ – بجنَّةِ الرحمانِ
يا مَنْ يُفاخِرُني بِعزَّة قَوْمِه
مَنَع الرسولُ عبادةَ الأوثانِ
الجاهليةُ أدْبرتْ، وتَقَلَّصَتْ
أسطورةُ الأسْيادِ والعُبْدانِ
لا أعرفُ الإِنسانَ في سَرّائِه
وبَلائه إلاَّ أخا الإِنسانِ
لكنْ إذا عتَزَّ البُغاثُ فإنَّ لي
نَسَباً يَمتُّ إلى بني غَسَّانِ
هذي الوجوهُ الضاحكاتُ وجوهُهُم.
ويَموجُ في بَرَدَى شَذَا حَسَّانِ
يَنْشقُّ عن شِعْري الصباحُ ويَزْدَهِي.
جيدُ الضُّحَى بزُمرُّدي وجُماني.
قَسماً بِخالِقِ ظبْيةٍ عربيةٍ
تَخْتال في قَلْبي وفي أجْفاني
سَمَّيتُها غَلْواءَ صَوْناً لاسمها
مِنْ نابِ هاذرةٍ وظُفْر جَبانِ
إني لأشْعُرُ أنَّ عِزِّي عِزُّكُم
وهوانُكم في النائباتِ هَواني
أبْكي فيجْري خَلْفَ دَمْعُكم
وتُهَلِّلون فتَنْتهي أحْزاني
أنا سَعْفةُ الزَّيتونِ في أعيادِكم
وحُسامكم في حَوْمة البُرْهانِ
كُرْمَى لِمَا أشْتَمُّ مِنْ رَيْحانِكم
لأجُرَّ ذيلَ الصَّفْحِ عَنْ ظِرْبَانِ
ما دُمْتُ أقْتَحِمُ المجاهلَ باسمِكم.
مَنْ ذا يُجاريني مِنَ الأقْرانِ؟
اللهُ يشهدُ ليس لي في مَدْحِكم
غَرَضٌ إذا أبْدَيْتُه أخْفاني
المالُ في نَظَري هَواء أصْفَرٌ
يُصْمي جناحَ الشاعرِ الروحاني.
قارونُ مِنْ طينٍ فلا يَكْبرْ على
راعي الشِّياه وسائقِ الأظْعانِ
كَمْ في قُصورِ الأغْنياء فواجِعٌ
سودٌ وفي الأكْواخ بيضُ أماني
قَدْ تَشْتري بالمالِ ألْسِنَة الوَرَى.
وَتَظلُّ عِنْدَهُم الأثيمَ الجاني
مَنْ كانَ يَصْطَنِعُ المديحَ بأُجْرةٍ
سَهْلٌ عليه الشَّتْمُ بالمجَّانِ
* * *
يا جيرةَ العاصي رَفَعْتُم للعُلا
صَرْحين مِنْ أدبٍ ومِنْ إحْسانِ.
يبني سِواكم للزَّوالِ، وأنتمُ
تَبْنون للأجْيال والأزْمانِ
ويَغيثُ غيرُكمُ القَريبَ وعِندَكم.
لا حَدَّ يَفْصِلُ قاصياً عَنْ دانِ
ليس الذي يُعطيكَ مَدْفوعاً كَمَنْ.
يُعطيك عَفْوَ الطَبْع والوجْدان
وإذا النفوسُ على الجميلِ تزاحَمَتْ.
مَيَّزْتَ بَيْنَ الزُّورِ والإِيمانِ
كَفِّي التي بَذَلَتْ تَعيشُ غَنيَّةً
ويَدي التي جَمَعَتْ لَفِي حِرْمانِ.
هذا البناءُ المشْمَخِرُّ على الذُّرَا.
إنْ لَمْ تُخَلِّدْه الفَضيلةُ فانِ
أيانَ سِرْتُم فالقلوبُ منازلٌ
لكُم، وحبّاتُ القلوبِ دوَانِ
لا يَجْمَعُ الإِنسانُ مِنْ بُسْتانه
إلاَّ الذي يُلْقيه في البُسْتانِ
لَوْ لَمْ تكونوا في المَكارِمِ قُدْوةً
لَمْ تَنزلوا أهْلاً على إخْوان
* * *
باسمي وباسمِ عَشيرتي لا تَعْتَبوا.
إنْ شاهَ تَصْداحي وساءَ بيَاني
ضَيَّعْتُ في حَرْبِ التجارة عُدَّتي.
فَتَهَجَّأُوا في دَمْعتي شُكْراني
 
طباعة

تعليق

 القراءات :412  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 69 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج