شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أشباه الرجال
بعد زيارته العاثرة لسوريا، عام 1968
كَفٌّ تشيد وألفُ كفٍّ تَهْدِمُ
والشعبُ في الحالَين أطرشُ أبَكَمُ.
يمشي وراء "رُعاتِه" مُسْتسلِماً
مَنْ قال إن الليثَ لا يَستسلمُ؟.
يُبْدي الرِّضا، بل قُلْ يُساق إلى الرِّضا.
واللهُ يعلمُ، والوَرَى، ما يَكتُمُ
لو كانَ يملكُ أمرَه لتطايَرَتْ
أصنامُه، وتأخرَ المُتَقَدِّمُ
ولَمَا تَفَرْعَنَ كلُّ قِزْمٍ تافهٍ
ومَحَا ضِياءَ الحق ليلٌ مظلمُ
يا والغِينَ بدَمْعِه لا تَرأفوا
يا عابثينَ بجُرْحه لا تَرْحموا
ما دامَ في يدِكُم زمامُ شُؤونِه
مَنْذَا يحَاسبُ سيداً يتحكَّمُ؟
أو ليسَ في عِلْمِ السياسةِ عِندَكم.
أن العَفيفَ لِعِلَّةٍ لا يظلمُ؟
اليومُ يومكمُ، ولكنْ ربَّما
ضَحكَ الزمانُ غداً لمنْ يتظلَّمُ
شاركتُمُ الأعداءَ في إذلالهِ
بل شاركوكم، فالأولى أنتمُ
هشَّمْتُمُ بنيوبِكم أحلامَه
ما أقبَحَ الدنيا لمن لا يَحلمُ
حاربتُمُ الإِثراء لكنْ لم يَزَلْ
يشكو مصائبَه الفقيرُ المُعْدمُ
مزّقتُمُ بالترَّهاتِ صفوفَه
أينَ الفلاحُ لأمةٍ تَتقَسَّمُ؟
كانتْ له في كل يومٍ فَرْحةٌ
فجعلتموه وكلَّ يوم مَأتمُ
كان اسمُه شعباً فصار "بفَضْلكم".
حِزْباً يُراق على جوانبه الدَّمُ
برئ ابنُ مَرْيمَ مِنْ قبيح فِعَالكم.
وأشاحَ عنكم في ثَراهُ الخاتَمُ (1)
تتزاحمونَ على الكراسي وهْي في.
نَظَرِ الفضيلةِ مَغْرَمٌ لا مَغْنَمُ
بئسَ الزعامةُ إن تَكُنْ أهدافُها
حُبَّ الظهورِ، وبئسَ مَنْ يتزعَّمُ.
ألِكَي تغوصوا في مجالس لَهْوِكم.
حَصَدَنْ شبولَ الدار نارٌ لَهْذَمُ؟.
ألِكَيْ تَتيهوا كالدُّيوك تدافَعَتْ.
للموتِ فاطِمةٌ وسارتْ مَرْيمُ؟
قالوا الغريبُ فقلتُ أوفَى منكمُ.
عهداً وأرفَقُ بالعبادِ وأَرحَمُ
جَوْرُ الغريبِ مُصيبةٌ، لكنما
جوْرُ القريبِ هو البلاءُ الأعظَمُ.
الانتدابُ على مَوَات ضميرِه
خَيْرٌ من استقلالِكم إنْ تَعْلَموا.
كانتْ تَلَثَّم في الظلام عيوبُه
وعيوبُكم في النورِ لا تَتلثَّمُ
ضاعَتْ كراماتُ الوَرَى في سُوقكم.
وتَثَلَّم العِرْض الذي لا يُثْلَمُ
يا رحمةَ اللهِ العزيزِ تَغَمَّدي
قبراً ثَوَى فيه "العَميدُ الأغْشَمُ" .
* * *
هَزُلَ الزمان فسادَ كلُّ مهرِّجٍ
بالسيفِ، واعتزلَ الأصيل الأكْرَمُ.
أينَ الذين على النضال تَرَعْرَعُوا.
وبهالَة الخُلُقِ النبيلِ تعمَّموا
كانوا أرَقَّ من الحَمَام فإن دَعَا.
داعي الحِمَى فهُمُ النُّسور الحُوَّم.
لم يَبْقَ منهم غيرُ ذِكْرى، كلَّما.
خَطَرتْ تفتحَ للمفاخِرِ بُرْعُمُ
ذكرى يسيرُ المؤمنون بظلِّها
صَفّاً كما جَمَعَ الحجِيجَ الموسمُ.
يا مَنْبِتَ الأبطالِ لم يَمُتِ الرجا.
سيزولُ أشباهُ الرجالِ وتَسْلَمُ!.
كانون الأول 1968
 
طباعة

تعليق

 القراءات :421  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 45 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.