شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
597- من وحي "أبها"
[ألقاها الشاعر في احتفال "الموسم الثقافي"، الذي أُقيم في مدينة "أبها" بالمملكة العربية السعودية"، في شهر صفر سنة 1410هـ/ الموافق سبتمبر 1989م، تحت رعاية أمير منطقة عسير سمو الأمير خالد الفيصل]:
وقَفْتُ على صنعاء دهراً خرائدي
وما في بياني من طريفٍ وتالدِ
وشرَّقتُ في الدنيا وغرَّبتُ سائحاً
و"صنعاءُ" لَحْني إنْ تغنَّتْ قصائدي
وفيها خيالاتي بأشواقِ غربتي،
وأطياف أحلامي العِطاش السَّواهِدِ
تطوفُ على أحيائها كلَّ ليلةٍ؛
تُقَبِّل آثارَ المُنَى والمواعدِ؛
ولم يُسْبِ عيني بعدَها غيرُ ما رأتْ.
"بأَبْها عَسيرٍ" من جميلِ المشاهدِ
* * *
كأنَّ رُباها والزهورُ تزينُها
سماءُ جمالٍ رُصِّعتْ بالفراقدِ
ولمَّا هَبَطْنا سوحَها رقصتْ بنا
مشاعرُنا؛ من بهجةٍ وتواجدِ
بلادٌ؛ حباها اللهُ بالخِصْب والبَها
وزيَّنها بالأكرمين الأماجِدِ،
وخارَ لَها من بين أكرم أسرةٍ
أميراً؛ ذكيّ القلبِ شهْمَ المقاصدِ
له حِسُّ فنَّانٍ، وفِطنَةُ شاعرٍ،
وهِمَّةِ مِقْدامٍ، وعِفةُ زاهدِ
ويَصْطنعُ المعروفَ والفضلَ شيمةً
توارثَها عن خير جدٍّ، ووالدِ..
ومَنْ كأَبيهِ "فيصل" في ذكائه
وحكمتِه، أو صَبْرِهِ في الشَّدائدِ؟!
و"آل سعودٍ" قد أسيطتْ دماؤُهم
بحبِّ المعالي، واكتساب المحامدِ
سبيلٌ تحرَّاها "سعـودٌ" و"فيصـلٌ"
و"فهدٌ" تحرَّى نهجَها بعد "خالدٍ"
وإخوتهم من كلِّ شهمٍ، وفارسٍ،
ونَدْبٍ سياسيٍّ، وفذٍّ، وقائدِ
لذلكَ أضحت أرضُهم وديارُهمْ
ملاذاً لذي علمٍ، وحرٍّ، وشاردِ
فكَم من أُباةِ الضَّيم آوَوْا وناصروا،
وكَمْ من تقيٍّ، بلْ وكَم من مجاهدِ؛
ولمَّا تهاوتْ بالزَّلازلِ أرضُنا
أغاثوا؛ وكانوا خيرَ عونٍ مُساعدِ
فكَمْ من بيوتٍ قد بنَوا ومدارسٍ،
وكم من قُرىً قد شيَّدوا ومساجدِ!
وكم طرقاً قد عبَّدوا، وملاعباً،
وكم من مصحَّاتٍ، وكم من "مَعَاهدِ"!
لَهُمْ شكر قومي في المدائن والقرى،
ومن كلِّ حيٍّ في "بَكيلٍ" و "حاشدِ"
إذا لم تكنْ للْعُرْفِ في الناسِ ذاكراً
فلستَ بذي دينٍ، ولستَ بماجدِ
* * *
تعوَّدتُ آفات الزمان؛ فلي بها
صِلاةُ خبيرٍ ثابتِ الجأْشِ، راشدِ
فَفي الحُبِّ كم كَفْكَفتُ دمعي تصبُّراً،
وفي الحقِّ كم صارعتُ هوجَ المكائدِ:
أعوذ برب الناس من شرِّ غادرٍ،
ومن شرِّ نمَّامٍ، ومن شرِّ حاسدِ،
وهُمْ حول حظّي كالعقارب شُوَّالاً
بأذنابها؛ أو جُوَّلاً كالأساود،
ولكنَّ ربَّ الناس فضلاً ورحمةً
وقاني التردّي في شباك المصايدِ
وقد عِشتُ ملءَ الدهرِ؛ مِلءَ مطامحي،
ومِلءَ صباباتي، ومِلءَ عقائدي!
أغنّي خيالاتي ترانيمَ غربتي،
وألحان أحلام اللَّيالي البوائدِ
و"بِلْخَير عبد الله" بالشعر والمنى
يُهَدْهِد أشواقَ الأماني السَّواهدِ (1)
ملاحمُه تُحيي مواتَ مطامحي
وتحدو قوافيها لحونَ قصائدي
"ملاحم" كم أذكى بها من مشاعرٍ
لِقومٍ؛ وكم أحيى بها من معاهدِ!
وكم صاغها يبغي رضا الله مسلماً
حنيفاً؛ وكم واسى بها من مجاهدِ!
وكم سنَّها في نصرة الحق والهدى؛
وكم سلَّها في وجه كلِّ معاندِ!؟
وكان رفيقي في الكوارث إن عدتْ
وفي محنتي قد ظلَّ خير مساندِ
وها هو بالأمس القريب تكرُّماً
يُطَوِّق تاريخي بأزهى القلائدِ
فكان بما أولاه فضلاً ومنةً
وتَسْليةً أوفى وأكرمَ شاهدِ
ومن يك ذا عقل وعِلْمٍ وهمةٍ
يهمْ بالعُلَى؛ لا بالأمور الكواسدِ
ويحرصْ على عيشِ الكرامةِ راضياً
وإن كان مُرّاً مُرهقا، غير باردِ
* * *
أنِسْتُ "بأبها" أنس صبٍّ متيمٍ
يراود أحلام الغريب المطارَدِ
أنستُ؛ لأني نصف قرنٍ كطائرٍ
يصارعُ أنواء الرياح النواكدِ
ولما رأتْ عيني مغاني رياضها،
وأرباضها تزهو زُهيّ الفراقدِ
خَلَصْتُ إلى حدسي نجيّاً محاوراً
وحدسُ الفتى للخير أصدقُ رائدِ
فقال: "بأبها" الحسنُ والشعرُ خيَّما؛
فألقِ عصا الترحالِ في ظلِّ "خالدِ"
أبها: 4 صفر 1410هـ
4 سبتمبر 1989م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :391  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 627 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج