يا عصافير الهوى |
في "بروملي" زقزقي |
رجِّعي لحنَ المنى |
للغريب المرهقِ |
في "بروملي" يحتسِي |
حسرات المُوثَقِ، |
ويُغنّي للورى |
نغمات المطلَقِ! |
مستعيداً ما جرى |
في الزمان الأسبقِ |
من طموحٍ في العلى، |
أو عنادٍ أحمقِ؛ |
أو أباطيل رُؤَى |
كسَرابٍ يَقِقِ
(1)
|
تتراءى لفتىً |
تائهٍ في خيفَقِ
(2)
|
كلَّما لاح له |
في حواشي الأفقِ |
خاله ما يُرتَجَى |
لشفاءِ الرمقِ؛ |
وتراه تارةً |
في زقاقٍ مغلَقِ |
إن تغشَّاه رأى |
نفسه في مأزقِ |
حوله الأشباح من |
فيلسوف مُطرقِ، |
أو زميل ثائر، |
أو سجين زَهِقِ
(3)
|
أو شهيد كان في |
كونه البرَّ التقي، |
تتسامى روحه |
كشعاعٍ مشرقِ |
يلثم الخلد بِما |
في الحشا من حُرَقِ |
أو زعيم يُرتجَى |
للزمان الضيِّقِ |
هذه الأشباحُ ما |
برحت في طرقي، |
في تباشير السنى |
عند نبض الألقِ |
أو تهاويل المسا |
حين ومضِ الشفقِ، |
والسنى في رهبةٍ |
لهجوم الغسق |
* * * |
يا لصبٍّ بسوى |
حبِّه لم يصعقِ |
لم يجد في كونه |
من خليلٍ ينتقي.. |
غير "إبراهيم" عفّ الهوى والخُلُقِ، |
التقيّ ابنُ التقي نجلُ التقي ابن التقي؛ |
نسبٌ إن سمعَتْه نجوم الأفقِ، |
سجدتْ خاشعةً |
لإِلهُ الفلَقِ؛ |
سيدٌ يلقاكَ دوماً بوجهٍ.. طَلِقِ
(4)
|
مخلص لله في |
فعله والمنطقِ |
وعن الحق يحا.. |
مي بِعَضْبٍ ذَلِقِ |
* * * |
قسماً بالشيب يزهو، ويعلو مفرقي، |
إنَّني لو قلتُ – لا |
عن هوى، أو ملق -: |
مثلَه في العصر ربُّ الورى لم يخلقِ، |
سوف لن أطغَى وإن |
غَصَّ حَلْقُ التَّئقِ
(5)
|
* * * |
إيهِ "إبراهيم" في |
كأس عمري ما بقي: |
غير سؤرٍ خالصٍ |
ما به من رَنَقِ
(6)
|
مثل عشقي في الورى |
شاعرٌ لم يعشقِ؛ |
ذهبت أيامه |
في طموح زئبقي! |
يتحاشى الشرّ من |
ظالم، أو يتقي |
ويواري الهمَّ في |
قلبه؛ لا الحدقِ، |
فإذا ما طفحت |
لهفات الحُرقِ |
أو غلَتْ في صدره |
جمرات النزقِ |
خبَّ يشدو ضاحكاً |
شاخراً بالرَهَقِ؛ |
ويغنّي لحن هِمٍّ قديمٍ مئقِ:
(7)
|
"يا دجاجة عمَّتي |
بَقْبِقي لِشْن بَقْبِقي"! |
* * * |
ما غفا ليلي على |
هَمِّ يأسٍ مطبقِ |
دون أن أصحو على |
همِّ فجر مشرقِ |
وبما في خَلَدي |
من سنىً منبثقِ |
أطرد الهمَّ وجيشَ الأسى والقلقِ |