شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الأستاذة دلال عزيز ضياء ))
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
حينما يجيء التكريم ممن هم أهل للتكريم..
حينما يجيء الاحتفاء من صالون أدبي جمع على امتداد السنوات الماضية النُخَب المبدعة، واستقطب العارفين بقدر الرجال.
حينما يكون المكان هذا الذي نحن فيه اليوم مركز إشعاع ونقطة ضياء تنطلق منها قضايا التنوير تمس وتلامس شرائح متباينة على اختلاف اهتماماتها وثقافتها ومواقعها ومراحلها العُمرية.
حينما يأتي التكريم من ابن هذا البلد وسليل أسرة عريقة ممثلة في الراحل الأديب محمد سعيد خوجه الذي انتقل إلى جوار ربه في ريعان الشباب، والراحلة السيدة حليمة - رحمها الله تعالى - تلك السيدة القوية بإيمانها بالله سبحانه تعالى ووفائها للحبيب والزوج بإرادتها الحديدية وحدبها على الأبناء من بعده ومهارتها على إدارة الأمور باقتدار وحكمة بعد أن رحل عن الحياة سيد البيت ونورُه الزوج الحبيب..
حينما نذكر كل ذلك.. يشعر المرء أنه في محفل عريق في أصالته، نبيل في وفائه، فلا يملك إلا أن يترك لنفسه العنان يعبِّرُ بشُحنات متدفقة من المشاعر الودودة تجاه هذه الكوكبة من الأعلام وقد تحول إلى كيان تداخل في نسيج القيم التي تشربها من هذا المجتمع الطيب الحبيب.
الدكتور عاصم حمدان ضيفنا المحتفى به في هذه الليلة، دعونا الآن نجوب معه عبر المساحات التي أحبها وعاش معها وفيها.. نحط رحالنا في العنبرية، أول محلة تستقبل الزائر لطيبة الطيبة بعد أبيار علي، ندخل المناخة... ننتقل إلى السيح، وندلفُ إلى أزقة جوه المدينة نتلكأ أمام دكاكين العطارين تعبق أركانها بعطر الورد المعتق ورائحة الحنَّاء وعبير المسك والعنبر.. نعيش مع عاصم حمدان تلك الشخصية المعجونة بتراب بلد المصطفى صلى الله عليه وسلم، ببساتينها الممتدة عبر الأفق، ورائحة ترابها العطرة، نسمع إيقاع مواتير المياه تُسحب من البئر، لتصُب في البركة، أمام الديوان، ونقيق الضفادع يمتزج آخر الليل بحفيف سعف النخيل، فتخرج إلى أسماعنا أعذب سيمفونية عشقتها الأذن، وسكنت القلب، وعاشت في الوجدان.
وفي أم القرى نعيش مع أديبنا المبدع أيام محلة الشامية واستقرت بأشجانها برجالها الشامخين وفاءً وعزةً وشهامةً ونسائِها الصابرات القابعات في البيوت يربين الأبناء ويهيئن الدار لاستقبال رب الدار، يترقبن إطلالته كل مساء تسبقه الهيبة والوقار، وتترافق مع حضوره أنَّات بوابة البيت، ندلف إلى الدهليز.. حيث يُنادي يا ولد طريق، فترد الزوجة بالتصفيق فلا يصح أن يرتفع لها صوت، فإن همست له سبقت الحديث بـ" ياهو"، فالمرأة المكية آنذاك تستحي أن تذكر زوجها باسمه، وإن فعلت فيكون ذلك بأبي فلان أكبر الأبناء، وهي أيضاً لا يصح أن تتلفظ بكلمة زوجي وإنما " أبو البيت".
إن أديبنا المبدع هو وليد تلك البيئة الأصيلة ونتاج ما توارثته عبر القرون من قيم حضارية وثقافية ترجمتها العادات والتقاليد في مجتمعها البديع. وإن أديبنا عاصم حمدان نجم هذه الأمسية هو خلاصة ورمز للوفاء، ذلك الوفاء النادر لأحبائه ومعارفه وأصدقائه ومن ربطته به صلة نسب أو قربى أو جوار، إنه يمتلك ذلك الكم من الحب ينثره على مريديه ومحبيه ببساطة متناهية وتواضع صادق، وتلقائية هي سمة الواثق من نفسه وشخصيته في زمن وجدنا فيه رؤوس أقزام تتطاول كِبراً وخيلاء للقب دكتور، وأوداج تنتفخ لحفنة ملايين، وهاماتٍ تعلو وتتسلط على العباد لمنصب زائل.
وبين هذا وذاك وفي خضم هذا الضجيج يطل علينا عاصم حمدان... حاملاً في أعماقه قيم هذه الأرض الطاهرة وموروثات قبيلة لها شأن وحضارة مدن حجازية بكل ما يعني ذلك من ثراء وأصالة واتساع أفق، ويظل أستاذنا عاصم حمدان في عينيَّ شجرة سامقة تضربُ بجذورها في أعماق هذا التراب، وتمتد بفروعها وأغصانها وثمارها ليفيء إلى ظلالها كل من أحب وعرف عاصم حمدان وخَبَر معدنه الأصيل ونهل من علمه الغزير أديباً ومفكراً وعالماً وقبل هذا وذاك إنساناً بكل ما تحمله هذه الكلمة من صفات الإنسان لأنه عاصم حمدان الإنسان.
 
عريف الحفل: الحقيقة سنختم هذه الكلمات الرائعة بكلمة لسعادة الأستاذ الناقد الأدبي المعروف الأستاذ محمد إبراهيم الدبيسي.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :714  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 35 من 197
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الدكتور واسيني الأعرج

الروائي الجزائري الفرنسي المعروف الذي يعمل حالياً أستاذ كرسي في جامعة الجزائر المركزية وجامعة السوربون في باريس، له 21 رواية، قادماً خصيصاً من باريس للاثنينية.