شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عبدالله الجفري.. رائد جيل الطفرة
يرن الهاتف مع أذان صلاة الظهر-الأربعاء الثاني من شهر شوال 1429هـ إنه صوت الابن والصحافي المعروف محمد باوزير متطوعاً لإخباري برحيل الأديب السيد عبدالله جفري، وتداعت إلى ذهني ذكريات وصور شتى منذ أن تفتحت أعيننا على الساحة الصحافية والأدبية في الثمانينيات الهجرية وكانت الصفحة السابعة من جريدة عكاظ تجذب الجيل الناشئ من عشاق الحرف والكلمة الرومانسية كما كانت صفحة الأدب في صحيفة المدينة التي يشرف على تحريرها ـ آنذاك ـ الأستاذ المرحوم سباعي عثمان تحتفي بالإنتاج الأدبي والقصصي الذي كان يكتبه جيل الناشئة -آنذاك- من أمثال: أنور عبدالمجيد، وسليمان سندي، وعلي حسون، وعبدالله باقازي، وعبدالله السالمي، محمد يعقوب تركستاني، وعلوي طه الصافي، وغيرهم، وهنا يمكن القول إن الجفري وسباعي أديا دوراً مهماً في الارتقاء بالذائقة الأدبية التي تختلف عن تلك الذائقة التي عرفها جيل الرواد، ولن أنسى تحقيقاً صحافياً نشر في صحيفة المدينة في بداية التسعينيات الهجرية شارك فيه الجفري، وهاشم عبده هاشم، وسباعي -رحمه الله- وربما كان معهم آخرون، في ذلك التحقيق بدأ جيل الكلمة الجديدة في صحافتنا يدخل في مواجهة طريفة مع جيل الرواد، ولا تزال عناوين ذلك التحقيق الصحفي مرسومة أمام ناظري. تقول تلك العناوين: العواد مجمرة لم يبق فيها إلا الرماد، وعبدالعزيز الربيع اكتفى بقراءة دواوين العواد لينقدها، وأبوتراب الظاهري -عفا الله عنه-، إلا أن التحقيق وقف من شخصية الأديب والناقد عزيز ضياء موقفاً مختلفاً حيث قال ما معناه: الشخصية الأدبية الوحيدة التي نخشاها هي عزيز ضياء، وربما كان ذلك القول متفقاً إلى حد كبير مع رؤية بعض أولئك النفر المتميز بعد جيل الرواد من أمثال ابراهيم فودة، وعبدالعزيز الرفاعي، وعبدالله بن إدريس، ومحمد سليمان الشبل، وأحمد محمد جمال، ومحمد عبدالقادر فقيه، وعبدالعزيز الربيع الذي تميز عن أقرانه برؤية نقدية ومنهجية منذ أن كتب مقدمة الديوان الأول للشاعر الكبير السيد محمد حسن فقي والموسوم "قدر ورجل" الذي صدر في منتصف الثمانينيات الهجرية، فلقد سئل الربيع في لقاء معه نشر ـ آنذاك ـ في صحيفة المدينة عن جيل الرواد، فتوقف عند شخصية عزيز ضياء، ليقول: إنه من هواة صعود القمر، في إشارة إلى قدراته الإبداعية والنقدية وتعبيراً عن المكانة التي تسنمها عزيز ضياء من بين أقرانه ومجايليه.
شهد عام 1391هـ حدثاً أدبياً مهماً فلقد توفي الأستاذ محمد سرور الصبان الذي كان يجمع في شخصيته بين فنون ومواهب عدة مثل: العمل الإداري والإعلامي والأدبي، ولعل مقولة الأستاذ محمد حسين زيدان تعبر تعبيراً صادقاً عن منزلة الصبان بين مجايليه حيث يقول -رحمه الله-: لقد نشأ فينا رجال لم يصنعوا الأدب ولكنهم نشروه فكانوا بذلك أكثر من صانعيه، من هؤلاء محمد سرور الصبان، ولم تمض أيام معدودة حتى توفي أحد أبرز شعراء جيل الرواد وهو الأستاذ حمزة شحاتة، وكان شحاتة يمثل أسطورة كبيرة ليس لجيل الجفري وحده، ولكن لأجيال أتت بعدهم، وتسابق الأدباء والشعراء من جميع أرجاء الوطن يرثون شحاتة كما رثوا الصبان، وكان جيلنا يحفظ شذرات من تلك المرثيات الشعرية التي جادت بها قرائح شعراء من أمثال: حسين سرحان، وأحمد قنديل، ومحمد حسن فقي، ومحمد علي السنوسي، ومحمود عارف، ولقد رسم الفقي في مرثيته التي كانت تحمل عنوان وغربت الشمس صورة فريدة عن شحاتة، وخصوصاً لجهة انسحابه من الساحة وانطوائه على نفسه في أرض المهجر، مصر، يقول الفقي رحمه الله:
بعض الفرار من الثبات وربما
نال المجاهد أجره بفراره
إن الذي خلق الحياة حفيلة
بالشر أنقذنا ببعض خياره
 
وكتب عبدالله جفري مرثية نثرية رائعة في شحاتة، بعنوان: من يجفف دموع القصائد؟!.
وعرفت لاحقاً عندما التحقت بقسم اللغة العربية وآدابها في كلية الشريعة في مكة، ومن الأديب الشاعر إبراهيم فودة، أن جيل الشباب كان معجباً بأدب شحاتة، وكان منزل الأستاذ فودة في حي أجياد في مكة المكرمة يمثل منتدى أدبياً، فلقد كان جيل حمزة وفودة، وعبدالله خياط، ومحمد عبدالله مليباري، وعبدالكريم نيازي، ومحمد سعيد طيب، ومحمد صالح باخطمة، ومحمد عمر عامودي، وعثمان مليباري وغيرهم، يلتفون حول شحاتة عند قدومه لمنزل الأستاذ الفودة، وكان آنذاك يعمل مديراً لنقابة السيارات كما أخبرني بذلك الأستاذ حمزة فودة، ولكن مثالية شحاتة وأحلامه التي تجد في البحث عن جمهورية أفلاطون الخيالية، حيث كان قارئاً نهماً للفلسفة, كل ذلك دفع بشحاتة للعودة إلى المهجر.
 
طباعة
 القراءات :243  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 71 من 107
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور معراج نواب مرزا

المؤرخ والجغرافي والباحث التراثي المعروف.