شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الهجن والهجيني (1)
أرجو من القارئ أن يعلم أني لم أراجع هذه المادة في كتب اللغة إلاّ في معاجم لا تغني شيئاً.. وفي ما أذكر أن الهجن بضم الهاء والجيم، جمع هجين.. والهجين في اللغة الناقة أو الجمل الذي قد دربت -أو درب- على السير في الصحراء.. هذا على الأقل في لغتنا "الحديثة"، كما أن الهجيني غير الأصيل نسباً.
من هنا جاءت ضروب من الأناشيد والأشعار على مثل هذا النمط، وتسمى "الهجيني" بضم الهاء..
ومعنى ذلك أنها كانت تغني عن الجيش، أو على الهجن -كما يقولون- ثم أصبحت اليوم تغنى على السيارات.. وهي تتخذ بحوراً شتى بين بحور شمالية، وبحور جنوبية. وبحوراً أخرى بين شفا نجد والحجاز، وشرح هذه المسألة يطول إلى ما لا نهاية..
وحتى اللهجات تختلف بين لغة وأخرى.. ففي الشمال -مثلاً- من لا يفهم لهجة الجنوب، وبالعكس. وكذلك في لهجات العرب في ما قبل الإسلام وبعده.. حتى وحدة لهجة قريش..
ما علينا..
ونحن يمكن أن نعطي القرّاء نمطاً من هذه الأشعار.. وهي باللهجة الجنوبية.. مثاله.. ما يقول أحدهم:
يا هل الفطر الكنس الدراب
اجعلوا شلة العصر مفروضي
خطروها الثنايا مع الأطناب
واستوا خطم الأنضى عن الجوبي
خطروها الثنايا لبيت حجاب
عيد من مزهبه قده منفوضي
سلموا لي على مورد الهياب
ثم ثنوا سلامي على موضي
عن زريمية تتعب المعطاب
تركب الحزم، ما تركب الروبي
اللَّه اللي عطاني هوي الأجناب
وأقرب الناس لي منه عاروضي
وكذلك تأتي من أمثال هذه القصائد على اللحن الجنوبي أيضاً:
ياللَّه اليوم عزال ليل ونهار
يوم سوم الجلايب -لا يبور جلبي
يا ديبي ترحل فوق نابي الفقار
حر قيد له ثلاث السنين ما يركبي
كم خفه ريال وفيه مثل الشقار
ما ترده الخيل عن مايبي
سلموا لي على اللي ما تحب الثبار
ذيك ودك على المغلول ما تغصبي
يا حلي الغزيل يوم شوش وذار
شاف زول المبندق من وراه يحبي
قبل يرمش بعينه صاب جد الجفار
صابني مثل ما صابه، برش احلبي
حن نحبك كما حب الكبار الصغار
فصب الهرج عني لا تجي طلبي
صابر في الفطورة والضحية جبار
يا لطيف الحشى ياشين ما أنت ابني
وهذه أنواع من الهجينيات عندما تتغنى على الهجن.. ولقد -ربما- أضعت منها الكثير.. وهناك قصائد قد تختلف عن هذه اللهجة، باعتبار اختلاف اللهجات. فعندما يقول دغيّم الظلماوي:
يكليب شب النار يكليب شبه
يكليب شبه والحطب لك يجاب
واملخ لها يكليب من رمث خبه
نار سناها تجذب اللي غاب
علي أنا يكليب ميله وحبه
وعليك تقليط الدلال العذاب
لاضاجع المغلول خطو الحلبه
يا زين تالي الليل خبط الركاب
ويقول في آخرها:
والصبر زين وراعي الصبر غبه
يرقى بروس مشمخرات الهضاب
ومن لا صبر يكليب في حكم ربه
هذاك ماله عند ربه ثواب
ولا أعرف في وقتنا الحاضر من يعرفها جيداً إلاّ الأساتذة عبد الله بن إدريس وابن خميس وأستاذنا الجاسر وعبد الكريم الجهيمان وسعد البواردي، وإني لأرجو أن يدرسوا هذا الموضوع دراسة عميقة وهم والله أكفاء لذلك ومقتدرون عليه.. مع تحياتي لهم..
وقد أحفظ كثيراً من هذا من قصائد الهجن.. والهجيني.. ومن ضروب أشعار الشمال على اختلاف اللهجة.. وكان أحدهم يحب إحداهن، فقال وقد ماتت حبيبته.. وقد عثر على قبرها، وهو في طريقه إلى الشمال.. فقال هذه الهجية:
قبر الغضي بالحفر مرزوز
يا طاه مداد، ومعيّر
يا حيسفا يا غصين الموز
حلوه في حافة الديّر
من شافني قال ذاتنور
وأنا نهاري على نويّر
 
طباعة

تعليق

 القراءات :282  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 82 من 182
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.