الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

براهين الإدانة

أخي محمد عمر

لا بد أن تكون متوتراً مني.. وإلاّ فما سبب غرقي في نفسك هذا الغرق المطبق.. ولا شك أنك قد فرغت من صنع البراهين اللازمة لإدانتي.. ولن يكون في وسعي أن أهزم برهاناً منها.. فأنت في طورك الأخير عنيد متصلب.. وهذا من تأثير "الرقعة".. على مزاجك.. وأنا منذ غبت عن عينك أصبحت عبارة عن وضعية شوط شطرنج في نهايته.. يكثر فيها التعقيد على قدر ما تَقِلُّ القطعة الباقية -فلكل صغيرة اعتبارها الكبير، ولكل حركة ميزانها الدقيق.

وكوني لم أكتب إليك طوال ثمانية شهور أمر يفسح المجال لعشرات الظنون والاحتمالات.. والتفاسير، على أني قد أكون واهماً، وأن الموقف عندك لا يستأثر أية أهمية، ولعلّ هذا هو الأرجح.. ففي بعض الظروف يستغرق انتباهنا شيء ينسينا كل الأشياء، تماماً كما يحدث عندما نحب.. أو نحزن.. أو نُصاب.. أو نحاول حَلَّ عقدة معينة.. فيذهلنا الاشتغال بذلك عما عداه. ألم يحدث أن تنسى وجودي أثناء اشتغالك بكتابة قصتك؟ أو بإنقاذ جندي في حركة تقدر خطورة نتائجها على الشوك؟

إني مستغرق في هذا الفراغ الكبير الذي يحيط بي خارج نفسي وداخلها.. تمتلئ فيه نفسي بهذه الفواجع التي زلزلت كوني الصغير.. ولله الأمر وهو ولي التوفيق..

تحياتي وأشواقي.. وحفظك الله.

أخوك حمزة شحاتة