شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الناحية العلمية
وظلت البيوت المتخصصة للعلم في مكة على أمرها في عهد الفاطميين والأيوبيين تنشر العلم على طلابها في حلقات عامة في المسجد الحرام وفي بيوتها الخاصة وقد نبغ كثير من طلابهم في هذا العهد فزادت حلقات التدريس عما كانت عليه وأضيف إليهم مثلهم من المجاورين الذين اتخذوا مكة موطناً لهم وشرعوا يبثون علومهم ومعارفهم.
وقد اشتهر من آل ظهيرة القرشي في هذا العهد المشايخ محمد أبو السعود وإبراهيم وجمال الدين محمد بن عبد الله وصلاح الدين وعبد القادر عفيف الدين كما اشتهر من آل الطبري (1) شيخ الإسلام إبراهيم بن محمد بن إبراهيم والشيخ رضي الدين وقاضي مكة نجم الدين وزين الدين وشهاب الدين وسيدة من أجلة العلماء في هذا العهد هي أم سلمة بنت المحب الطبري كما اشتهر جماعة من آل النويري كانوا يتداولون إمامة المسجد وشؤون الفتوى مع آل الطبري وآل ظهيرة أشهرهم أبو الفضل محمد النويري قاضي مكة وخطيبها وقاضي الحرمين محب الدين النويري واشتهر من غير هؤلاء المشائخ أحمد بن العليف وأحمد الحرازي وأحمد علاء الدين والد العلامة قطب الدين من مؤرخي مكة، وقد سمي فيما بعد باسم القطبي نسبة إلى ابنه قطب الدين كما اشتهر الشيخ تقي الدين محمد بن أحمد الفاسي والشيخ نجم الدين بن فهد وابنه عبد العزيز وثلاثتهم من كبار مؤرخي مكة كما اشتهر الشيخ مجد الدين بن يعقوب الفيروز أبادي صاحب القاموس وقد ألف كتابه القاموس في منزله بمكة بجوار الصفا وذكر ذلك في خاتمة الكتاب.
واشتهر عالم مكة الأوحد في هذا العهد الشيخ محمد بن الفقيه وإمام الحنابلة محمد بن عثمان البغدادي وهو نائب القاضي والمحتسب كما اشتهر شهاب الدين بن البرهان وعبد الله بن عمر الصوفي وشهاب الدين أحمد بن علي وعبد الحق السنباطي وعبد الكبير الحرازي والسيد محمد الخطاب كما اشتهر من المجاورين السيد إبراهيم خرد والمشايخ أحمد الريمي وأحمد الحنبلي وعبد الله بن أحمد باكثير ومحمد المشرع اليمني والسيد محمد التريمي وقد عاش بعض هؤلاء العلماء حتى أدركوا أوائل العهد العثماني (2) .
وكانت مجالس بعض الأمراء في هذا العهد ندوة لكبار العلماء يتجلى فيها روح البحث العلمي ومن أشهر ذلك مجالس حسن بن عجلان وابنه بركات وحفيده محمد وكانوا من أمراء مكة لهذا العهد كما كانوا يمتازون بكفاءة علمية فائقة.
وأسهب الشيخ عبد الله أبو الخير في كتابه نظم الدر في تراجم علماء مكة لهذا العهد وفصل آثارهم ومؤلفاتهم تفصيلاً لا يسعه إلاّ مجال التراجم. وقد عثرت على نسخة خطية منه في مكتبة الشيخ عبد الوهاب دهلوي بمكة.
وكان بعض هؤلاء العلماء يتولون قضاء مكة وشؤون الفتوى فيها، كما تولى بعضهم وظيفة المحتسب وهي الإشراف على أمور السوق والشؤون العامة وكان المماليك يؤيدون ولاية القاضي في بعض الفترات أو يندبون من مصر من يتولى القضاء وكان الأشراف يعزلون أو يؤيدون القضاة (3) .
وعني السلطان قايتباي -من ملوك الشراكسة- بشؤون التعليم في مكة فأمر في عام 882 وكيله التجاري في مكة بالبحث عن منطقة تشرف على المسجد وأن يبني باسمه فيها مدرسة لتدريس المذاهب الأربعة ورباطاً لسكنى الفقراء يحوي 72 خلوة للأيتام ويشيد مكتباً للأيتام يؤوي 40 طالباً وأن يخصص للفقراء واليتامى ما يكفيهم من القمح فاستبدل الوكيل بعض الأربطة بين باب السلام وباب النبي واشترى داراً للشريفة شمسية من بني حسن ثم بنى هناك مدرسة قايتباي المعروفة واتخذ لها منفذاً إلى المسجد سمي باب قايتباي كما بنى فوقها منارة سميت باسمه ثم نظم الدراسة فيها وخصص المرتبات للمدرسين ووقف على ذلك عدة دور في مكة وبعض القرى والضياع في مصر لتنفق غلاتها على المدرسة وكانت تغل في كل عام نحو ألفي دينار ذهباً وكانت غلات الضياع الموقوفة تحمل إلى مكة سنوياً إلى عهد قطب الدين الحنفي في القرن العاشر (4) .
ويظن الشيخ باسلامه في كتابه ((عمارة المسجد الحرام)) أن بعض ملوك مصر المتأخرين استولوا على تلك الأوقاف وأدخلوها في إيراد الدولة (5) .
وأسس قايتباي خزانة للكتب تحوي كثيراً من المؤلفات، ويذكر الشيخ قطب الدين أن هذه الخزانة عبثت بها أيدي المستعيرين بمرور الأيام، وأنه تولى في عهده -العهد العثماني الأول- أمرها وحاول إصلاح ما أمكن من أمرها، ثم يقول وقد آلت المدرسة إلى السقوط على أثر ذلك وصارت نزلاً لأمراء الحج أيام الموسم ولغيرهم إذا زاروا مكة في أثناء السنة (6) .
ويقول قطب الدين في الأعلام أن رباط المراغي في عهده هو رباط السلطان قايتباي ثم يقول وباب الحريريين واقع بين مدرسة قايتباي ودار الخوجه بن عباد، ويريد بباب الحريريين ما كنا نسميه قبل التوسعة باب النبي وكان الحرير يباع في هذا الباب ويسمى أحياناً باب القفص لأن الصياغ كانوا يعرضون حليهم للبيع في أقفاص بدكاكينهم هناك (7) .
وفي هذا العهد ندب سلطان البنغال غياث الدين مندوباً يحمل أموالاً كثيرة ووزع بعضها على الفقراء وبنى رباطاً ومدرسة بتدريس المذاهب الأربعة وقد بناها بجوار دار أم هانئ وأجرى إصلاحات في عين زبيدة، كما أصلح البركتين اللتين في المعلاة إلى أن جرت عين بازان فيهما (8) .
وحج في هذا العهد سلطان المماليك الناصر بن قلاوون فكان في موكبه أحواض من خشب زرعت فيها الخضروات والبقول والمشمومات وحملت على الجمال كما كانت في موكبه أفران لإصلاح الخبز والسميد ((والكماج)) وقد أحصيت حمول الشعير في الموكب فبلغت 130 ألف أردب (9) .
 
طباعة

تعليق

 القراءات :478  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 128 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.