شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
أولاد عجلان
اشتهر من أولاد عجلان خمسة هم: أحمد -وعلي -ومحمد -وكبيش -وحسن -وقد رأينا أحمد يشارك أباه في الحكم ثم يستقل به قبل وفاة أبيه عجلان في سنة 777 وقد كتب إلى سلطان المماليك بذلك فأيده، وقد قرئ التأييد في المسجد وأقسم أحمد يميناً بالعدل وطاعة السلطان.
وجرى أحمد على سنة أبيه في إثبات مراسم العدل وإحياء معالمه حتى شاع ذلك عنه في الآفاق على ألسنة الحجاج والمجاورين، وقد ذكره الدحلان (1) فقال إنه كان شجاعاً وأنه جمع من الأموال والخيل ما لم يجمعه أحد من أسلافه.
ويذكر الفاسي (2) أن أحمد استعان بابن صغير له اسمه محمد سنة 780 ولكن هذا الابن لم يظهر له أثر في الحكم لصغر سنه.
وظل أحمد بن عجلان على علاقته الطيبة بحكومة المماليك الأتراك في مصر يدعو لهم على منبر مكة ويتقبل هداياهم، ثم ما لبث أن بلغه خبر سقوط حكومة مماليك الأتراك في عام 785 وقيام حكومة المماليك الشراكسة على أنقاضهم بقيادة أبي سعيد برقوق الذي نادى بنفسه ملكاً على مصر على أثر استيلائه عليها ولقب نفسه بالملك الظاهر برقوق (3) .
عندئذ أرسل من يمثله لدى البلاط الجديد ويقدم تهانيه ويعرض صداقته فسر الملك الجديد بهذه الرسالة الطيبة وأيد علاقته بأصحابها وعاد المندوبون إلى مكة يحملون الهدايا والخلع ورسائل الود (4) .
وأعتقد أن المخصصات السنوية التي رسمها مماليك الأتراك ظلت على حالها ترسل إلى مكة، كما ظل إلغاء المكوس معمولاً به لأن أحداً من المؤرخين لم يحدثنا بعودة المكوس إلى ما كانت عليه قبل الإلغاء.
ووصل إلى مكة في هذا العهد محمل من اليمن صحبة الحجاج اليمنيين عام 781 (5) . ولعلّ صاحب اليمن بلغه بعض القلاقل في مصر فأراد أن يغتنم الفرصة للدعاية لنفسه في مكة.
وظل أحمد بن عجلان على أمره في الحكم ثم عاد فأشرك معه ابنه محمداً في عام 787 واستمر بعدها إلى أن وافته منيته عام 788 (6) .
ويذكر الدحلان أنه مات في جوف الكعبة في عهد أحمد هذا أربعة وثلاثون رجلاً من شدة الزحام وذلك في سنة 781 (7) .
ومن الحوادث الهامة التي وقعت في عهد أحمد أنه قبض على جماعة من بيته وأقاربه فيهم عنان بن عمه مغامس وسجنهم مقيدين في الحديد في سجن أجياد ثم ما لبث أن نقلهم إلى سجن العلقمية بالمروة، وذلك أن الظاهر برقوق رسم لهؤلاء مبالغ يستوفونها من أحمد فلم يوافق فثار النزاع وانتهى بالقبض عليهم، وكتب إليه صاحب مصر أن يطلقهم فامتنع وقد حاول هذا النفر الفرار من سجنهم بعد أن ربطوا بعض ثيابهم بأحد الشبابيك ثم انتقلوا إلى منزل مجاور فتنبه الحراس لهم وأدركوهم إلاّ عنانا الذي خلص إلى خارج السجن ولم يشعر به أحد وقد اتجه في فراره إلى سوق الليل فصادفه كبيش بن عجلان جاداً في البحث على ضوء المصابيح فاختفى منه، ثم خلص إلى بيت لأحد معارفه في شعب علي فخبأه في صهريج له وقد نمي ذلك إلى كبيش فأسرع إلى اللحاق به فاختبأ عنان في بيت امرأة يعرفها في المعابدة، ولما جاء كبيش إلى حيث اختبأ أكدت المرأة أنها لا تعرفه حتى اقتنع كبيش وعاد، ومن ثم خرج عنان إلى وادي خُليص حيث كانت قد أعدت له ناقلة سريعة ركبها وولى هارباً إلى مصر فنزل ضيفاً على أصحابها من مماليك الشراكسة يتحين الفرص للثأر ولم يمكث غير قليل حتى بلغ غايته من الثأر، واستطاع أن يصل بمثابرته إلى مركز الحكم في مكة بعد أن تركها شريداً (8) .
وبموت أحمد بن عجلان في عام 788 انفرد بالحكم بعده ابنه محمد وتولى الوصاية عليه عمه كبيش وكان يدير دفة الحكم ويشرف على جميع أعماله (9) .
ولم يدم حكم محمد بعد ذلك أكثر من مائة يوم فقد أصابه مقذوف ناري في حفلة المحمل من موسم ذلك العام (788) فقتله وذلك أنه دعي إلى حفلة استقبال المحمل، وكان من رأي عمه الوصي أن لا يجيب الدعوة ولعلّه شعر أن بعض عناصر الأشراف من بني عمومته غير راضٍ عن حكومته لهذا خشي أن يغتالوه في غمرة الاحتفال فأوصاه بعدم الحضور، ولكن الصبي الأمير أبى إلاّ أن يحضر وقد حضر فأصابه مقذوف ناري أثناء اللعب في الاحتفال وقد قيل إن الذي اغتاله في الحفل كان دسيسة بدافع من أمير الحج المصري (10) .
كما قيل أن القاتل كان من بعض الباطنية ولم يتضح أكان الباطني من أشراف مكة لنعرف علاقة ذلك بسياسة الأشراف أم كان أجنبياً دفع إلى القتل بدافع ديني لا علاقة له بالأشراف إلاّ أننا وقد مررنا بالحادثة التي ذكرناها عن فرار عنان من سجن عمه أحمد بالصورة التي مرت بنا نستطيع أن نربط بين الحادثين برباط وثيق.
ولا يكلفنا الدحلان (11) عناء هذا الربط لأنه لا يلبث أن يذكر لنا على أثر مقتل محمد أن الذي قتله أمير الحج المصري ثم يقول: وقيل قتل في سوق منى بسكين مسمومة، وقيل إنه مات في احتفال المحمل ثم يسرد عبارته بالشكل الذي يتراءى فيه ارتباط الحوادث فيقول: ((وذلك أنه كان في جيش أبيه جماعة من أقاربه الأشراف -وهم الذين ذكرناهم- فلما توفي أبوه سأله سلطان مصر أن يطلقهم فأبى ثم كحلهم وهو يريد أنه سمل عيونهم بمسامير محماة فأضمر السلطان ولاية عنان بن مغامس ((غريم أبيه)) الذي فرّ من سجنه وهكذا سيره مع أمير الحج المصري وأمره بألاّ يظهر أمره إلاّ بعد أن تجري مراسيم استقبال المحمل في مكة بحضور أميرها محمد فلما حضر محمد الاحتفال انطلق مقذوف ناري أصاب الأمير فأرداه قتيلاً -وهكذا ثأر لنفسه من ابن عمه وبه ارتبطت حوادث اليوم بحوادث الأمس ونادى على الأثر عنان بن مغامس بنفسه أميراً.
وقد دافع أخوان المقتول من أولاد عجلان وأصحاب حزبهم فلم يجدهم ذلك وهجم الترك بسلاحهم حتى انتهوا إلى أجياد فأوقعوا في من ثبت من أصحاب محمد وكان ذلك في ذي الحجة من العام المذكور 788.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :410  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 99 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج