شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
يسعد صباحك
الغربة بأغلى ثمن (1) !!
بقلم: علي مدهش
نتيجة واحدة خرجت بها من أمسية تكريم الأستاذ عباس غزاوي سفيرنا السابق في ألمانيا الاتحادية وأعضاء ((منتدى قراءة النص)) مساء الأربعاء الماضي وهي أن الحصان الذي ينزع عنه السرج قبل تسريحه من الخدمة لا يماثله إلا الدبلوماسي المحال للمعاش بينما لا يعطي سرَّه لأحد.
ولكن إذا ما ترك الحصان يهيم على وجهه بعد تحريره من المضمار فإن أكبر معاناة يواجهها الدبلوماسي ليست المال ولا يسر أو عسر الحياة بعد سن التقاعد.. وإنما شيء أخطر من كل هذا وذاك قد يدفع ثمنه، أقربه مرض ((التوحُّد)).. إذ كثيراً ما يشق على الدبلوماسي أن يحمل على كاهله بعد عودته همَّ الغربة وهو مقيم في داره وبين أهله وولده وذويه في بلده الذي بارك مولده وتربى في كنفه وتحت سمائه وتنفَّس هواءه واستظل بفيئه واصطبغت بشرته السمراء بلون الأرض وشمسها اللاهبة.. وثقيلة على ابن هذه الأرض أن تتكور صخرة مماثلة لصخرة ((سيزيف)) الإغريقي فوق ظهره لتحمله على الانشداد تحت وطأة عذاب أبدي إلى قمة جبل ((الأولمب)) صعوداً وهبوطاً ليس من تلقاء نفسه وإنما بحكم ديمومة الدحرجة لتلك الصخرة اللعينة.
وإن الأمر لمختلف جداً مع وضع من غادر وطنه وترك وراءه جذوره وكل من له صلة بهم من ذوي القربى.. صحيح أن هذا قد رحل عن بلده بدافع جلب الرزق أو لطلب العلم أو من أجل أداء خدمة وطنية سامية ورفيعة كمهمة دبلوماسية قد تطول وتمتد لسنوات وسنوات أو لأي سبب من الأسباب ويبقى الحنين والشوق للوطن مرتبطين بمدى عمق العلاقة التي تربط بيئته المحيطة إلا أنه وبحكم انشغاله هناك بأداء وظيفته اليومية أهون وبكثير من الذي تغرَّب عن وطنه لمنفعة عامة أو ذاتية.
مثل هذا الهم المأساوي القاسي للغربة في العمل الدبلوماسي الذي استنزف زهرة العمر أوجزه الإعلامي الدبلوماسي المتفرغ حالياً للمحاماة بكلمات نارية وبنبرة متهدجة بالغة التأثير أبكتنا وأشجتنا حين أكد بأن الدبلوماسي العائد من رحلة الغربة لملازمة دكة التقاعد، لم يكن لديه إحساس بالغربة والكآبة أيام اغترابه مثلما هو على حال اليوم وأنه مجرد ضيف إقامته في وطنه مؤقتة.. لكن مثل هذا الشعور يمكن أن يتبدد فيما لو كان للدبلوماسيين القدامى نادٍ يجمع شملهم.. وما إن طرح الأستاذ الغزاوي اقتراحه حتى بادر صاحب الاثنينية بأخذ الاقتراح موضع الجد من خلال عرضه على سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل للموافقة على تأسيس النادي المقترح.. وما أحوج الوطن لأندية فئوية تشيل الغم وتفرِّج الهم.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :379  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 150 من 204
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.