شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
محمود حسن زيني باحثاً وأديباً وإنساناً (1)
بقلم: عاصم حمدان
أكتب اليوم ـ شيئاً من ذكرياتي عن قسم اللغة العربية بجامعة أم القرى بمناسبة احتفاء نصير الأدباء الصديق عبد المقصود خوجه وتكريمه لأستاذنا الدكتور محمود حسن زيني، وهي ذكريات تعود لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن، فقد كان القسم الذي جئنا نطلب العلم فيه مع بداية التسعينيات الهجرية يضم عدداً من الأسماء المعروفة في مجالات الفكر واللغة والأدب وكنا في مرحلة سابقة نقرأ ما يكتبون في الصحافة، أو نستمع لكلماتهم عبر المذياع، ومن تلك الأسماء التي أعطتنا خير ما عندها من علم ومعرفة: الشيخ علي بكر الكنوي ـ رحمه الله ـ.. وكان واحداً من رجالات العلم النابهين في حلقة شيخنا العلامة حسن المشاط ـ رحمه الله ـ وعدد من الدكاترة والأساتذة الكرام/مثل: حسن باجودة، محمود زيني، راشد بن راجح الشريف، عبد الحكيم حسان، ناصر الرشيد، عمر الطيب الساسي، جميل ظفر، عبد الصبور مرزوق، عليان الحازمي، مصطفى عبد الواحد، خليل عساكر، كمال أبو النجا، لطفي عبد البديع، عبد البصير حسين، ثم لحقهم بعلمه وفضله: صالح جمال بدوي، ومحمد الهدلق، ومحمد السديس، وعبد الله الجربوع، وغيرهم، وكان الزملاء: عبد الله باقازي، وضيف الله العتيبي، وحسين العواد، وطالع الحارثي وعبد الله الحسيني ـ رحمهما الله ـ ممن يعملون كمعيدين في القسم، وكان قسم الدراسات العليا قد بدأ في استقبال طلاب القسم وغيرهم ليؤهلهم للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه، وأخال الزملاء، محمد المريسي الحارثي، وعبد الله العمري ومحمد يعقوب تركستاني، وجميل محمود مغربي، وعبد الله المعطاني وغيرهم قد ضمتهم بعض فصول هذه الدراسة الأكاديمية العليا، وكان القسم يشبه خلية نحل وكنا والزملاء: سعيد السريحي وعثمان الصيني، وعالي القرشي وسعد الغامدي ودخيل الله أبو طويلة وحماد الثمالي وغيرهم، نتنافس للحصول على درجات الامتياز ولا نرضى بأقل منها، ولجيل اليوم فإنني أذكر للعبرة فقط بأنني كنت أقطع المسافة بين الجامعة وبين الدار التي كنا نسكنها في (الششة) على قدميّ وأتذكر أن الزميل (السريحي) قد قطع المسافة ـ يوماً ـ بين العزيزية والحجون على قدميه وكان والده ـ رحمه الله ـ يزورنا بين الحين والآخر وكان رجلاً متفتحاً وسمحاً، ويحفظ أشياء كثيرة عن تاريخ جدة الاجتماعي.
أعود لأستاذنا الدكتور (محمود) والذي كان يدرّس لنا مادة الأدب في العصر الأموي والإسلامي ثم تفرغ لمادة الأدب الإسلامي وكان ممن رعاها ونماها حتى استوت على سوقها.
وينتمي الدكتور محمود للأجيال الأولى من الأكاديميين الذين درسوا في المملكة المتحدة البريطانية، حيث درس في جامعة (سانت أندروز) باسكتلندا على يد واحد من أشهر أساتذة الأدب وهو البروفيسور العربي محمود الغول، بينما احتضن البروفيسور وليد عرفات في مدرسة الدراسات العربية والإفريقية بجامعة (لندن) أو ما كان يطلق عليه اختصاراً (سواس) أساتذتنا: حسن باجودة، ومنصور الحازمي، وحسن شاذلي فرهود، أما عبد الرحمن الشامخ فمع أنه عاصر عرفات ـ وقد أثنى عندي عليه كثيراً ـ فلقد كان تحت إشراف أستاذ آخر.
كما أفاد الدكتور (الجربوع) بصفة خاصة من عرفات مع أنه كان تحت إشراف مالدونالد في أدنبرة وممن درس على (عرفات) في تلك الفترة الدارس اليهودي للأدب العربي: س. موريه يزدحم حيث قدم أطروحته عن الأدب العربي الحديث، وقامت دار (بريل) بطباعتها سنة 1976م تحت اسم:
1800 - 1070
ARABIC POETRY
MODERN
وكذلك الناقدة سلمى خضراء الجيّوسي وكانت دراستها أشمل من دراسة (موريه) وهي عن التوجهات والتيارات في الأدب العربي وصدرت دراستها عن دار بريل كذلك سنة 1977م تحت عنوان:
ARABIC POETRY MENTS IN MODERN TRENDS AND MOVE
ولقد كانت دراسة أستاذنا الدكتور محمود عن كتاب جمهرة أشعار العرب المنسوبة رواية لأبي زيد محمد بن أبي الخطاب القرشي ويجنح بعض الباحثين. كما يذكر الدكتور عمر الدقاق في (مصادر التراث العربي) أنه توفي سنة 170هـ، أي إنه من الجيل الذي عاصر المفضل الضبي المتوفى سنة 168هـ، صاحب الكتاب المشهور في الشعر العربي (المفضليات)، ويبدو أن الجمهرة طبعت عدة طبعات ـ غير محققة وأقوَم هذه الطبعات وأشهرها طبعة بولاق عام 1308هـ.
ولهذا وجد الدكتور محمود أن هذا المصدر الأدبي والشعري العام بحاجة إلى عناية جديدة فأولاه جهده ورعايته، ولقد كان الباحثان (محمود الغول) ـ رحمه الله ـ ووليد عرفات ـ أمد الله في عمره ـ من أكثر المشرفين دقة في عملية التحقيق. ويشهد على ما أذهب إليه من رأي ذلك التحقيق الفريد الذي قام به (وليد عرفات) لديوان حسان بن ثابت ـ رضي الله ـ وقامت مؤسسة (جب) التذكارية بطباعته سنة 1971 في جزءين كاملين، مع دراسة باللغة الإنجليزية، واحتفظ بترجمتها العربية الصادرة عن دار صادر ببيروت، وخصوصاً فيما يتصل بدراسة النص والروايات والتخريج.
وتضم جزءاً مفصلاً عن الصحيح والمنحول في شعر حسان، (انظر: ديوان حسان بن ثابت، حققه وعلّق عليه، الدكتور وليد عرفات أستاذ الدراسات العربية والإسلامية بجامعة لانكستر) في جزءين:
الجزء الأول: (النص والروايات والتخريج، دار صادر ـ بيروت) ولقد حظينا برعاية الدكتور محمود ـ ونحن طلاب في قسم اللغة العربية ـ ولم يبخل علينا بهذه الرعاية أثناء دراستنا في خارج المملكة، وأذكر أنني قصدت منزله الذي كان يقوم بالقرب من مقر الجامعة القديم وطلبت منه توصية علمية، فقام بكتابتها بنفسه ولفت نظري أن خطه باللغة الإنجليزية لا يقل جودة عن خطه باللغة العربية، ولقد عمل في مراكز علمية متعددة ولم تشغله هذه المراكز عن المطالعة والدرس، والإنتاج العلمي المتواصل.
ولقد اشتغل هو وأستاذنا الدكتور حسن باجودة ـ بحفظ القرآن الكريم وتجويده، وكان والده ـ رحمه الله ـ من حفظة القرآن في مكة المكرمة، وكان زميلاً لإمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ عبد الله خياط ـ رحمه الله ـ، وكان الدكتور محمود يتعهد شيخنا (الخياط) بالزيارة والسؤال وفاء منه وبراً، وهو مع التزامه بالمنهج الإسلامي الوسطي والمعتدل، إلا أنه قريب من الناس على مختلف مشاربهم، ويسعى لمحادثتهم والتقرب منهم بأبوة حانية وأخوة صادقة، وفي كل مرة أقابل أبا رأفت ـ فإنني ألمح تلك الابتسامة التي ترتسم على محياه، وهي الابتسامة التي عهدتها منه في أيام الدرس وظل محافظاً عليها كبقية ذلك الجيل الذي شرفنا بأخذ العلم عنه في قاعات الدرس بكلية الشريعة بمكة المكرمة، وإن في تكريم الأستاذ عبد المقصود لأستاذنا الدكتور محمود، اعترافاً بجهوده العلمية والفكرية والأدبية وتقديراً لتلك المنزلة التي تبوأها بين الأجيال المتلاحقة، ولئن حالت الظروف بيني وبين حضور حفل التكريم فإن هذه السطور هي هدية متواضعة من التلميذ لأستاذه، ومن المريد لشيخه، وتلويحة صادقة لأبي محمد سعيد.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :431  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 133 من 204
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور عبد الكريم محمود الخطيب

له أكثر من ثلاثين مؤلفاً، في التاريخ والأدب والقصة.