شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((الاثنينية وتكريم العلماء)) (1)
بقلم: عبد الله فراج الشريف
إن تكريم العلماء بمختلف صنوفهم في اثنينية الأستاذ عبد المقصود خوجه له طعم خاص، لا يتذوقه إلا من خبرها، وعلم ما يبذل فيها من جهد للاختيار الموفق، ذلك أن العلم دينياً كان أم دنيوياً هو الناهض بالحياة المطور لها، وجهود العلماء هي التي تبني حياة لأوطان سعيدة، وأمتنا العربية والإسلامية في أمس الحاجة في هذا العصر للعلماء النابهين، الذين يكتشفون أسرار الحياة، ويودعونها خلاصة فكرهم ومجهودهم العقلي الفاعل، وكثر هم علماء الشريعة الذين كرمتهم الاثنينية على مدى عشرين عاماً من عمرها المديد بإذن الله، وفي مساء يوم 8/8/1423هـ كرمت الاثنينية علماً من أعلام العلماء الفقهاء هو الدكتور محمد بن الهادي أبو الأجفان، أستاذ الدراسات العليا بجامعة أم القرى، وبجامعته الأصل ((الزيتونة))، وهو رجل فذ ذو همة ناهضة حققت له أن يحصل على الدرجتين العلميتين ((الماجستير)) و ((الدكتوراه)) مرتين، وأن ينصرف إلى التدريس الجامعي والبحث والتأليف في آن، في زمن قل فيه أن يشتغل الأساتذة الأكاديميون العرب في جامعاتهم بالبحث والتأليف، وهم ينصرفون عن التدريس في غالب الأحيان بالبحث عن إعارات لجهات كثيرة في القطاع العام أو الخاص لا تعنى أساساً بعلم أو بحث، ومن يبقى منهم داخل أسوار الجامعة يكتفي بإلقاء المحاضرات، التي يظل يكررها على مدى السنين ولا يطورها، وقلة منهم من ذوي العزيمة والهمة هم الذين يتصدون للبحث والتأليف في مجال تخصصاتهم، وعالمنا الفذ الشيخ أبو الأجفان في مدى ليس بالطويل أثرى المكتبة العربية بمائة وعشرين كتاباً، بعضها كتب من التراث الفقهي المالكي حققها وكشف أسرارها، وكتب أخرى ألفَّها في مجال تخصصه وهو الفقه وأصوله، وقد عطر مساء الاثنينية. وهو يقدم إليها وفي ركابه بعض زملائه ومحبيه، الذين تفرَّد منهم علم بالحديث عنه وأجاد، وجعل الأسماع تصغي إليه، وبهر بحسن عبارته وبلاغتها وإلمامه بمسيرة صاحبه، واكتشاف أهم مراحلها، وهو الدكتور حسن الوراكلي ـ زاده الله علماً وفضلاً ـ الذي كان لحديثه بالغ الأثر في الحاضرين، وقد كان للدكتور محمد عبده يماني الأديب والمفكر والوزير السابق حضوره في الأمسية رغم غيابه عنها جسداً، عبر كلمة ألقاها بالنيابة عنه الشيخ محمد بدر الدين جاد، ولا أدري أكانت الكلمات التي ألقاها هي كلمات الدكتور الغائب الحاضر دوماً في الاثنينية، المحب لها المساهم في جهودها بالرأي الحصيف والسديد، أم فكرة صاغ ألفاظها من ألقاها بالنيابة عنه، وقد لاحظت وأرجو ألا يغضب ذلك أحد، أن المتحدثين عن الضيف العزيز لم يتحدثوا عنه وعن جهوده العلمية إلا بما سمعنا عنه في ترجمة سردها عريف الحفل علينا، الذي كان هذه المرة أكاديمياً هو الدكتور يوسف حسن العارف، وإن سمعنا من بعضهم ديباجات أدبية لم تفلح في أن تعرفنا بالمحتفى به أكثر مما عرفناه عنه في البداية، مما دعى عميد الاثنينية وصاحبها الأستاذ عبد المقصود خوجه إلى توجيه ملاحظة إلى المتحدثين في الاثنينية بأن يتناولوا جوانب من سيرة المحتفى به وجهوده العلمية تضيف جديداً لما قيل عنه في البدء، وهنا نود أن نقترح أن يكون المتحدثون عن المحتفى به من العالمين بسيرته وجهوده العلمية والفكرية والأدبية، المطلعين على نتاجه، وأن ينسق بينهم بحيث يتحدث كل منهم عن محور لم يتحدث عنه الآخر، مما سيضطرهم إلى إعداد جيد لما سيقولونه على رواد الاثنينية وجمهور حضورها، وأن يقل عددهم حتى يمكن أن يعطى كل منهم فسحة من الوقت يتحدث فيها عن المحتفى به ويضيف إلى ما قيل جديداً، فهذا خير من الاستجابة لكل من أراد أن يتحدث عن المحتفى به مجاملة له، وإن لم يطلع على جهوده وسيرته، مما يجعله يستخدم موهبته في إلقاء وعظية كانت أم أدبية، والحق أقول إن المحتفى به في هذه الأمسية عبر جهوده العلمية الباهرة، وما تحدث عنه في كلمته التي ألقاها في حفل التكريم، وما أجاب به عن الأسئلة التي وجهت إليه، يعتبر فذاً بين علماء عصرنا هذا الذي نحيا فيه، وكنت متلهفاً لسماع الكثير عن جهوده العلمية وملامح فكره، وما ينهض به من جهد موفق نحو تراث علمي عريق في مذهب الإمام مالك إمام دار الهجرة ـ رحمه الله ورضي عنه ـ ولكن المتحدثين ـ عفا الله عنهم ـ فوَّتوا الفرصة عليّ أن أنهل من معين هذا العالم الفذ، وما قام به من جهود مخلصة لخدمة العلم الشرعي، وقد عهدنا الاثنينية دوماً حريصة على التنظيم، الذي يؤدي في النهاية إلى حضور فاعل للمحتفى به ولتحاور النخبة معه، وحين ازدحام المتحدثين تفوت فرصة التحاور والإصغاء إلى المحتفى به وهو يتحدث عن سيرته وجهوده، مما يتيح لنا معرفة أكثر عمقاً به وبجهوده، ولا يسعني في هذه الكلمة القصيرة إلا أن أتوجه لصاحب الاثنينية ومنشئها الوجيه الأديب الأستاذ عبد المقصود خوجه بالشكر والعرفان بما يقدمه للساحة الثقافية من جهد مميز وفاعل، وأن أثني صادقاً على جهد المحتفى به الشيخ الدكتور محمد أبو الأجفان العلمي الثري والرائع وأن أرجو له مزيداً من العمل لإحياء تراث علمي مزدهر، بعضه لم يكتشف بعد، وأن أرجو منه أن يعالج قضايا عصرنا عبر مؤلفاته وفَّقه الله وسدَّد خطاه.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :368  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 126 من 204
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.