شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تسويق المنتجات الصناعية
نحمد الله على أن الصورة في حياتنا الاقتصادية وفي مجتمعنا على اختلاف طبقاته وطوائفه، قد استطاعت خطط التنمية أن تغيرها، نوعاً من التغيير جعلها أقرب إلى مستويات حضارية، لم نكن نحلم بها منذ عشرين أو خمس وعشرين سنة.
ومن هذا التغيير، الاتجاه إلى الصناعة والتصنيع بحيث أصبحنا قادرين على صناعة كثير من المنتجات التي كانت وربما لا تزال تستورد ولكن بانخفاض نسبي في الكميات والنوعيات على الأقل.
وليست من رجال الصناعة، ولا من رجال التصدير والاستيراد، ومعلوماتي فيها الكثير من الاضطراب لأنها مستمدة مما يقال - وهو كثير - ومما يكتب في الصحف. ولكن الذي أسمعه أن عدد المصانع في المملكة قد بلغ الألف أو أكثر وأن منتجات هذه المصانع تسوق في الداخل وقد تصدر إلى الخارج، والألف مصنع هذه لا تدخل فيها مصانع الجبيل وينبع من البتروكيماويات وغيرها ومصانع سابك ومنها الحديد والصلب. ولكن يدخل في الألف صناعة هذه صناعة الإسمنت التي بلغ عدد مصانعها ثمانية مصانع. ولا أدري شيئاً عن كمية الإنتاج شهرياً أو سنوياً، ولكن الذي أدري عنه ويستوقفني، بل ويدهشني أيضاً، هو أن الباب لا يزال مفتوحاً لاستيراد كميات هائلة من هذا الإسمنت على مدار العام.
ربما كانت حركة العمران التي أفرزتها خطط التنمية أو هي فترة الطفرة قد استلزمت فتح باب الاستيراد لهذه المادة، ولكننا نعلم أن حركة العمران هذه قد أخذت تنكمش وتتراجع كثيراً في جميع مناطق المملكة، ومع ذلك فحركة استيراد الإسمنت من الخارج لا تزال مستمرة إلى الحد الذي يقال إنه أثر على تسويق الإسمنت المصنوع في المملكة في الداخل إلى حد كبير.
لا أدري مدى صحة هذه المقولة، ولكني أذكر أن القاعدة عندنا هي حرية التجارة استيراداً وتصديراً. والغرض هو التخفف على المستهلك والهبوط بالأسعار كنتيجة لوفرة العرض، وقد لا يتاح الخروج على هذه القاعدة ولكن قد يحسن أن لا ننسَ أن مصانع الإسمنت الثمانية قد استوعبت رؤوس أموال ضخمة من جهة والمفروض أنها تستوعب حجماً للعمالة المستقدمة التي تستهلك أجوراً طائلة من جهة أخرى، ومن الطبيعي أن يتوقع المساهمون في شركات الإسمنت ربحاً في كل سنة. والمفهوم الآن هو ضعفُ التسويق في الداخل فضلاً عن التصدير إلى الخارج، لأن الإسمنت المستورد ينافس الإسمنت المصنوع في المملكة بأسعاره المتردية رغم نفقات الشحن والتفريغ من بلدان مثل كوريا وأسبانيا وغيرهما. وبهذا أصبح توقع المواطن المساهم للربح ضئيلاً إلى أبعد حد.
أعتقد أن قاعدة حرية التجارة في وضع كهذا يمكن أن يعاد فيها النظر بما يتفق ومصلحة رؤوس الأموال الضخمة ومصلحة ألوف المساهمين الذين يتوقعون الربح ويستحقونه طبعاً، كما تستحق الصناعة المحلية التنظيم الذي يحقق انتعاشها. ومن هذا التنظيم الحد من الاستيراد أو منعه لفترات محددة بالنسبة للمنتجات المحلية التي تعاني من التسويق أو من منافسة المستورد مع عدم الإضرار بمصلحة المستهلك أو التأثير على ميزانيته وهو ما تتوخاه قاعدة حرية التجارة بالطبع.
* * *
أحسنت الأربعاء عندما نقلت ما سمَّته ((أغرب الأفكار إزاء متابعة الصحفيين واهتماماتهم بما أقوله)). وخصيصة الإحسان هذه، في أنها أخرت نشر الفكرة التي بعثتُها إليها، ولا تخلو من غرابة. وكأنها تعطيني فرصة ألاحق بها هذه الفكرة تعقيباً على ما سماه صديقي الكبير الأستاذ محمد حسين زيدان، (كَشُّ التراب بين الأنداد).
والصديق الأستاذ محمد حسين زيدان صديقُ عمر، بدأ عندما كنا معاً في أفياء المدرسة الراقية الهاشمية، حيث كنت أدبُّ في القسم التحضيري وكان هو يتبختر ويتيه على أقرانه جميعاً بذكائه ونبوغه في القسم الذي يسمى أيامها ((الراقية)). وما أكثر ما جمعتنا الأيام والليالي بعد ذلك، وما أكثر ما أتيح لكل منا أن يفهم الآخر فهم الصديق للصديق والنفس للنفس.
قرأت ما نشرته جريدة الندوة للأستاذ محمد حسين زيدان لما كتبه سمير خوجه بكة وملأ به ما يقرب من عمودين أو أكثر من تعليقات وإجابات الأستاذ الزيدان، التي يتفق معي الأستاذ ومعه فريق من القراء أيضاً أنه تلقى من المدعو سمير خوجه بكة هذا كلاماً بعث في نفسه شيئاً من الانفعال، الذي حاول مخلصاً أن يغلِّفه بالكثير من غيوم تَحجُبُه.
وليصدقني الأستاذ محمد حسين زيدان أني لا أتذكر الآن ماذا قلت عن عدم حضوري لسماع محاضرته في نادي جدة الثقافي الأدبي عن المرحوم الصديق الأستاذ ضياء الدين رجب. ولكني أحتفظ بمجمل للفكرة، وهي أني لم أحضر لسماع المحاضرة لأني كنت ولا أزال أعاني من زكام وتوابعه الكثيرة التي ألزمتني البيت والفراش أياماً، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، خشيت أن أجد فيما يفضي به الأستاذ الزيدان عن الأديب الراحل ضياء الدين رجب، ما لا يتفق مع الوقار الذي أضفاه على الراحل منصِبُه في القضاء ثم عمله المتواصل، إلى أن توفي كمستشار قضائي. والأستاذ زيدان معي طبعاً في الأخذ بمقولة (اذكروا محاسن موتاكم) وأنا لا أشك في أنه كان لا بد أن يتجنب ما دار بذهني ولكن لم أنس أنه صاحب الكلمة المجنحة التي تشتعل في ذهنه فلا يملك إلا أن يترك لها إشعاعها يملأ آذان السامعين.
أظن أنه ليس في هذا شيء يمس صديقي الكبير أو أسلوبه أو يصل إلى حد أن يجد نفسه مضطراً لالتماس الأعذار والغفران احتراماً (للأم العظيمة والأسرة الكريمة) كما قال.
المشكلة التي أريد أن يعلم عنها رؤساء التحرير في صحفنا، أن هؤلاء الشبان من أمثال سمير خوجه بكة لا يجدون ما يمنع أن ينقلوا ما يسمعون أو ما يخيل إليهم أحياناً أنهم سمعوه دون أن يفهموا خلفياته. وأن يسمح بنشره رئيس التحرير دون تحسب لما يمكن أن يتسبب فيه النشر من عملية (كش التراب بين الأنداد) التي ذكرها وذكرني بها صديقي الأستاذ زيدان.
وبعد، فأرجو أن يعلم الأستاذ سمير خوجه بكة، وأمثاله عن المنتشرين ولاقطي العبث، من هنا وهناك، بغرض أداء الواجب للصحيفة التي ينتسبون إليها، أننا في مرحلة من العمر، لم يبق فيها ما يسمح بالإغضاء من عبث الصبية، وأن يعلم رؤساء التحرير، وهم في نفس المرحلة من عمرنا تقريباً أن من حقنا أن يحسب لنا في التقدير بعض الحساب.
* * *
خطرت لي فكرة لا تخلو من شيء من الشذوذ أو الغرابة وهي: أن أضع على صدري أو جبهتي ورقة أكتب عليها (ليس كل ما أقوله قابل للنقل والنشر أو التعليق). وكما يرى القارىء فالفكرة مع شذوذها أو غرابتها يمكن أن تضع حداً لحركة اصطياد أي كلمة أو رأي أبديه أو يبديه غيري مقصوداً أحياناً وعفوياً أحياناً أخرى.
قال أحد من سمع هذا الرأي عندي... إنها الشهرة التي تتمتع بها، فتغري من يسمعك تتحدث بأن يلتقط من الحديث ما يصلح أن يزود به هذه الجريدة أو تلك من جرائدنا التي أصبحت مضطرة لملء فراغ الصفحات الكثيرة التي تزيد على العشرين، ومع أن التعليل فيه إغراء بالرضى والامتنان، فإن ما ينقل من أقوالي لا يستحق أن ينقل من جهة، ويندر أن يقال مقصوداً أو مدروساً من جهة أخرى.
على أية حال، مشكلة اللافتة التي أفكر في تعليقها على صدري أو جبهتي تنحصر في أني أبحث الآن عن خطاط جيد وورق ملائم يطاوع حركة التعليق على الصدر أو اللصق على الجبهة.
وبعد فلا يسعني إلا أن أقول: كان الله في عون رؤساء التحرير، الذين أعلم كم يعانون من تصرفات المحررين والمخبرين الذين لا أحسدهم في قدرتهم العنكبوتية على الانتشار والتواجد في كل مكان.
* * *
الأستاذ نجيب محفوظ واحد من هذه القمم الشامخة في الأدب العربي، والتي كانت الرواية والقصة سبيل شموخها، أو إجماع القراء، أدباء وغير أدباء على الإعجاب به ككاتب رواية ملأ الحياة الفكرية في مصر وفي العالم العربي بعطائه المتواصل، والذي خرج من دفتي الكتاب، إلى خشبة المسرح وشاشة السينما ثم التلفزيون.
وقد لا يعرف القراء أو على الأقل ((الأستاذ محمد عبد الحميد مشخص)) الذي علق على ما قلته عن نجيب محفوظ في عدد الأربعاء الأسبوعي في جريدة المدينة المنورة الصادر في 13 ربيع الأول 1408هـ أني واحد من أوائل الذين تلقفوا قصص نجيب محفوظ في بواكيرها الأولى وذلك لأني مشغوف دائماً بأن أرى في أدبنا العربي كاتب القصة بأجناسها المختلفة - والرواية في مقدمة هذه الأجناس - الذي يجد موقعه بين أولئك الذين أدمنْتُ قراءةَ رواياتهم وأعمالهم من كبار وأعلام كتاب الرواية والقصة في الأدب العالمي.
ولعلّي قلت دائماً إن الأستاذ نجيب محفوظ كاتب قصص رائعة جداً ولكن لا يزال بينها وبين مستوى تلك القصص التي أدمنْتُ ولا أزال أدمن قراءتها إمداء طويلة.
وهذا لا يعني بطبيعة الحال أني أهبط بقيمة العمل الفني الذي قدمه ولا يزال يتحفنا به الأستاذ نجيب محفوظ.
وكان مما قلته - منذ سنوات - إنه كاميرا رائعة القدرة على تصوير ما ينعكس على شاشة الفيلم من الصور والمرائي، وشاشة الفيلم هنا هي (ذهن الكاتب) وموهبته وقدرته الرائعة فعلاً على أن يعطي القارىء الصورة التي سجلتها هذه الكاميرا في ذهنه فيعكسها على الورق ويقدمها إلى القرّاء.
وعندما أقول (كاميرا رائعة أو قوية)، فإني أعني أن هناك كثيرين من كتاب القصص الذين لا يمكن أن يوصفوا بهذا الوصف، لأنهم يعجزون في الواقع عن تصوير ما تقع عليه عين الكاميرا من دقائق ونمانم وتفاصيل، هي خصيصة الكاميرات المتطورة التي لا أريد أن أذكر أنواعها لأني لا أحبذ أن أكون معلناً لهذه الأنواع.
ومن وجهة نظري. ليس مما يعيب أو ينقص من قدر نجيب محفوظ أن أصف موهبته بأنها هذه الكاميرا، ولكن إحساسي الشخصي أن كاتب الرواية يمكن أن تكون له لقطاته ومشاهده من واقع الحياة التي يعايشها والأجواء التي يحلّق فيها أو الأنفاق التي ينغمس في مساربها، ولكن لا بد أن أجد في هذه المشاهد واللقطات مشاعر الفنان ومواقفه وقدرته على الإيغال في الأعماق البعيدة غير المرئية من العمل الفني.
كثير من أعمال الأستاذ نجيب محفوظ نُقل إلى لغات أخرى وقد يأتي يوم ليس بعيداً تصل فيه بعض أعماله إلى مستوى الأدب العالمي الذي يهمني شخصياً أن يصل إليه الكاتب العربي كما وصلت إلينا أعمال أولئك العباقرة الذين قلت إني أدمنت ولا أزال أدمن قراءتهم وأرى أي مستوى قد بلغوه.
ولا أدري ماذا يقصد الأستاذ محمد عبد الحميد مشخص بقوله: (أما مسألة العالمية فقد مللنا في الواقع منها)... كيف يمكن أن يمل المثقفون روائع الأدب العالمي وهي ما زالت ركائز الثقافة المتطورة في حياتنا الفكرية، بل في حياة كل مثقف يدب على هذه الأرض.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :617  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 116 من 207
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاثنينية - إصدار خاص بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها

[الجزء السابع - الكشاف الصحفي لحفلات التكريم: 2007]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج