الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

حول القصيم

ـ قبل زمن غير بعيد.. سمعت حديث سمو الأمير فهد بن عبد العزيز.. وقد جاء فيه أن إنتاج القمح لدينا قد بلغ أربعمائة ألف طن.

وحين سمعت هذا الخبر وجدتني أزف نفسي فرحاً بهذه الوفرة من الإِنتاج راجياً أن يزداد. فما دامت الخطوات الأولى قد صنعت لنا ذلك فإن ما يأتي بعد سنجني منه الكثير حنطة ولا ننسَ تمراً.

ثم تذكرت القصيم حول وادي ((الرمة)) وقد سبق لي أن سميت القصيم ((أوكرانيا)) جزيرة العرب.. فأوكرانيا.. قبل أن يتوافر القمح من أمريكا وأستراليا وكندا كانت هي المنبت للقمح الوفير.

إن القصيم، ذكرته مرتين.. فالأولى كانت يوم خرج فخري باشا من المدينة وتسلم السلطان فيها حكم الأشراف.. تحت سلطان الحسين بن علي يرحمه الله، شاهدت الجمال السود والعدول السود تأتي سريعاً من القصيم تحمل الحنطة بأنواعها ((اللقيمي.. والمعية.. والحنطة)) فإذا المدينة تشبع بعد جوع، حتى إن بقية الدقيق ((الفينو)) الذي يرد إلى المدينة من ينبع قد رخص ثمنه إلى حد أن خسر جالبوه، وكان أبي أحد الذين خسروا حين اغتنت المدينة بحنطة القصيم..

وأهل المدينة يعشقون القمح. ((فاللقيمي)) و ((شيشه)).. جريش.. ((شوربة رمضان)) والمعية ((للفطير)). فهي ذات عرق، حتى إن أهل مكة كانوا يقولون: أهل المدينة حراريف في الرق ((أي الفطير)) المطبق.. والمشلتت.. مع أن الحرافة والجودة كانت من ((المعية)) نفسها، وهي من نبت القصيم.. ونبت المدينة أيضاً على حد سواء.. لا فرق بينهما.. لوناً وطعماً وصنعة..

ولكن الدقيق ((الفينو)) ألغى الفطير من ((المعية)) فغاب الصانع الجيد واحترف الفتح الفطير.. الكثير والكثير ((أَهْلُه سيبوه والجن استلقوه)).

وأما الحنطة ((فللخمير))..

وكثر قمح القصيم في المدينة..وما أكثر التمر الذي وصل والسمن والأقط.. كأنما القصيم قد ((أمرع)) ليغيث المدينة.. أو أنه اختزن ليغيثها..

والمرة الثانية لحنطة القصيم.. كان فيها عون لمكة وللحكومة، لأن عبد الله الجفالي وعبد الله السليمان قد اشتريا كل هذا الوارد وحولوا الباعة.. بالقيمة المستحقة إلى إحدى الماليات التي أسست في المنطقة الشرقية.

كان ذلك العون كبيراً.. له تاريخ في التاريخ.

ولا أريد أن أنسى ((حنطة الظفير)) فرغم وجود القمح الكندي أيام الحرب العالمية كانت حنطة الظفير تملأ الطائف.. والحنطة الكندية من التموين المقرر تباع بثمن مناسب.. وحنطة الظفير أغنتنا من غيرها. وهي نوعان: ((اللقيمي - والحنطة)) ويعني ذلك أنه ليس في الظفير ((المعية)).

واللقيمي يسمونه النقرة.. وهما كما هما في القصيم.. من حيث الاستعمال..

ولا أنسى حدثاً طريفاً له معناه في منطقة الخرج. فقد زرعنا في ((خفس دغره)) الحنطة وحصدها المسؤول عن الخفس.. الأخ إبراهيم الحبودل وزرع مكان تلك الحنطة.. الذرة.. وحين حصدنا الذرة.. وجدنا كميات من الحنطة قد نبتت تحت الذرة، مع أن الذرة زراعة صيفية، والقمح زراعة شتوية خريفية، ولكن الذرة حين تكاثفت صنعت بيئة باردة نبتت في ظلها الحنطة، ويعني ذلك أن هذا النبات من الحنطة الخلفة قد ارتفع سوقه وجنينا منه اربعين كيساً من الحنطة الجيدة. وتلك تكنولوجيا صنعتها الذرة ولم نصنعها نحن..

وأخيراً فالرجاء أن يكثر القمح إلى أكثر من (600،000) طن إذا ما اعتزم الرجال.. وإذا ما أخلص الرجال.