شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
المدينة والحضارة
ـ وابتدأ الإِنسان أن يكون مدنياً وحضارياً فيما بعد من ضغط الحاجة فحاجته إلى التجمع والمسكن والمأكل والأمن من الخوف دعته إلى أن يكون في جماعة كانت تسمى القبيلة في قرية من ((مدر)) أو في فريق من بيوت الشعر ولكن الوسيلة الأولى في تحقيق ما تدعو إليه الحاجة لا يأتي بها الطلب إلحاحاً للحصول على ما يحتاج وإنما كل العطاء بتحقيق الحاجة وإنشاء المدينة وبناء الحضارة لم يكن إلا بالشيئين الخيال أولاً والعلم ثانياً فالخيال يسرع بالإِنسان إلى العلم.. والعلم يسرع بالإِنسان إلى التفوق فلا قوام لأي شيء في الحياة يعطي للإنسان بناء وعمداناً وإقامة دولة وإرساء حضارة إلا بالخيال فالبداوة قليلة الخيال ولا أقول إنها تعيش العدم منه وإنما العدم للخيال وقتله لن يكون إلا بسقوط الإِنسان في هاوية المأساة تشغله عن التفكير والتخيل فالمأساة موت بطيء للخيال في الإِنسان الواحد أو في الجماعة أما الكارثة وإن هدمت بعض ما ملك الإِنسان أو كل ما ملك فإنها تعود به إلى أن يتخيل الجديد ليبني الجديد.
إن الخيال تصور يضع أمام الذهن والفكر والعقل والعاطفة صوراً شتى لما ينبغي أن يصنعه الإِنسان..
قالوا إن الدبابة قد صنعها المهندسون من خيال تشرشل فقد تخيل ونستون هذا السلاح في الحرب العالمية الأولى يحارب المأساة يتجنب الكارثة.
وقالوا فيما يروون عن ((أديسون)) صاحب الألف اختراع أو هو كما زعم، صاحب الألف اكتشاف لأن كل ما صنع أديسون كان من إلهام الخيال وكان موجوداً في طبيعة الكون، فالخيال فتح له طريق الاكتشاف ليصنع فقد قال مرة إن التفكير في الاختراع سهل وإبراز الاختراع قد يكون من السهل لكن تعميم النفع بالاختراع هو الصعب وقد أتعبه المصباح الكهربائي فحين صنعه أنار لكن بأي الأسلاك يصنعه.. بأسلاك من الذهب.. من الفضة.. من أنواع مرتفعة الثمن فيكون النفع للأباطرة والأثرياء ويحرم الآخرون حتى قالوا إنه استعمل أكثر من ألف نوع من الأسلاك ليكون المصباح الكهربائي نوراً في بيت الإمبراطور وفي الوقت نفسه نوراً في أي قرية في أي كوخ.. عند أسرة أي عامل أو فلاح.
إن مجد إديسون لم يكن في هذه الوفرة من الاختراعات وإنما في ذلك الخيال الواسع في تلك الرغبة التي حدد فيها معنى الانتفاع بالاختراع وقوة الاندفاع لتعميم هذا النفع..
فالعربي اليوم لا أقول إنه فقد الخيال وإنما كانت الحصيلة ضئيلة فعليه أن يتفقده ليكثر لديه ليخرج من مدنية البداوة إلى تفوق الحضارة.. إن أديسون قد سجل على علماء الشرق في العصر القديم سواء أكان علم الكهنوت أو علم الكهنة الكتم والإِخفاء لما وصلوا إليه يوم كان الخيال لديهم عظيماً فلم ترث حضارة الشرق إلا ما قام ماثلاً في بناء أما كيف بنى.. كيف حنطت الموميات، من أي مادة صنعت الأصباغ؟ كيف صنع من قشر السمك والحوت صباغ الأرجوان؟ كل ذلك كان سراً فحرمنا منه.. إن إبرة البنسلين التي عولج بها تشرشل في الدار البيضاء لم تمض أيام حتى عولجت بها بدوية في الطائف.. فالشرق حين كتم حرم والغرب حين أذاع أصبح السيد.. وهناك كلمة عن الخيال كأنها تجمع كل ما كتبت فقد قالوا لـ (والت ديزني) إن مدينتك قد وصلت إلى الكمال لا شيء بعد ذلك تفكر فيه فقال ليس هناك شيء كامل ما دام هناك خيال.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :629  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 549 من 1092
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج