شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

الرئيسية > كتاب الاثنينية > حصاد الغربة > كلمة موجزة عن شاعر متميز مقدمة بقلم معالي الشيخ الشاعر الكبير محمد حسن فقي
 
كلمة موجزة عن شاعر متميّز
بقلم: معالي الشيخ الشاعِر الكبير الأستاذ محمّد حسَن فقي
قال لي صاحبي وهو يحاورني: أسمعت بالدكتور زاهد محمد زهدي؟ وهل قرأت بعضاً من شعره؟
قلت: نعم أيها الصديق. لقد قرأت شعر هذا الشاعر العراقي المغترب الجريح الذي ترك بلاده إلى بلادنا شأنه شأن الكثيرين الذين هاجروا إلى العديد من البلدان العربية والغربية للخلاص من بطش الحاكم الدموي الرهيب صدام حسين.. لا أقال الله من عثاره.
لقد تحكَّم هذا الرجل بأرواح العراقيين ومشاعرهم فاعتبرهم مجرد أصداء لشهواته ورغائبه ومطامحه الشيطانية المقيتة. كما تحكَّم في أموالهم وأعراضهم فاضطرهم إلى النزوح واختيار الغربة والشتات بدل الإِقامة في بلد يتحكَّم في مصائره هذا الحاكم الأهوج.
ومن هو أولى من المثقفين، شعراء وأدباء وعلماء وفلاسفة وفنانين، بالتشبث بكراماتهم ومواهبهم وملكاتهم من أن يُحاق بها.
أواه يا صديقي على العراق الحبيب من هذا الطاغية... أواه على دجلة والفرات والنخيل... وعلى رجالات العراق البارزين المتميزين.. وعلى تلك الأرض العربية الطيبة الأبية... على بغداد عاصمة الثقافة والعرفان، عاصمة الشموخ والإِباء. لقد كانت في يوم من الأيام عاصمة الدنيا كلها شرقها وغربها، وكان أباطرة العالم كله يهابونها ويجاملونها ويؤمونها خاضعين لها. كانت قوة وبأساً... قوية الأفكار والمشاعر، قوية في العزم والمكارم وظلَّّت لؤلؤة في جيد العالم العربي والإِسلامي ينهل الناس من علومها ومعارفها حتى ابتلاها الله بحكَّام لا تهمهم إلاَّ أمجادهم الشخصية ولو قامت على تلال من الجثث.
لقد غَيَّروا فن معالمها وأساؤا إلى سمعتها وجعلوا الناس يتخوَّفون منها بعد أن كانوا يحبُّون ويمجِّدون.
ولقد كان (صدام حسين) شرّ هؤلاء الحكَّام، فلقد تبلورت في شخصه كل شرور مَن سبقه من الحكَّام الطغاة من أجانب وأقربين. ولم يقتصر ظلمه وطغيانه على العراق وحده، لكنه امتد إلى كل البلدان العربية والإِسلامية بل للإِنسانية كلها بما فعلته مآسيه ومجازره في إيران الإِسلامية، ثم في الكويت الشقيق، وما عَمَّ العالم كله فزعزع اقتصاده وزلزل من أمنه وأراق من دمائه ما لم يفعله طاغية من قبل.
ورأيت الدمع يترقرق من مآقي الصديق فواسيته وأنا في مثل حاله أو أشد نكراً. وقلت له: يا صديقي دعنا من صدام ومآسي صدام، فإن الحديث فيها ليطول ويدمي، أخزاه الله وأدنى مصرعه لتقر بهذا عيونٌ وتُسَرّ قلوبٌ لا عداد لها ولا حصر. ولنقل كلمةً في شاعرنا الدكتور زاهد محمد زهدي.
والحق الذي يجب أن يقال في شعره أنَّ شعره متميِّزٌ وذو أصالة، وهو يحذو حذو الأوائل من شعراء العراق الكبار أمثال الزهاوي والرصافي والجواهري وأمثالهم من الأقدمين والشباب والبياتي ونظائرهم من المحدثين، فهو شاعر تراثي مجيد ولا ريب.
ثم إن الدكتور زاهد لا يترخَّص في شعره ولا يتبذَّل، بل هو شديـد الاعتـزاز بكرامته وبرسالة الشعر الذي يهدف أول ما يهدف إلى الغوص في أعمق أعماق النفس البشرية ليستخرج -ما دام من الموهوبين- أغلى النفائس الفكرية والشعرية ثم يصوغ هذه النفائس في أسلوب عربيٍّ مكين لا تعروه عجمةٌ ولا لوثة، ويقدِّمه إلى الناس ليشاركوه فيما يفكِّر به ويحسّ.
لقد قرأت من شعره منشوراً في الصحف ثم تفضَّل وأمدَّني بجزء كبير منه قضيت في قراءته أماسِيَ حلوةً ممتعةً ولو أنني شئت أن أضرب الأمثال من شعره لكتبت صحائف وصحائف تدلِّل كلها على أنَّ من يقرأ شعره لا يملك إلاَّ أن يقول: هذا هو الشعر.
وقبل أن أختم كلمتي هذه الموجزة عن الشاعر المجيد الدكتور زاهد محمد زهدي لا يسعني إلاَّ الإِعجاب الكبير برقَّة مشاعره ورهافة أحاسيسه؛ ولقد أراد الله أن يكرمه فاختار إلى جواره ابنه (بختيار زاهد محمد) مما تصدَّعَتْ له أركان نفسه فبكاه أحرّ بكاءٍ ورثاه أجمل رثاءٍ يدلّ على أبوةٍ رحيمةٍ حانيةٍ.. لكنه استسلم لقضاء الله سبحانه وأذعن له محتسباً صابراً ورسم مرثيته لابنه الحبيب بـ (هلا أيها الحزن المهيب)، فليرحمه الله بواسع رحمته ويسبغ على أبيه مضاعفاً من الصبر والعزاء والسلوان.
بورك الشاعر الزاهد، وبورك شعره القوي الرقيق. واعتقادنـا أنَّ ديوانه متى صدر، فإنه سيسدّ فراغاً في المكتبة الشعرية العربية وحسبه هذا فخراً واعتزازاً.
• • •
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1068  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 5 من 146
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

وحي الصحراء

[صفحة من الأدب العصري في الحجاز: 1983]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج